قدم محمد مبديع، الوزير السابق ورئيس جماعة الفقيه بنصالح لثلاثة عقود، دفاعه أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، خلال جلسة محاكمته المنعقدة اليوم الجمعة، في إطار ملف ثقيل يتعلق بشبهة تبديد أموال عمومية والاختلالات المفترضة في تدبير صفقات جماعية.
مبديع، الذي يوجد رهن الاعتقال الاحتياطي منذ أشهر، شدد منذ بداية مداخلته على أنه لم يتوصل يوما، خلال السنوات التي قضاها على رأس الجماعة، بأي شكاية أو استفسار يتعلق بطريقة إسناد الصفقات أو تدبيرها، مؤكدا أن المساطر كانت تنجز وفق القوانين الجاري بها العمل، وتحت إشراف مصالح تقنية ومكاتب دراسات مختصة.
وتوقف الوزير السابق عند الصفقة رقم 5/2006 الخاصة بالدراسات التقنية وتتبع الأشغال، والتي أثارها تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، موضحا أن الجماعة نفسها كانت قد طالبت بفسخ هذه الصفقة، لكن وزارة الداخلية عبر ولاية الجهة رفضت ذلك.
وأضاف أن الوالي طلب منه إيجاد صيغة عملية لتجاوز العراقيل المرتبطة بتدبير مشاريع الطرق التي كانت في طور الإنجاز، ما دفع إلى إعداد ملحق للصفقة تمت المصادقة عليه رسميا.
وأكد مبديع أن تقرير المفتشية لم يشر إطلاقا إلى هذا الملحق المصادق عليه، ليبني استنتاجه على أن الجماعة أبرمت صفقات بدون سند قانوني، وهو ما اعتبره “افتراضا غير صحيح” حسب قوله.
وشدد رئيس الجماعة السابق على أنه لم يكن يشرف تقنيا على المشاريع، لأن تلك المهام، حسب قوله، تدخل ضمن اختصاصات مكاتب الدراسات، المصالح التقنية، والمختبرات المختصة.
واعتبر الرئيس السابق لجماعة لفقيه بن صالح أن تحميله مسؤولية تقنية لا تدخل في صلاحياته محاولة غير دقيقة لإلصاق تهم لا أساس لها.
وأشار إلى أنه خلال ثلاثين سنة من تدبيره للشأن المحلي، لم يتلق أي شكاية من مقاولين أو سلطات محلية تتعلق بتجاوزات في الصفقات أو خروقات في التتبع، معتبرا أن المسار الطويل دون اعتراضات رسمية دليل واضح على سلامة الإجراءات.
وقال مبديع فيما يتعلق بتمويل مهرجان “ألف فرس وفرس” الشهير الذي تحتضنه الفقيه بنصالح سنويا، إن المبلغ الذي توصل به هو سلفة شخصية قدمها للجمعية المنظمة لضمان استمرار التحضيرات، مؤكدا أن الجمعية أعادت المبلغ له فور توصلها بالدعم من المؤسسات والجهات المانحة.
وأوضح أن دورة 2015 بلغت ميزانيتها حوالي 190 مليون سنتيم، وكان تمويلها يعتمد على مزيج من تحويلات جماعية ودعم عمومي ووعود بالتمويل من وزارة الداخلية والمكتب الشريف للفوسفاط والقطاع الخاص، غير أن هذه المساهمات لم تصل إلا بعد انتهاء التظاهرة، ما دفعه، حسب قوله، إلى التدخل بشكل شخصي لضمان عدم تعثر الحدث.
وأوضح مبديع أن جميع العمليات المالية موثقة في حسابات الجمعية والكشف البنكي الخاص به، نافيا أن تكون للسلفة أي خلفية ربحية أو غير قانونية.
وفي ما يتعلق بالاتهامات المرتبطة بثروته الشخصية، نفى مبديع بشكل مطلق أن يكون قد راكم أموالا على حساب الجماعة أو عبر استغلال منصبه، وقال بنبرة حازمة: “أنا ابن فلاح، وخدمت هذا الوطن في مؤسسات كبرى فيها المال العام. لو كنت أبحث عن الغنى غير المشروع، لفعلت ذلك حين كنت في مواقع أكبر مما هي عليه الجماعة”.
وأضاف أن الثروة التي يمتلكها اليوم تعود أساسا إلى أنشطة فلاحية ومعاملات تجارية مشروعة، وأن تقديرات الفرقة الوطنية التي حددت ثروته في حوالي 3.5 مليارات سنتيم غير دقيقة، لأنها تشمل مجموع الحركات المالية في حساباته وليس المبالغ المتبقية أو المتحصلة.
من جهته، كشف دفاع مبديع أن فريق الخبرة الحسابية الذي كلف به الدفاع أوشك على الانتهاء من إعداد تقرير مفصل سيقدم للمحكمة قريبا، ويتضمن تبريرا شاملا لمصادر مداخيل الوزير السابق وطريقة تدبير حساباته، في محاولة لدحض ادعاءات الإثراء غير المشروع.
المصدر:
العمق