أثارت تعديلات برلمانية تقدمت بها النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني، اليوم الجمعة، جدلا دستوريا في الغرفة الأولى للبرلمان، بحيث لجأ رئيس المجلس رشيد الطالبي العلمي إلى الفصل 77 من الدستور، معتبرا التصويت عليها خرقا للوثيقة الدستورية، فيما تبيانت مواقف مكونات المجلس.
وبعد عرض التامني لأربع تعديلات على المادة 47، خلال جلسة تشريعية خصصت للتصويت على الجزء الثاني من مشروع قانون المالية برس سنة 2026، لجأ شيد الطالبي العلمي الذي كان يترأس الجلسة إلى الفصل 77 من الدستور ورفض عرض التعديلات للتصويت.
وبرر الطالبي هذا الموقف بكون التعديلات المقدمة، تقترح زيادة في مجموعة من النفقات، وذلك بعد التصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية المتعلق بالمداخيل، أمس الخميس، معتبرا أن من شأن التعديلات أن تخل بالتوازنات المالية، متسائلا: “من أين سنأتي بالموارد لهذه النفقات الإضافية؟”.
وينص الفصل 77 من الدستور على أن “يسهر البرلمان والحكومة على الحفاظ على توازن مالية الدولة. وللحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود”.
لكن رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، عبد الله بووانو، رفض دفع الطالبي العلمي بالفصل 77 من الدستور، متسائلا: “هل من الناحية المسطرية يحق للرئيس وحده الدفع بالفصل 77 أو أن ذلك من اختصاص البرلمان بجميع أعضائه؟”.
في السياق ذاته، أشار رئيس المجموعة النيابية للبيجيدي إلى أن هناك قرارا للمحكمة الدستورية يقول بأنه لا يمكن أن تدخل تعديلات تضيف نفقات إضافية بعد المصادقة على الجزء الأول من مشروع قانون المالية، مشيرا إلى أن في الأمر إخلال بالتوازنات المالية.
بدوره، رفض رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، سعيد بعزيز، لجوء الطالبي العلمي للفصل 77، قائلا إن البرلمان “يسهر” على الحفاظ على التوازنات المالية، والحكومة هي من “ترفض” وفق هذا الفصل إذا وافق البرلمان على التعديل.
لكن رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، أخمد التويزي، ضم صوته إلى صوت رئيس المجلس، معتبرا عرض التعديلات على التصويت ينطوي على خرق للدستور، قائلا: “الدستور يمنعنا من أن نأتي بهذا النوع من التعديلات الذي يزيد في النفقات بعد حسم المداخيل”.
هذا الرأي تصدى له النائب البرلماني عن الاتحاد الاشتراكي، حسن لشكر، قائلا إنه ليس من اختصاص البرلمان أن يحدد هو دستوري أو غير دستوري، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية هي من تحتكر هذا الاختصاص.
واعتبر رئيس الفريق النيابي للأحرار، محمد شوكي، أن على البرلمانية أن تسحب هذه التعديلات “من باب المسؤولية”، بينما دعا بووانو إلى الذهاب للتصويت ما دامت الحكومة قد رفضت التعديل، مستشهدا بالمادة 56 من القانون التنظيمي للمالية.
وتنص المادة 56 على ما يلي: “طبقا للفقرة 2 من الفصل 77 من الدستور، للحكومة أن ترفض بعد بيان الأسباب المواد الإضافية أو التعديلات الرامية إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود”.
كما تنص على أنه “يمكن داخل نفس الفصل، إدخال مواد إضافية أو تعديلات مبررة ومصحوبة بالتقويمات الضرورية لأهداف ومؤشرات البرامج المعنية والتي من شأنها الزيادة أو التخفيض في الاعتمادات المتعلقة ببرنامج معين وذلك في حدود الاعتمادات المفتوحة برسم هذا الفصل”.
و”ترفض التعديلات المخالفة لأحكام هذا القانون التنظيمي” و”فيما عدا ذلك يجب أن يتم تبرير كل مادة إضافية أو كل تعديل”، حسب ما نصت عليه المادة ذاتها من القانون التنظيمي 130.30 للمالية.
وكانت التامني قد قدمت أربع تعديلات، يتعلق الأول بإعادة هيكلة توزيع نفقات صندوق التنمية الفلاحية، بحيث يخصص 80 في المائة من المبالغ كدعم مباشر للفلاحين الصغار، الذين يملكون أقل من خمس هكتارات، وللتعاونيات الفلاحية ولبرامج دعم الزراعات المعيشية.
أما التعديل الثاني فيتعلق بالحساب الخاص بالصيدلية المركزية، بحيث يقترح الرفع منه لضمان توفير الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية بشكل دائم ومجاني، في جميع المستشفيات والمراكز الصحية، والقضاء على ظاهرة انقطاع الأدوية.
بينما يقترح التعديل الثالث إعادة هيكلة توزيع نفقات ميزانية الصندوق الوطني لتنمية الرياضة، داعيا إلى تخصيص 80 في المائة من المبالغ المقررة لرياضة الأحياء والرياضة المدرسية وبناء ملاعب القرب، بدلا من تمويل الشركات الرياضية الاحترافية.
في حين يرمي التعديل الرابع إلى رفع ميزانية صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية من 1.5 مليار درهم إلى ملياري درهم، مع تخصيص نصف المبلغ لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الإدارة والتعليم والإعلام.
المصدر:
العمق