نظرت المحكمة الاتحادية العليا في ألمانيا، أمس الثلاثاء، في قضية قانونية غير مسبوقة قد ترسم ملامح العلاقة بين الدول الأجنبية وحرية الصحافة في البلاد، وذلك في سياق دعوى رفعتها المملكة المغربية ضد صحيفتي “زود دويتشه تسايتونغ” و”تسايت أونلاين” على خلفية اتهامات باستخدام برنامج التجسس “بيغاسوس”.
وتطالب الرباط المحكمة بإصدار أمر يمنع الصحيفتين من نشر أو تداول ما وصفته بـ “ادعاءات مسيئة لسمعة الدولة”، والمتعلقة بتورطها المزعوم في استخدام برنامج التجسس الإسرائيلي، حيث تؤكد المملكة المغربية موقفها الثابت بأنها لم تشترِ البرنامج ولم تكن يوما عميلا لشركة “NSO Group” المنتجة له.
وتعود جذور القضية إلى عام 2021، حين كشف تحقيق استقصائي دولي واسع النطاق، عُرف بـ”مشروع بيغاسوس”، عن استهداف مئات الصحفيين والسياسيين والنشطاء حول العالم، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث أشارت التحقيقات إلى “شبهات” حول دور المغرب في بعض عمليات المراقبة الرقمية.
ويأتي هذا التطور بعد أن رفضت المحاكم الألمانية الأدنى، بما في ذلك محكمة هامبورغ الإقليمية ومحكمة الاستئناف، الدعاوى المغربية في مراحلها السابقة.
واستندت تلك الأحكام إلى مبدأ قانوني مفاده أن الدول، بموجب القانون الألماني، لا تتمتع بـ”حق شخصي في الحماية من المساس بالسمعة” كما هو الحال بالنسبة للأفراد أو المؤسسات الخاصة.
والآن، يتركز الاهتمام على القرار الذي ستصدره المحكمة الاتحادية العليا، والذي سيشكل سابقة قضائية في ألمانيا، حيث سيجيب على سؤال جوهري: هل يحق لدولة أجنبية أن تقاضي وسائل إعلام ألمانية أمام المحاكم المدنية لحماية “كرامتها” أو “سمعتها”؟
المصدر:
العمق