أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أن التحولات التكنولوجية المتسارعة وما أفرزته من انتشار واسع لوسائل الإعلام والتواصل الحديثة، فرضت مقاربة تشريعية جديدة توازن بين صون حرية التعبير وحماية العملية الانتخابية من أي محاولة للتأثير أو التضليل.
وأوضح الوزير أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، الأربعاء، أن المشروع استحضر التحديات الناشئة عن الاستعمال المتزايد لتكنولوجيا التواصل، باعتبارها اليوم مصدرا رئيسيا للحصول على المعلومات ونشرها، لكنه في المقابل نبه إلى مخاطر استغلال بعض الأطراف لهذه الوسائل لتزييف الحقائق وتضليل الرأي العام بشأن سير العملية الانتخابية. ومن هذا المنطلق، يقر المشروع تجريم استخدام هذه الوسائل في ارتكاب جرائم انتخابية تمس بمصداقية الاقتراع.
وتشمل هذه الجرائم، حسب ما أوضح المسؤول الحكومي، استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، أو شبكات البث المفتوح، أو أدوات الذكاء الاصطناعي، أو أي منصة إلكترونية أو تطبيق يعتمد على الأنترنيت أو الأنظمة المعلوماتية، بغرض نشر أو توزيع إعلانات أو منشورات انتخابية أو غير انتخابية يوم الاقتراع، أو ترويج أخبار زائفة أو إشاعات كاذبة للتأثير على اختيارات الناخبين أو دفعهم إلى الامتناع عن التصويت، أو إحداث اضطراب في سير عمليات الاقتراع، أو المس بحرية التصويت وسريته ونزاهته.
وفي هذا السياق، تضمّن المشروع مادة جديدة هي المادة 51 المكرّرة، التي تنص في فقرتها الأولى على تجريم استخدام وسائل الإعلام والتواصل الحديثة لبث أو توزيع تركيبات مكونة من أقوال أو صور أشخاص دون موافقتهم، أو نشر أخبار أو ادعاءات كاذبة أو مستندات مدلسة، بقصد التشهير بالمرشحين أو المس بالحياة الخاصة للناخبين.
وحدد النص العقوبات المترتبة عن هذه الأفعال في حبس تتراوح مدته بين سنتين وخمس سنوات، وغرامة مالية بين 50.000 و100.000 درهم، مع تطبيق نفس العقوبة على كل من ساهم أو شارك بأي وسيلة في نقل أو بث أو توزيع إشاعات أو أخبار زائفة تروم التشكيك في صدقية ونزاهة الانتخابات.
وشدد لفتيت على أن الفقرة الثانية من المادة المذكورة صيغت بطريقة دقيقة وحصرية، لا تترك أي مجال للتأويل أو التفسير، إذ تتعلق حصراً بنشر الإشاعات والأخبار الزائفة عبر الوسائط التكنولوجية الحديثة بقصد التشكيك في العملية الانتخابية، ولا علاقة لها بتقييد حرية التعبير أو إسكات الأصوات المنتقدة. وأبرز أن الوقائع الثابتة أو المعطيات الموثقة لا تخضع إطلاقا للعقوبات المنصوص عليها.
وأكد وزير الداخلية أن الهدف من هذه المقتضيات الزجرية هو حماية سلامة ونزاهة العمليات الانتخابية من حملات التضليل الرقمي التي قد تمس بشرعية المؤسسات المنتخبة، في ظل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من إمكانيات هائلة لتركيب صور ووثائق وتصريحات زائفة، تنتشر بسرعة يصعب معها التحقق أو التصويب.
وفي الإطار ذاته، أشار لفتيت إلى أن المشروع الجديد يجرّم نشر الإعلانات السياسية أو المنشورات الانتخابية المؤدى عنها عبر منصات أو مواقع إلكترونية أجنبية، باعتبارها إحدى القنوات التي قد تُستغل للتأثير الخارجي على إرادة الناخبين.
وأكد المتحدث على أن هذه المقتضيات لا تمس إطلاقاً بحرية الرأي أو التعبير، بل تروم فقط تحصين التجربة الديمقراطية الوطنية وصون نزاهة الاقتراع، معتبرا أن حرية التعبير مسؤولية وأن حماية النقاش العمومي من التضليل شرط أساسي لثقة المواطنين في العملية الانتخابية ومصداقية المؤسسات التمثيلية.
المصدر:
العمق