أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت على أن الحكومة أعدت منظومة انتخابية جديدة تراعي أعلى معايير الشفافية والنزاهة، بهدف ضمان انتخابات تشريعية حرة ومشرفة في سنة 2026، وصون سمعة المؤسسة النيابية أمام الرأي العام الوطني والدولي.
وقال لفتيت في عرض مطول أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، الأربعاء، إن اللقاء يأتي في إطار سلسلة من الاجتماعات المخصصة لدراسة مشاريع النصوص الانتخابية المؤطرة للاستحقاقات التشريعية المقبلة، والتي تندرج في سياق “توطيد الصرح الديمقراطي تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ضامن دوام الدولة واستمرارها، والساهر على حسن سير المؤسسات الدستورية وصيانة الاختيار الديمقراطي”.
وأكد المسؤول الحكومي، أن إعداد هذه النصوص تم بعد مشاورات موسعة وبناءة مع مختلف الفاعلين السياسيين، تماشياً مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لـ29 يوليوز 2025، الذي دعا فيه جلالة الملك إلى اعتماد المنظومة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب قبل نهاية السنة، وفتح حوار جدي مع الأحزاب حول مضامينها.
وأوضح لفتيت أن وزارة الداخلية عقدت لقاءات مع زعماء الأحزاب يوم 2 غشت 2025، تلتها مشاورات معمقة خلال شهر شتنبر، أفضت إلى توافق واسع حول أهم التوجهات التشريعية المقترحة، مؤكدا أن النقاش اتسم بروح المسؤولية والالتزام بخدمة الصالح العام.
وأضاف الوزير أن الهدف الأساس من الإصلاح هو “تخليق الحياة السياسية وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات المنتخبة، من خلال إرساء قواعد صارمة تضمن نزاهة العملية الانتخابية في كل مراحلها، من إيداع الترشيحات إلى إعلان النتائج”.
وفي هذا السياق، كشف لفتيت أن مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المتعلق بمجلس النواب، يتضمن مقتضيات جديدة تمنع الترشح على كل من تم ضبطه في حالة تلبس بارتكاب جرائم تمس النزاهة أو الأخلاق العامة أو صدقية الانتخابات، أو صدرت في حقه أحكام قضائية ماسة بالأهلية الانتخابية. كما يشمل المشروع منع المترشحين الذين تم عزلهم من مهام انتدابية بسبب مخالفات جسيمة من الترشح لدورتين انتخابيتين متتاليتين، حفاظاً على هيبة المؤسسات التمثيلية.
وأكد الوزير أن هذه الإجراءات تهدف إلى “تحصين المؤسسة النيابية من أي ممارسات تسيء إلى صورتها أو تضعف ثقة المواطنين في العملية الانتخابية”، مبرزاً أن الحكومة تستلهم في ذلك “تجارب الديمقراطيات العريقة والعبر المستخلصة من الممارسة الانتخابية الوطنية”.
وشدد لفتيت كذلك على ضرورة تحييد الإدارة عن المنافسة السياسية، مشيرا إلى أن المشروع يقترح مضاعفة فترة المنع من الترشح لبعض أطر الدولة وموظفيها، وخاصة العاملين بوزارة الداخلية، ضماناً لتكافؤ الفرص بين المترشحين.
ومن جهة أخرى، أشار الوزير إلى أن النص الجديد يتصدى لحالات النواب الذين يوجدون رهن الاعتقال لمدة طويلة، عبر تجريدهم من صفتهم النيابية، حماية لسمعة المؤسسة التشريعية. كما تم إدراج مقتضيات تشدد العقوبات على الجرائم الانتخابية، وتضاعف الغرامات والعقوبات الحبسية في حق من يعبث بنزاهة الاقتراع أو يحاول التأثير في نتائجه.
ولم يغفل لفتيت التحديات التي تطرحها التكنولوجيا الحديثة، موضحا أن المشروع يجرّم استعمال شبكات التواصل الاجتماعي أو أدوات الذكاء الاصطناعي لنشر الأخبار الزائفة أو التشهير بالمترشحين أو التأثير في إرادة الناخبين، مع تحديد عقوبات سجنية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وغرامات تصل إلى 100 ألف درهم.
كما أكد وزير الداخلية على أن “صون سمعة المؤسسة النيابية مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والأحزاب والمجتمع”، مضيفا أن الحكومة عازمة على المضي في مسار تخليق الحياة العامة، وتكريس انتخابات نزيهة تعكس الإرادة الحرة للناخب المغربي، في أفق تعزيز المسار الديمقراطي الذي يسير عليه المغرب بثبات تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس.
المصدر:
العمق