عقد مستشارو الملك محمد السادس، أول أمس الاثنين، لقاء رفيع المستوى مع قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، خُصص لتدارس تصورات ومواقف القوى السياسية الوطنية بشأن تطورات قضية الصحراء المغربية ومبادرة الحكم الذاتي، في ضوء قرار مجلس الأمن الأخير.
طرح هذا الاجتماع، الذي يأتي في توقيت دقيق، تساؤلات حول دلالاته السياسية وما إذا كان يؤشر فعليا لبداية مرحلة جديدة في تدبير الملف. وفي هذا السياق، قدم المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إبراهيم بلالي اسويح، قراءة للأبعاد الاستراتيجية لهذا اللقاء التشاوري.
أوضح اسويح في تصريح لجريدة “العمق” أن الرسالة السياسية المنبثقة من هذا الاجتماع الرفيع المستوى تنسجم مع المرحلة الجديدة التي تخوضها المملكة في تدبير ملف الوحدة الترابية، لا سيما وأن الملك محمد السادس أشار في خطابه بعد قرار مجلس الأمن إلى ترتيبات المرحلة القادمة، معتبرا القرار مفصليا له ما بعده بعد تثبيت الشرعية السيادية والدعم الأممي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وأضاف المصدر ذاته أن آفاق التوافق المستقبلية ستُبنى على مقاربة الملك لمشروع الحكم الذاتي الذي يحتاج إلى تفصيل وتحيين، وهو الأمر الذي ترتبط به المفاوضات القادمة التي صرح المبعوث الشخصي للأمين العام، ستيفان دي ميستورا، بأنه ينتظر نسختها الجديدة لبدء مشاوراته مع الأطراف الأخرى، وفقا لما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي.
وأكد المحلل السياسي أن هذا التطور أعطى دينامية جديدة لوساطة كادت أن تفشل بسبب تعقيدات الملف وتعنت الأطراف الأخرى المتشبثة بتسويات غير واقعية، إذ إن دور الوسيط الأممي لم يعد يقتصر على تسهيل عملية التفاوض، بل أصبح لأول مرة موجها لها.
وتابع أن هذا اللقاء الرفيع مع الأحزاب السياسية جاء ليكرس انفتاح السلطات العليا على المكونات الحية في البلاد، وهو نهج تبناه الملك محمد السادس منذ توليه مقاليد الحكم، ويعكس المقاربة الجديدة في تدبير الملف داخليا والتي تسعى إلى تعزيز النهج التشاركي لتقوية الجبهة الداخلية، وهو ما ما فتئ الملك يعبر عنه في خطاباته الأخيرة، خصوصا بمناسبة افتتاح البرلمان.
وختم عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية بالقول إن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب منذ أبريل 2007 كانت تشاورية بالأساس مع مختلف الأحزاب السياسية، ومن الطبيعي أن تتم استشارتهم مجددا عند تحيينها، لأن ذلك يلعب دورا محوريا على مستوى الإجماع الوطني في تكريس البعد الوحدوي والالتفاف حول قضية المغرب المصيرية، فضلا عن دوره في إغناء مضمون المبادرة وجعلها أكثر انسجاما مع متطلبات المرحلة، حيث سيساهم الدور الاقتراحي للأحزاب في إعطاء المقترح أبعاده السياسية والتدبيرية والقانونية.
المصدر:
العمق