كشف تقرير حديث للمرصد الوطني للإجرام، بعنوان “معالم إحصائية للجريمة بالمغرب على مدى 20 سنة”، عن اتجاه عام تصاعدي في أعداد القضايا المسجلة والأشخاص المتابعين قضائيا في المملكة، خلال الفترة الممتدة من سنة 2002 إلى 2022.
وأظهرت البيانات الإحصائية أن سنة 2022 سجلت ذروة قياسية وغير مسبوقة في تاريخ الإحصاء الجنائي بالمغرب، حيث بلغ مجموع القضايا المسجلة مليونا و171 ألف قضية، تورط فيها مليون و489 ألف شخص.
ووفقا للتقرير ذاته، فإن هذا الارتفاع الكبير المسجل سنة 2022 يعود بالأساس إلى القضايا المرتبطة بخرق حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها جائحة “كوفيد-19”.
وفي هذا الصدد، أوضح المرصد أن القضايا المتعلقة بخرق حالة الطوارئ الصحية المسجلة خلال سنة 2022 وحدها بلغت 468 ألفا و395 قضية، أسفرت عن متابعة 577 ألفا و291 شخصا.
وأبرز التقرير بوضوح الطبيعة الاستثنائية التي طبعت فترة الجائحة. ففي حين شهدت سنة 2020 انخفاضا ملحوظا في عدد القضايا بنسبة 11.9 في المائة (تزامنا مع فترات الحجر الصحي الصارمة)، عاد المنحنى للارتفاع بقوة في 2021 بنسبة 19.8 في المائة؛ إلا أن سنة 2022 سجلت قفزة هائلة وغير مسبوقة، بمعدل نمو سنوي بلغ 66.1 في المائة، وهو أعلى معدل زيادة سنوية مسجل خلال العشرين سنة الماضية، وهو ما يفسر الذروة القياسية التي رصدها التقرير.
بعيدا عن الذروة الاستثنائية لسنة 2022، أظهر تحليل المعطيات على مدى عقدين اتجاها تصاعديا واضحا؛ فقد انتقل عدد القضايا المسجلة من حوالي 324 ألف قضية سنة 2002، ليتجاوز حاجز 700 ألف قضية سنة 2019، قبل أن يقفز إلى مستويات مليونية في 2022. كما ارتفع عدد الأشخاص المتابعين من حوالي 400 ألف شخص سنة 2002 ليقارب مليونا ونصف المليون شخص سنة 2022.
ولم يكن هذا الارتفاع الموثق ناجما عن النمو الديمغرافي فقط؛ بل أثبتت الأرقام زيادة في معدل انتشار الجريمة، إذ ارتفع أيضا معدل القضايا والمتابعين لكل 100 ألف نسمة خلال العقدين الماضيين.
وانتقل معدل القضايا المسجلة من 1093 قضية لكل 100 ألف نسمة سنة 2002، ليبلغ ذروته هو الآخر سنة 2022 مسجلا ثلاثة آلاف وسبع قضايا.
كما قفز معدل الأشخاص المتابعين من 1351 شخصا لكل 100 ألف نسمة في بداية الفترة، ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 3 آلاف و660 شخصا سنة 2022؛ وهو ما يؤكد أن المنحنى التصاعدي للجريمة كان أسرع من وتيرة النمو السكاني.
عند تحليل هيكل الجريمة المسجلة خلال العقدين الماضيين، أظهر التقرير هيمنة مطلقة لفئة واحدة، إذ “الجرائم المنظمة بمقتضى قوانين خاصة” في الصدارة بفارق شاسع، حيث سجلت لوحدها 6 ملايين و9 آلاف و885 قضية، توبع على إثرها 4 ملايين و887 ألفا و227 شخصا. وتأتي في المرتبة الثانية “الجنايات والجنح ضد الأشخاص” بما مجموعه مليونان و803 آلاف و144 قضية، تليها “الجنايات والجنح ضد الأموال” في المرتبة الثالثة بمليون و839 ألفا و130 قضية.
وعند تحليل فئة “الجنايات والجنح المرتكبة ضد الأشخاص” (ثاني أكبر فئة إجرامية)، يتضح أن “جرائم العنف” تهيمن على هذا التصنيف بشكل شبه كامل.
فحسب التقرير، شكلت جرائم العنف (التي تشمل القتل العمد، التسميم، والعنف بمختلف أشكاله) نسبة 70.5 في المائة من مجموع القضايا المسجلة ضمن هذا الصنف بين 2002 و2022، بإجمالي بلغ مليونين و110 آلاف و81 قضية، توبع على إثرها مليون و655 ألفا و148 شخصا.
وأشار المرصد إلى أن “جنحة الضرب والجرح العمدي” (سواء بعجز لأقل أو أكثر من 20 يوما) تُعتبر الجريمة الأكثر تسجيلا على الإطلاق ضمن هذه الفئة خلال العقدين الماضيين.
وتأتي في رتب تالية بأرقام أقل بكثير جرائم “التهديد، والامتناع عن تقديم مساعدة” (294 ألفا و9 قضايا)، تليها “القتل خطأ، والإصابات غير العمدية” (190 ألفا و769 قضية).
وفي المقابل، تظهر الإحصائيات أن جرائم “الاتجار بالبشر” (956 قضية) و”التمييز” (218 قضية) هي الأقل تسجيلا ضمن هذا الصنف، خلال الفترة المدروسة.
المصدر:
هسبريس