آخر الأخبار

قرار مجلس الأمن يثري فرص الاستثمار والتنمية في الصحراء المغربية

شارك

عزز القرار الأممي التاريخي الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل عادل ودائم لملف الصحراء المغربية، مكاسب الاقتصاد الوطني والفرص الاستثمارية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وذلك بعدما قطع القرار الطريق على “التشويش” المفتعل على مدى عقود من قبل مناوئين للوحدة الترابية وتكتلات مدنية ومهنية موالية لهم، لطالما عملت على بث الشك وتخويف المستثمرين الدوليين من الاستثمار في المنطقة.

وحمل الخطاب الملكي الذي تلا الإعلان عن القرار الأممي التاريخي بشأن الصحراء المغربية، “إننا نعيش مرحلة فاصلة ومنعطفا حاسما في تاريخ المغرب الحديث. فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده”، إشارات قوية حول توجه المملكة نحو تسريع الاستثمارات والنهوض بالأوضاع الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية، التي يراهن عليها المغرب لتكون المنصة الاستثمارية واللوجستية الأقوى في غرب إفريقيا، حيث يرتقب أن تشهد الفترة المقبلة تدفقات استثمارية وطنية وأجنبية ضخمة على المنطقة.

ويتوقع أن يتوج القرار الأممي التاريخي الجهود المغربية المتواصلة خلال العقدين الأخيرين، التي هدفت إلى تحويل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي صاعد، حيث ضخت المملكة مليارات الدراهم في مشاريع ضخمة للبنية التحتية، شملت إنشاء الطرق السريعة الرابطة بين العيون والداخلة وباقي مدن الشمال، وتحديث المطارات والموانئ، إلى جانب إطلاق مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يرتقب أن يصبح منصة لوجستية كبرى للتبادل التجاري بين إفريقيا وأوروبا والأمريكتين.

وفي مطلع سنة 2025، صادقت اللجنة الوطنية للاستثمارات على نحو 20 مشروعا استراتيجيا بكلفة إجمالية تبلغ 17.3 مليار درهم، موزعة على مدن العيون والداخلة وكلميم وطانطان، وركزت بالأساس على تطوير البنى التحتية الحيوية، فيما أولت الدولة اهتماما خاصا بقطاع الطاقة المتجددة في الصحراء المغربية، حيث يعد مشروع طاقة الرياح في طرفاية، الذي تجاوز حجم استثماره 5 مليارات درهم، من أبرز مشاريع الطاقة الريحية في إفريقيا، إضافة إلى مشروع ربط الداخلة بشبكة كهربائية وطنية قوية، الذي أبدت فرنسا استعدادها لتمويل كابل كهربائي بقدرة 3 ميغاواط يربط بين الدار البيضاء والداخلة.

السيادة المغربية

محمد الشيكر، خبير اقتصادي رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، قال إن “القرار الأممي الأخير بشأن الصحراء المغربية يمثل نقطة فارقة في مسار التسوية السياسية لهذا الملف، ويؤسس لمفاوضات جدية على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تشكل الإطار الواقعي والعملي لتسوية النزاع بشكل دائم ومستدام”، موضحا أن هذا القرار يعكس الاعتراف الدولي المتزايد بحق المغرب السيادي في استغلال ثروات صحرائه الطبيعية، ويقطع الطريق على أي جهة “مشوشة” تسعى للتشكيك في شرعية الاستثمار بالمنطقة.

وأشار الشيكر، في تصريح لهسبريس، إلى أن القرار سيساهم بشكل مباشر في تسريع تطوير الصحراء المغربية، من خلال تنفيذ مشاريع جديدة للبنية التحتية، ودعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعزز جاذبية المنطقة للاستثمارات الأجنبية، مشددا على أن المغرب سيعكف خلال الفترة المقبلة على تعزيز شراكاته مع شركاء دوليين كبار، لا سيما الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، في إطار توجهه نحو الانفتاح الاقتصادي الإقليمي والدولي، ما سيضمن استفادة المنطقة من الخبرات والتقنيات الحديثة.

وتوقع الخبير الاقتصادي أن يصاحب هذا القرار تراجع تدريجي في موقف الجزائر، وظهور رغبة متجددة في العودة إلى إطار المغرب الكبير، الذي يشكل أرضية خصبة لآفاق اقتصادية مهمة للجميع، خصوصا المغرب الذي يواجه خسائر سنوية تقدر بنقطتين إلى ثلاثة نقاط من إنتاجه الداخلي نتيجة هذا الوضع، مفسرا أن تعزيز التعاون ضمن هذا الإطار الإقليمي سيتيح استثمارات مشتركة، ويزيد من فعالية المبادرات الاقتصادية الاستراتيجية.

ونبه رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال إلى أن القرار الأممي سيدعم بشكل كبير المبادرة الأطلسية المغربية، ويعزز موقع المملكة في دول غرب إفريقيا، من خلال تأكيد دورها المركزي كفاعل اقتصادي واستراتيجي في المنطقة، مشددا على أن المغرب أصبح أكثر قدرة على استثمار موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد دينامية جديدة من التنمية والتعاون بما يعكس ثمار السياسات الوطنية المتواصلة في الصحراء المغربية.

الاستثمارات والبنيات

اعتبر يوسف كراوي الفيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن القرار الأممي التاريخي بشأن الصحراء المغربية “يمثل محطة فارقة في مسار التنمية الاقتصادية للأقاليم الجنوبية للمغرب”، موضحا أنه “مكسب سياسي واقتصادي في آن واحد. فهذا الاعتراف الدولي يعزز مصداقية المملكة ويمنحها قوة دفع إضافية لترجمة النموذج التنموي الخاص الذي وضعته للأقاليم الجنوبية إلى مشاريع ملموسة تستجيب لحاجيات السكان وتفتح آفاقا جديدة للاستثمار”.

وقال كراوي الفيلالي في تصريح لهسبريس: “لقد سبق للمغرب أن أنشأ بنية تحتية متطورة تشمل شبكات الطرق والموانئ والمطارات، لكن المرحلة المقبلة ستشهد توسعا واضحا في الاستثمار البشري والقطاعات الإنتاجية الواعدة. فالقرار الأممي الجديد سيمكن من إعطاء دفعة قوية لمشاريع الطاقات المتجددة، التي شرع المغرب في تنفيذها بجدية خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى مشاريع تحلية مياه البحر لضمان الأمن المائي، وتطوير مشاريع إنتاجية فلاحية وصناعية وخدماتية متكاملة، مما يسهم في تعزيز التنوع الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام”.

وأشار رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير إلى أن الوضع الأممي الجديد سيوفر بيئة محفزة للاستثمار في قطاعات إنتاجية استراتيجية، مثل الفلاحة الحديثة والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والسياحية، مؤكدا أن هذه المشاريع ستسهم بشكل مباشر في خلق فرص شغل محلية وتعزيز الدخل الفردي، وتطوير الاقتصاد الإقليمي بشكل متوازن، ما يعكس نجاح النموذج التنموي المغربي في تحويل الموارد الطبيعية والبشرية إلى محرك للتنمية المستدامة.

وذكر الخبير الاقتصادي أن الاعتراف الأممي التاريخي سيزيد من جاذبية المنطقة أمام المستثمرين الأجانب، ويمنح المغرب القدرة على استقطاب رؤوس أموال جديدة، سواء في المشاريع الكبرى أو في الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما سينعكس إيجابا على التشغيل ودخل الأسر، مضيفا أن هذا القرار سيرسخ صورة المغرب كشريك موثوق للمجتمع الدولي في مجال التنمية، ويتيح له تطوير مشاريع استراتيجية تنسجم مع تطلعات السكان وتضمن استدامة الموارد بما يترجم النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية إلى واقع اقتصادي ملموس، قادر على خلق قيمة مضافة وإرساء قاعدة صلبة لجيل جديد من التنمية الشاملة والمتوازنة.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا