التنويه والإشادة، بعبارات متنوعة، بالعمل الدبلوماسي والتنموي المتواصل الذي أثمر قراراً أممياً تاريخياً يثبّت الشرعية الدولية لخطة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة شكل نقطة إجماع و”لازمة” تكررت في معظم كلمات القيادات “التجمعية” التي اعتلت منصة حدث “مسار الإنجازات”، الذي وصل قطاره إلى محطة جهة بني ملال-خنيفرة، السبت.
في هذا الصدد اعتبر راشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن هذا “الإنجاز التاريخي لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عمل دبلوماسي وسياسي متواصل موسوم بالحكمة والمثابرة(..) مع بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، وهو ما منح المغرب مكانة تقدير واحترام في الساحة الدولية”.
وفي تقدير العلمي فإن “قرار مجلس الأمن 2797 بشأن تثبيت خطة الحكم الذاتي أساساً مرجعياً وحيداً واقعياً في قضية الصحراء المغربية هو اعتراف صريح بالتحول التنموي العميق الذي عرفه المغرب خلال 26 سنة من الإصلاحات المتواصلة في مختلف المجالات تحت قيادة الملك محمد السادس”.
وأضاف القيادي التجمعي، متحدثا أمام أعضاء حزبه، أن ما حدث (الجمعة) “ليس مجرد تصويت عادي في مجلس الأمن، بل اعتراف دولي بمسار دولة استطاعت أن تنتقل من مرحلة البناء إلى مرحلة التمكين، بفضل رؤية ملكية جعلت من المغرب نموذجاً في الاستقرار والديمقراطية والتنمية المستدامة”، وسجل أن ذلك “نتيجة اقتناع الدول –ليست فقط التي صوتت لصالح القرار بل تلك التي افتتحت قنصليات بالصحراء المغربية– بأن المغرب بلد يحمي حقوق الإنسان، ويعزز الحريات، ويحقق نموا متوازنا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية…”، مردفا: “جلالة الملك نَقَل المغرب من دولة عصرية إلى دولة حديثة مدنية بكل مقوماتها، وهذا ما جعل الدول الديمقراطية تعتبر أن الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب سنة 2007 يشكل الحل الواقعي والنهائي للنزاع المفتعل”.
ولفت المسؤول الحزبي ذاته، الذي يرأس الغرفة الأولى للبرلمان المغربي خلال الولاية الحكومية الراهنة، إلى أن التحول الديمقراطي والتنمية الشاملة التي عرفها المغرب –منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش– أقنعا المنتظم الدولي بعدالة قضيتنا الوطنية، وأجمل بأن ما تحقق اليوم هو تتويج لمسار استكمال الوحدة الترابية، قائلاً: “بعد ست وعشرين سنة من العمل الدبلوماسي والإصلاحي المتواصل يمكن القول إن المغرب دخل اليوم مرحلة تاريخية جديدة، تؤرخ لنهاية مرحلة وبداية أخرى من البناء التنموي المتكامل”، وخاتما بأن ذلك عاكسٌ لترابط قوي بين “قوة الموقف المغربي في الخارج وتلاحم الجبهة الداخلية”.
بدورها، وفي مستهل كلمتها، تقاسمت نادية فتاح، عضو المكتب السياسي للحزب ذاته ووزيرة الاقتصاد والمالية، مشاعر فخرها واعتزازها – كسائر المغاربة – “بما حققته قضية الصحراء المغربية من انتصار حاسم، تُوّج بقرار مجلس الأمن التاريخي الذي جعل مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية المرجعَ الوحيدَ والواقعي لحلّ هذا النزاع المفتعل”، وقالت: “أكد هذا القرارُ شرعيةَ الموقف المغربي، وجسّد ما عبّر عنه جلالة الملك في خطابه التاريخي باعتباره منعطفاً حاسماً في تاريخ المغرب الحديث”.
وتحدثت فتاح بصفتها ابنة المنطقة أمام “أحرار جهة بني ملال-خنيفرة”، موردة: “أوجّه تحية خاصة إلى بنات وأبناء جهة بني ملال-خنيفرة، بكل أقاليمها وجماعاتها، الذين يُجسّدون روح العمل والالتزام. ويسعدني أن ألتقي بكم اليوم بصفتي وزيرة الاقتصاد والمالية للحديث عن مشروع قانون المالية لسنة 2026، ولكن بلغة مبسّطة وواضحة، لأن قانون المالية ليس مجرد أرقام أو مصطلحات تقنية، بل هو وثيقة تترجم التوجيهات الملكية السامية، وتُجسّد التزامات البرنامج الحكومي، وتستجيب لتطلعات المواطنين”.
وشددت المتحدثة ذاتها على أن “قانون المالية في جوهره ترجمة لمفهوم الدولة الاجتماعية، القائمة على التضامن وتوزيع الثروة بعدالة بين الفئات والجهات؛ فالشركات الكبرى تساهم في تمويل الاستثمار العمومي، والموارد الجبائية التي ارتفعت بفضل انتعاش الاقتصاد الوطني تُوجَّه لدعم الفئات المتوسطة والهشة”، وزادت: “مشروع قانون المالية ليس مجرد وثيقة مالية، بل هو تعاقد بين الدولة والمواطنين لتحقيق المغرب الصاعد، والمغرب الاجتماعي، والمغرب العادل الذي نطمح إليه جميعاً؛ وهو أمانة نتحمّلها بتنفيذ التوجيهات الملكية السامية وبالعمل المشترك مع كل الفاعلين من أجل مغرب متقدم ومتضامن”.
وفي كلمة مفصلة شرحت الوزيرة أن “مشروع قانون المالية لسنة 2026، وهو الأخير في عمر هذه الولاية الحكومية، يركّز على ثلاث أولويات كبرى: أولها الاستثمار في الجهات، من خلال تعميم البنيات التحتية والطرق والمسالك، وتطوير المناطق الصناعية، وتوسيع شبكات الماء والري، بما يضمن العدالة المجالية وفرص النمو لجميع المناطق”.
“دعم الأسر وتعزيز القدرة الشرائية” ثاني الأولويات بحسب المسؤولة الحكومية، قائلة إن ذلك سيتم “عبر مواصلة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وتوسيع الدعم المباشر ليشمل 4 ملايين أسرة، والرفع من قيمة التعويضات الموجهة للأطفال، مع إيلاء عناية خاصة للفئات الهشة والأيتام”، مُعرجة أيضا على “خلق فرص الشغل للشباب”، من خلال “برامج التكوين والتأهيل ودعم المبادرة الذاتية، وتحفيز المقاولات الصغيرة والصغيرة جداً، وتبسيط الولوج إلى التمويل ومواكبة المشاريع الشبابية”.
وللتدليل على “أهمية خاصة للقطاعات الاجتماعية” قالت فتاح إن “مالية 2026 خَصّصت اعتمادات غير مسبوقة تناهز 140 مليار درهم للتعليم والصحة، بهدف توسيع الشبكات الصحية وتحسين وضعية الأطر التربوية والطبية”؛ وفي المجال الاقتصادي نوهّت إلى “رفع ميزانية الاستثمار العمومي لتصل إلى 380 مليار درهم، بما يعكس إرادة الحكومة في دعم النمو وتحقيق العدالة الترابية”، موضحة أن “قطاع الفلاحة والماء بأولوية خاصة، عبر تخصيص اعتمادات إضافية لمواجهة آثار الجفاف وضمان الأمن المائي والغذائي، إلى جانب مواصلة تنفيذ برامج ‘الجيل الأخضر’ ودعم الفلاحين الصغار”.
المصدر:
هسبريس