يستمر الجدل بين الصيادلة المغاربة حول مشروع مرسوم تحديد أثمنة الدواء؛ فبعد الدعوة للاستعداد لخطوات تصعيدية، اندلعت “خلافات حادة” بين النقابات.
وكانت كونفدارلية نقابات صيادلة المغرب قد عبرت، الخميس، عن استيائها من الصيغة الحالية لمشروع مرسوم تحديد أثمنة الدواء، موردة أنها “تهدد التوازنات الاقتصادية لصيدليات القرب، وتهدد الأمن الدوائي الوطني”، في ظل “غياب المقاربة التشاركية للوزارة الوصية”، ملوحة بخوض إضراب وطني عن العمل بكل صيدليات المملكة.
لكن النقابة الوطنية لصيادلة المغرب خرجت ببيان، اليوم الأحد، تستغرب فيه إعلان هذا التصعيد، معتبرة إياه “لا يحظى بالإجماع النقابي”.
وانتقد محمد لحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، بلاغ النقابة الوطنية لصيادلة المغرب، قائلا: “هم لا يحظون بالتمثيل النقابي الحقيقي ولم يقوموا بتحديد مكتبهم منذ النشأة، وليس لديهم حتى أعضاء المكتب المنتخبين”.
وأضاف لحبابي لهسبريس أن الكونفدرالية لم تعلن عن موعد للإضراب الوطني، بل لوحت به جراء “غياب المقاربة التشاركية الوزارية”.
وأوضح المتحدث أن الكونفدرلية ليست ضد تخفيض أثمنة الأدوية، بل “مع سياسات عمومية تعالج المشاكل الحقيقية مع عقلنة وترشيد نفقات الصندوق الضمان الاجتماعي”.
وتابع: “الصندوق للوطني للضمان الاجتماعي سبق أن كشف أن 150 دواء من بين 5400 دواء يستنزف أكثر من 54 بالمائة من مجموع تعويضات الضمان الاجتماعي، وهو ما تمت الدعوة إلى إصلاحه مع الوزارة خلال الاجتماع الأخير عبر تخفيض أثمنة أدوية باهظة إلى أقصى درجة”.
وذكر المتحدث أن تخفيض أثمنة أدوية هزيلة الثمن “يدفع المصنعين إلى اضطراب في التزويد والتوزيع، ثم حدوث انقطاعات متكررة، ما يؤدي إلى سحبها، وبالتالي تهديد الأمن الدوائي المغربي وصحة المواطنين، ومن جهة أخرى عودة سيناريو 2013”.
في المقابل، رد عبد الرزاق المنفلوطي، رئيس النقابة الوطنية لصيادلة المغرب، على انتقادات ضعف التمثيلية، متحديا الكونفدرالية بشن “إضراب وطني”.
وقال المنفلوطي في تصريح لهسبريس: “إنهم لا يستطيعون شن الإضراب، وهم يتحدثون عن الأكثر تمثيلية”، رافضا ما سماه “الخروج المفاجئ عن الإجماع النقابي بعد نهاية الاجتماع مع الوزارة”.
وأضاف في توضيح معمم لموقف نقابته: “مشروع تحديد ثمن الأدوية هو مشروع وطني بامتياز، يندرج في إطار الإصلاح الشامل الذي يشهده قطاع الصحة، ويهدف بالأساس إلى تمكين المواطنين من الولوج إلى الأدوية بأسعار معقولة وفي متناول الجميع”.
وأورد التوضيح في هذا السياق: “نؤكد أن النقابات المهنية، ومن ضمنها نقابتنا، تتابع هذا الورش الوطني عن كثب، وتدافع عن الملف المطلبي للصيادلة بكل مسؤولية ووعي، في إطار حوار جاد وبنّاء مع وزارة الصحة”.
وزاد : “لقد لمسنا، من خلال اللقاءات الأخيرة مع وزير الصحة، إرادة حقيقية واستعدادا صريحا للتفاعل الإيجابي مع المطالب العادلة والمشروعة للصيادلة. ونحن واثقون بأننا، في الأفق القريب، سنحقق تقدما ملموسا في هذا الملف، لما فيه مصلحة المهنة واستقرارها، ومصلحة المواطن في نفس الوقت”، وفق تعبير التوضيح.
وتابع: “إننا نؤمن بأن الدفاع عن حق المواطن في الدواء لا يتعارض مع الدفاع عن كرامة الصيدلي وضمان شروط مهنية واقتصادية تحفظ توازن واستمرارية الصيدليات، خصوصا في ظل الوضعية الصعبة التي يعيشها عدد كبير من الصيادلة عبر ربوع المملكة”.
وفي هذا الصدد، شدد التوضيح على الرفض القاطع لأي مساس بمهنة الصيدلة أو بمكانة الصيدلي داخل المنظومة الصحية، وعلى أن أي إصلاح لا يمكن أن ينجح إلا بإشراك الصيدلي كشريك أساسي، وبضمان استقراره المهني والاجتماعي.
وقال: “إننا ماضون في مسار الدفاع عن المهنة بكل صدق وشرف، كما نجدد ثقتنا في الحوار المسؤول الذي تبنته الوزارة، سواء في عهد الوزير السابق، أو الوزير الحالي الذي عبّر بوضوح عن دعمه لمهنة الصيدلة وحرصه على استقرارها وتطورها”.