آخر الأخبار

رسملة بورصة البيضاء تفوق ألف مليار درهم .. ربحيّة السوق تجذب المستثمرين

شارك

في إنجاز تاريخي منذ تأسيس البورصة المغربية، أنهت بورصة الدار البيضاء أسبوعاً “متخَما بالمؤشرات الإيجابية”، محققة بحلول الجمعة (18 يوليوز الجاري) رقميْن قياسيين تاريخيين: تجاوز مؤشرها الرئيسي “مازي” حاجز 19.000 نقطة، فيما تجاوزت رَسملتها 1.000 مليار درهم لتبلُغ 1.007 مليارات درهم.

وفي التفاصيل، سجل مؤشر “مازي” تقدما بنسبة 0,9 في المائة إلى 19.168,83 نقطة، مما رفع أداءه السنوي إلى 29,75 في المائة. أما مؤشر “MASI.20″، الذي يعكس أداء 20 مقاولة مدرجة بالبورصة، فقد بَصم على ارتفاع بنسبة 0,99 في المائة إلى 1.578,22 نقطة.

وانعكس ارتفاع رسملة البورصة إيجاباً على أداء مؤشر (MASI.ESG)، الذي يضم المقاولات الحاصلة على أفضل تصنيف في معايير الاستدامة (ESG)، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 0,13 في المائة. كما سجل مؤشر (MASI Mid and Small Cap)، الذي يقيس أداء أسعار أسهم المقاولات الصغيرة والمتوسطة المدرجة، نمواً بنسبة 0,66 في المائة.

وبلغت التداولات حوالي 15 مليار درهم، سجلت أساسا في السوق المركزية (الأسهم)، وهيمنت عليها التداولات المتعلقة بـ”لابيل في” (20,26 في المائة)، متبوعة بـ”طاقة المغرب” (9,95 في المائة)، و”شركة الأشغال العامة للبناء بالدار البيضاء” (9,35 في المائة).

سوق جاذبة وأكثرُ ربحية

وفي تحليله للمؤشرات المالية، أكد زكرياء فيرانو، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن سوق الرساميل في المغرب تشهد انتعاشًا غير مسبوق على الصعيدين الوطني والإفريقي، مبرزا أن “قيمة المعاملات في بورصة الدار البيضاء تجاوزت 117 مليار دولار لأول مرة، وهو ما يرفع السوق المغربية لتُعَدّ ثاني أكبر سوق إفريقية بعد بورصة جوهانسبرج”، ويؤكد مكانتها ضمن “الأسواق الجاذبة والرّبحية قارياً ودوليًا”.

وعزا فيرانو، في تصريح لجريدة هسبريس، الانتعاشة غير المسبوقة لبورصة البيضاء وإنجازاتها الراهنة إلى “العوامل الماكرو اقتصادية والبنيوية التي ساهمت في انتعاش السوق”، مبرزا أن “السوق شهدت انفتاحًا لافتًا على إدراج شركات ضخمة، من بينها شركة طرحت أسهمًا بقيمة تفوق 34 مليار درهم، مما شكل دفعة قوية لحجم المعاملات، كما ساهمت شركات صناعية بتعزيز نشاط السوق”.

التدفق المهم للاستثمارات الأجنبية على المملكة عامل آخر مفسر، حسب الاقتصادي ذاته، إذ بلغ أكثر من 1.6 مليار دولار خلال سنة 2025، “معظمها وُجّه نحو سوق الرساميل، مما ساعد على رفع معدل التداول بنسبة تُقارب 37 بالمائة”، مستدلاً بـ”استثمارات البنية التحتية والقطاعات الرياضية المعزِّزة لجاذبية السوق”.

هذا الأداء الاستثنائي يستدعي تحليلًا مبنيًا على “المحددات الماكرو- اقتصادية والبنيوية”، التي يلعب فيها الاستعدادات لكأس العالم 2030 دوراً حاسمًا، فـ”الاستثمارات المرتقبة في البنية التحتية والخدمات العمومية المرتبطة بتنظيم كأس العالم، والتي تُقدر بأكثر من 170 مليار درهم خلال السنوات الثلاث المقبلة، عززت جاذبية السوق للاستثمارات طويلة الأمد”، يقول فيرانو، الذي أشار إلى “إدخال أدوات مالية جديدة” مشتقة كالعقود الآجلة والاختيارات (Options)، مما يوفر آليات لإدارة المخاطر وزيادة السيولة، ويجعل السوق أكثر نضجًا واستقرارًا”.

وشرح أستاذ الاقتصاد للجريدة أن “استقرار المؤشرات الماكرو-اقتصادية مع التوقعات الإيجابية للاقتصاد الوطني، (نمو يتجاوز 4 في المائة، وعجز ميزانياتي في حدود 3.4 في المائة، وتضخم مستقر ما بين 1.6 في المائة و2 في المائة، يُسهم في تعزيز ثقة المستثمرين”.

عوامل مرتبطة بأداء السوق

المحدد الثاني في المؤشرات القياسية للبورصة المغربية يتوزعها عنصران مرتبطان بأداء السوق نفسه؛ يتعلق الأول بـ”جاذبية مؤشرات الربحية”، إذ “تتمتع السوق المغربية بمستويات ربحية مشجعة، إذ تتراوح مضاعَفات الربحية في القطاعات الجذابة (البنوك، الاتصالات، الطاقة) بين 15 و20، وتصل إلى أكثر من 25 في القطاع العقاري، خصوصًا في ظل برامج الدعم الحكومية للسكن الاجتماعي والمتوسط”. أما الثاني فهو “ارتفاع ربحية السَّهم السنوية”.

وتابع قائلا: “تسجل ربحية السهم السنوية في السوق نِسَبًا تتراوح بين 4 في المائة و5 في المائة، مما يجعل السوق المغربية من بين الأكثر جاذبية على الصعيدين الإفريقي والدولي”.

“دعم التمويل ومواكبة الأوراش”

من جهته يرى المهدي فقير، محلل مالي متابع لديناميات أسواق المال، أن “ما حققته بورصة البيضاء يوم 18 يوليوز حدثٌ مهم وبارز”، مؤكدا أنه “يفتَح بقوة شهيّة كبرى للمستثمرين المحليين والأجانب لدعم أسواق التمويل وروافعها المتعددة لتمويل المقاولات بعيدا عن الطرق التقليدية”.

وأكد فقير، في تصريح لهسبريس، أن “السوق المالية المغربية تشهد منذ بداية العام 2025 طفراتٍ متنوعة”، خاصاً بالذكر “زخماً قويًا أعطته شركاتٌ نشيطة تم إدراجها مؤخرا في قطاعات الصحة والأشغال العمومية والإعمار”.

وأضاف أن “المغرب بلدُ الأوراش الكبرى المفتوحة في قطاعات بنية تحتية أساسية”، موضحا أن تزايد رسملة البورصة المغربية يدعم مواكبة القطاع المالي للأوراش الكبرى ودعم حركية الدورة الاقتصادية”.

وتابع قائلا: “لسْنا أمام نتيجة مرتفعة للقيمة السوقية ناتجة عن المضاربة، بل هي عمليات رفع لرؤوس الأموال من شركات كبرى. كما تم إدراج شركات جديدة ساهمت بشكل كبير في حركية السوق، بالموازاة مع تزايد ثقة المستثمرين وارتفاع الطلب على الأسهم”.

وقدّر ضرورة “البناء على الزخم الحالي للبورصة وشفافية التعاملات من أجل تحقيق رهان دمقرطة الولوج إليها، مما سيفضي إلى فتح المجال أمام الشركات المتوسطة لتجد لها موطئ قدمٍ أيضا في سوق البورصة بعيدا عن محدودية الولوج لآليات التمويل البنكي”.

وختم المحلل المالي تصريحه بالإشارة إلى أن “تجاوز الحاجز الرمزي للرسملة (1000 مليار درهم) تأكيدٌ جديد على التكامل بين الدورة الاقتصادية وأسواق الرساميل لأنه وسيلة للتمويل وعامل يرفع منسوب الثقة لدى المستثمرين ويزيد من منسوب تعبئة الادخار المالي بما يفضي إلى خلق قيمة مضافة اقتصادية وليس فقط كعوائد مالية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا