يتصاعد الجدل في المغرب بشأن تدبير الجماعات الترابية لملف الكلاب الضالة، في ظل تزايد الحوادث التي تهدد سلامة المواطنين وتثير مخاوف متزايدة لدى الرأي العام، إذ تكتسي هذه الإشكالية طابعا خاصا في المرحلة الحالية؛ بالنظر إلى استعداد البلاد لاحتضان تظاهرات قارية ودولية، وكذا صدور أحكام قضائية عديدة لصالح المواطنين المتضررين، مما يضع هذه الجماعات الترابية أمام “مسؤوليات قانونية” و”تحديات تدبيرية”.
ويأتي ذلك بالتزامن مع مصادقة مجلس الحكومة، قبل أسبوع، على مشروع قانون يتعلق بـ”حماية الحيوانات الضالة والوقاية من أخطارها”، ومع مرور ست سنوات تقريبا على توقيع اتفاقية إطار بين وزارتي الداخلية والصحة والمكتب الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، إلى جانب الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة.
وأعدت “هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع” بالمجلس الجماعي لأكادير استمارة رقمية وجهتها إلى قاطني عاصمة سوس ماسة، تبتغي من خلالها التوصل بتفاصيل حول معاناتهم من جهة انتشار الكلاب الضالة.
وفتحت الهيئة ذاتها الباب أمام ساكني عاصمة جهة سوس ماسة للكشف عن أبرز تعليقاتهم بشأن الموضوع نفسه؛ المناطق الأكثر معاناة من الظاهرة، الفئات السنية المتضررة، وكذا تقييمهم لأداء المسؤولين الجماعيين في هذا الإطار.
وقالت فعاليات جمعوية وحقوقية مشتغلة في مجال الرفق بالحيوان بمناطق مختلفة بالمغرب إن إشراك المواطنين في عملية تدبير ملف الكلاب الضالة ضروري، بغرض ضمان معالجة سليمة ومُرضية للجميع وبهدف الوقوف عند طبيعة التدخلات الميدانية اللازمة”، متمسكة في الآن ذاته بـ”ضرورة الحرص على تطبيق الاتفاقية الإطار لسنة 2019 بشكل سليم”.
وسليمة قضاوي، ناشطة في مجال حقوق الحيوانات بشمال المغرب، أبرزت أن “الظرفية تستدعي بشكل أساسي تشاور الجماعات الترابية مع المواطنين وكل ممثلي جمعيات المجتمع المدني النشطة”.
واعتبرت قضاوي، في تصريحها لهسبريس، أن “الجماعات الترابية تبقى، في كثير من الأحيان، خارج التدبير السليم لملف الكلاب الضالة، سواء من خلال لجوئها إلى وسائل قاسية ضده هذه الحيوانات أم من خلال التعامل ببرودة مع هذا الملف ككل، وبدون استفسار الساكنة بشأنه”.
كما سجلت الناشطة في مجال حقوق الحيوانات بشمال المغرب “وجوب التفاعل مع المواطنين بخصوص أي جديد في تدبير هذا الملف الذي يقتضي العمل وفق منهجية واضحة، عبر التوجه نحو الرفع من منسوب تعقيم الكلاب الضالة؛ وهو ما من شأنه الحد من مخاطر السعار”.
من جهته، أكد أحمد التازي، رئيس جمعية الدفاع عن الحيوانات والطبيعة “ADAN”، أن “توجه جماعات نحو استقصاء آراء الساكنة وفعاليات المجتمع المدني حول موضوع الكلاب الضالة سلوك محمود، وهو كذلك عمل مطلوب يندرج في إطار تدبير هذه الظاهرة، وفي إطار الحرص على ضمان وحماية السلامة على مستوى الفضاء العمومي”.
وأوضح التازي أن “إشكالية الكلاب الضالة ثابتة ولا تستدعي الكثير من إهدار الوقت، إذ تقتضي الوضعية الراهنة الحرص على التنزيل السليم لمضامين الاتفاقية الإطار لسنة 2019، والتي حددت بدقة واجبات كل طرف، بما في ذلك الجماعات الترابية”.
وتابع رئيس جمعية الدفاع عن الحيوانات والطبيعة “ADAN” شارحا:” إذا كان تدخل الجماعات بالمغرب ينبني على تحليلات للظاهرة أو طلب لشهادات المحليين فإننا سنكون أمام هدر للزمن، ما دام أن الإشكالية واضحة، ومجالاتُ التدخل واضحةٌ أيضا”.
وختم الفاعل المدني عينه تصريحه لهسبريس بالقول إنه “يتوجب القيام بالالتقاط السليم للكلاب من الفضاء العمومي وتعقيمها، تجنبا لأي تدبير غير سليم”.