آخر الأخبار

مخاطر الحرب الإسرائيلية الإيرانية تعجل بارتفاع سعر النفط وتفاقم المضاربات

شارك

سرعت الضربات الصاروخية الأخيرة المتبادلة بين إيران وإسرائيل، ومخاوف اندلاع حرب شاملة ومطولة، من دينامية ارتفاعات غير مسبوقة في أسواق النفط ومشتقاته؛ لتنهي أحد أكثر الأسابيع ارتفاعا في الأسعار منذ 2022 حين هاجمت روسيا أوكرانيا.

واستكملت أسعار “خام برنت” مسارا تصاعدياً بنحو 6 في المائة كمعدل أسبوعي لزيادة سعر البرميل، فيما جدد القصف المتبادل ليل السبت–الأحد مخاوف جديدة من استهدافات مباشرة طالت فعليا (إلى حدود اليوم الثالث من المواجهة) موانئ ومنشآت نفط إيرانية، مقابل اعتراف شركة مصافي النفط المحدودة الإسرائيلية بـ”تضرّر مصفاة حيفا وأنابيب نقل” بصواريخ إيرانية، ردا على الهجوم الإسرائيلي الواسع الذي طال عسكريين بارزين إيرانيين وعلماء ومنشآت نووية.

وفي معادلة الطاقة ومعركة “كسر العظام” بين تل أبيب وطهران يرتفع بقوة “معامل المخاطر” باحتمال “إغلاق مضيق هرمز” كأبرز الممرات البحرية النفطية والشرايين الحيوية في منظومة الطاقة العالمية الرابط بين إيران ودول الخليج المنتجة للنفط والغاز المسال.

ويُجمع خبراء طاقة مغاربة، متابعون لتقلبات السوق الدولية، على أن عام 2025 الجاري قد ينتهي بسيناريو “فاتورة طاقية ثقيلة” لدول مستوردة للنفط ومشتقاته مثل المغرب؛ في حال عدم توقف الصراع المستمر زمانيا أو باستحضار سيناريو توسّعه مكانيا.

فوق 100 دولار “واردة”

“استمرار التوترات في الشرق الأوسط ينعكس بتأثيرات مؤكدة” على سوق النفط العالمي، التأكيد هنا لعبد الصمد ملاوي، أستاذ باحث بجامعة بني ملال وخبير دولي في تكنولوجيا الطاقة، مردفا بأن “الهجمات الأخيرة بين إيران وإسرائيل تزيد من احتمال التأثير السلبي على سوق الطاقة”.

وقال ملاوي، مصرحا لجريدة هسبريس، إن “مضيق هرمز ممر رئيسي للنفط العالمي، بـ 20% من حجم التوريدات، وارتفاع التوترات يرفع مخاطر تهديد محتمل بإغلاق أو تأثر الممرات البحرية للتجارة الدولية للنفط ومشتقاته”، مشيرا إلى وكالة الطاقة الدولية ومنظمة “أوبك” ومؤسسات بحثية تحذر من تأثير التوترات على أسعار النفط.

وأضاف المتحدث ذاته أن “التشاؤم سيد التوقعات الحالية؛ إذ إن أسعار البرميل ستقفز سريعاً إذا استمرت الحرب، ومن المحتمل أن تبلغ نطاق 100 حتى 120 دولاراً للبرميل”. بينما بنك “جي بي مورغان” يتوقع إمكانية وصول سعر البرميل إلى 150 دولاراً.

وبينما أكد الخبير أن “كل المؤشرات الحالية ترسّخ سيناريو استمرار الحرب في الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى تأثير سلبي على سوق النفط”، خاصة المستوردين، تحدث عن “تأثر المغرب مثل باقي الدول المستوردة للطاقة الأحفورية نتيجة الأحداث العالمية”.

وشرح أستاذ الطاقة أن “المغرب يستورد بين 80 و90% من احتياجاته الطاقية من السوق الدولية”، موردا أن “المصادر الأحفورية التي يعتمد عليها المغرب تأتي بنسبة كبيرة من الشرق الأوسط (..) ما يؤثر سلباً على البلد وفاتورته الطاقية”، وفي تقديره فالمغرب “قد يواجه ضغطًا مزدوجًا بسبب ارتفاع تكلفة الفاتورة الطاقية؛ مع تفاقم عجز الميزان التجاري الذي قد يهدد استقرار الدرهم المغربي، واحتمالات تشير إلى إمكانية أن يضطر إلى تشديد السياسة النقدية”.

ملاوي استحضر للجريدة “آثاراً ماثلة للعيان” عن أزمة الحرب الأوكرانية–الروسية في 2022، التي اعتبرها “أثرت على أسعار النفط والغاز”، قبل “وصول التضخم في المغرب إلى مستويات غير مسبوقة مقارنة بالسنوات الماضية”، وأجمل: “الاستقرار الاقتصادي في المغرب مهدد بسبب الاعتماد الكبير على استيراد الطاقة”.

“أعتاب أزمة طاقية”؟

لفت المتحدث إلى أن “تقارير دولية (منها تقرير لصندوق النقد الدولي) أثبتت هشاشة الأسواق الطاقية أمام الصدمات الجيوسياسية، بتأثيرات وازنة على سلاسل الإمداد والقطاعات الاقتصادية”.

وعلق ملاوي متفاعلا مع أسئلة هسبريس: “الأزمة الطاقية قد تستمر بسبب تقليل الدول الكبرى مخزونها الإستراتيجي من الطاقة. وارتفاع أسعار الطاقة بعد الحرب الأوكرانية الروسية عاملٌ مؤثر”، مردفا: “أوبك أظهرت محدودية في احتواء ارتفاع أسعار النفط العالمية؛ كما أن زيادة الإنتاج السريع وتراجع الاستثمارات في التنقيب يزيدان من هشاشة الأسواق”.

وبينما نبه الخبير إلى أن “استمرار الحرب لأسابيع أو أشهر قد يفضي إلى بروز بوادر أزمة طاقية جديدة”، تابع بأن “الأسواق الطاقية معرَّضة لتقلبات سريعة بسبب الصدمات الجيوسياسية”.

واستنادا إلى أزمات نفطية مماثلة عاشها العالم سنوات السبعينيات والثمانينيات يقدّر ملاوي أن “ارتفاع أسعار النفط يعد سببًا عالي الاحتمال لتباطؤ الاقتصاد العالمي، بتضرر المستثمرين، خاصة في قطاعات الطاقة، وما يدور في فلكها من شحن وتوريد وسلاسل قيم…”.

وختم المتحدث مستدلًا بأن “تقرير البنك الدولي الأخير في ماي 2025 أكد هذه النتائج؛ إذ إن زيادة 10 دولارات في سعر برميل النفط يمكن أن تخفِض الناتج العالمي بين 2% و0.3%، خاصة بالنسبة للاقتصاديات الناشئة المعتمدة على الطاقة من الخارج”.

“المخاطر ترفع المضاربات”

أمين بنونة، خبير في علوم الطاقة، يرى أن “ما تشهده أسواق النفط والغاز حاليًا هو حدوث انفعالية في ردود الفعل تدفع في اتجاه كثرة المضاربات وارتفاع المخاطر مع الضربات المتبادلة منذ الجمعة”، واضعاً ذلك في سياق “حالة استقرار جديدة كانت قد استوت عليها السوق الطاقية الأحفورية منذ اضطرابها القوي منتصف العام 2022 إثر حرب روسيا على أوكرانيا والعقوبات الغربية على موسكو”.

وقال بنونة، ضمن حديث لهسبريس، إن “الحرب الأوكرانية كانت غيّرت فعليا مسارات التجارة البحرية للنفط العالمي، فضلا عن إعادة توزيع لخريطة المنتجين والمستوردين بنظام جديد للمسارات، قبل أن يأتي التوتر العسكري الإيراني- الإسرائيلي ليجدد مخاوف المستثمرين ويرفع درجات اللّايقين في السوق”.

وأضاف المتحدث شارحا: “أسواق النفط والطاقة عموماً تعد عصبية ومنفعلة بالأحداث الجيوسياسية بشكل كبير، خاصة أن الأمر في هذه الحالة يهم المحروقات السائلة المتقلبة بسرعة، والخاضعة لنظام بيع وتعاقد ونقل عبر السفن، ما يفضي بالضرورة إلى تأخر التعاملات بين المنتِج والزبون. لكن مخاطر الحرب واستدامتها ترفع من منسوب التأخرات وتكاليف التأمين على الشحن البحري واضطرابات سلاسل القيم”.

وحسب تقديرات أوردها انطلاقا من أزمات جيوسياسية سابقة يرى المصرح ذاته أنه “رغم حدوث أزمة في سوق توريد الطاقات الأحفورية فإن سقف برميل النفط من المستبعد جداً أن يتجاوز 130 دولارا للبرميل”، مستدركا بأن “الكيفيات في الزيادات ووتيرتها تبقى رهينة تطورات الأحداث ومآلات التصعيد ونوعية الأهداف”.

الخبير الطاقي المغربي أجمل تصريحه للجريدة بالقول إن “الخوف من توفّر المعروض لليوم الموالي وبأيّ سعر للبرميل هو السؤال المطروح حاليا، ويستعصي على مختلف أطراف تجارة النفط، لاسيما المشترين المستوردين”، وقال: “نحن نعيش ربما بوادر أزمة من نوع آخر. ليس ثمة مشكلا تقليديا يتعلق بتوازن بين العرض والطلب في سوق النفط، بل هي ظروف جيوسياسية مساعِدة على المضاربة أكثر واستغلال ظرفية الترقب والتخوف المرتفعة ومستوى المخاطر المرتفع في أذهان المستثمرين بناءً على أخبار الضربات”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل إيران أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا