أفاد أكاديميون وجامعيون بأن تسريع المغرب حسم قضية الصحراء المغربية يحتاج منه تكثيف العمل لربح تحديات عديدة، خصوصا “إخراج الملف من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة”، و”طرد الجبهة الانفصالية من الاتحاد الإفريقي”، فضلا “عن مواكبة التشدد الحاصل في المنظومتين الحزبية والهيكلية البيروقراطية الأوروبية”، لضمان بصمها دائما على مواقف تخدم الطرح المغربي في الملف.
وبدا، خلال ندوة وطنية نظمتها منظمة التجديد الطلابي والمبادرة المغربية لنصرة قضايا الأمة الأربعاء بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط تحت عنوان “قضية الصحراء المغربية على ضوء التحولات الدبلوماسية والجيوسياسية”، أن جزءا مهمًّا من هؤلاء الخبراء في القضية الوطنية يتشاطرون “همّ محدودية المعرفة الطلابية بالحقائق التاريخية والقانونية التي تؤهل الطلاب لتعضيد الجهود الترافعية عن الملف”.
مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الأسبق الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال إن المغرب أمامه اليوم تحديات عديدة على مستوى ملف قضية الصحراء المغربية؛ “أولها طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، وهي معركة صعبة؛ غير أن التوازن الأول برز في الانتخابات الأخيرة لمنصب نيابة المفوضية الإفريقية، فرغم أن المغرب كان ممكنا أن يحقق نتائج أفضل.. ولكن أن يحوز 22 صوتا في وقت 6 دول لا تمتلك حق التصويت، فهذا مؤشر إيجابي”.
أضاف الخبير في قضية الصحراء، في مداخلته ضمن الندوة ذاتها، أن التحدي الثاني “يتمثل في إخراج الملف من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، فالمادة الثانية عشرة من ميثاق الأمم المتحدة واضحة بأنه إذا كان ثمة قضية يتخذ فيها مجلس الأمن القرار فالجمعية العامة لا تشتغل عليها”، مبرزا أن “الاشتغال داخل اللجنة الرابعة أصبح من مصلحتنا؛ لكن مع ينبغي إخراج الموضوع منها (..) لأن بقاءه داخلها اليوم أصبح عبئا”.
التحدي الثالث، وفق الخلفي، هو “مواكبة التشدد الحاصل في المنظومة الحزبية الأوروبية وانعكاس ذلك على البرلمان الأوروبي وهياكل الاتحاد الأوروبي؛ حيث إن نفس الحزب أحيانا ولكن تجدد هياكله والنتيجة هو أن تطرح القضية في الانتظار”، مبرزا أن “الأمر كذلك يتعلق فقط بالبنية المنتخبة بل بالهياكل البيروقراطية داخل هذا التنظيم؛ وآخر دليل على ذلك القسم القانوني الذي اعتبر أن قرار محكمة العدل الأوروبية، يعني عدم قبول المعاملة التفضيلية للمنتجات القادمة من الصحراء”.
وأضاف الباحث في قضية الصحراء المغربية أن “التحدي الرابع هو المجال المغاربي، الذي يضم تحريضا على المغرب كثيرا، موازاة مع رفع الجزائر من إنفاقها على التسلح ما يعني أن سباق تسلح من طرف الجزائر ما يمثل تحديا”، شارحا أن “الذي أشعل الحرب في عدد من مناطق العالم قادر على أن يشعلها هنا”.
أورد مصطفى الخلفي أن “التحدي الخامس يرتبط بكون لأجيال الشبابية معرفتها بالقضية الوطنية وبالأبعاد التاريخية والتحضيرية للملف ما زالت محدودة، وكذلك الشأن بالنسبة لانخراطها في الآليات الترافعية”، مؤكدا أنه “يجب ألا يظل الترافع حالة شعورية عاطفية. ولذلك، نحتاج تنمية مهارات الترافع الرقمي واستثمار المعرفة.
وشدد المتدخل عينه على أن قضية الصحراء المغربية هي، في راهنها، “قضية تقسيم تستهدف المغرب، وقد جرى تجديد صيغتها حديثا”، مفيدا بأن ثمة رهانا على جعلها آلية من آليات انتقاص القرار السياسي ليس للمغرب فحسب؛ بل لكافة دول المنطقة واستنزاف قدراتها ومواردها.
وهمُّ “منسوب وعي الشباب المغربي، وفي مقدمتهم الطلبة بالحقائق المرتبطة بالقضية الوطنية”، يتشاطره نور الدين بلحداد، الخبير في ملف الصحراء المغربية، الذي أشار إلى “وجود جهل” بمجموعة من هذه الحقائق، أساسا التاريخية الشارحة للجذور القديمة للملف؛ وهو الأمر الذي بدا أن الخبير اختبره من خلال عدد من الأسئلة في هذا الجانب، “بقيت بلا إجابات”.
واستحضر بلحداد، في مداخلته، أن “الملك محمدا السادس طلب محاججة الأجانب بالوثائق التاريخية”، مشددا على أن “قضية الصحراء المغربية تحتاج العلم لا العاطفة”.
كما انتقد الخبير في ملف الصحراء المغربية “ضعف الإنتاج الفني حول الصحراء المغربية، و”كذا حتى في وسائل الإعلام؛ (..)؛ حيث يتم تغليب برامج فنية على حساب هذا الموضوع”.
على صعيد مُتصل، نفى نور الدين بلحداد، من خلال معطيات تاريخية عديدة، أن “يكون المغرب قد ارتكب أخطاء على مستوى تدبيره لملف قضية الصحراء المغربية”، في سياق تفاعله مع إيراد أحمد نور الدين، الخبير الدولي في قضية الصحراء، في مداخلته، بعض “هذه الأخطاء القاتلة”.
أحمد نور الدين، الخبير الدولي في قضية الصحراء، قال، وهو يستعرض التحولات الجيوسياسية للملف عبر التاريخ، ارتكب “أخطاء قاتلة”، خصوصا خلال فترة أواخر الثمانينيات، التي مثلت “بداية تفكك النظام الجزائري، وغدوه منخورا من الداخل (..)، موازاة مع سقوط الاتحاد السوفياتي”، و”عودة العديد من قيادات الصف الأول بالجبهة”.
حسب نور الدين، فإنه “لم يكن ينبغي حينها البدء في مسلسل التسوية السلمية، تحديدا بدءا من سنة 1991″؛ بل أن يتم منح “البوليساريو” خيارين؛ إما العودة أو التصفية (..) بما يعني فرض الشروط المغربية”.
من جانبه، أكد المحجوب السالك، منسق خط “تيار الشهيد” المنشق عن الجبهة الانفصالية، أن الاعترافات المتوالية بمغربية الصحراء “حسمت بالقدر المعتبر الملف؛ ولكن ليس حسما نهائيا، لأن هذا الأخير سيحصل عند انتهاء نقاش الصحراء داخل اللجنة الرابعة، وعندما لا يبقى ثمة وجود للمينورسو داخل الصحراء المغربية؛ ما يتطلب كفاحا أساسيا”، بتعبيره.
وفي الوضع الحالي، وفق السالك في مداخلته، “نحن أمام حلين اثنين لا ثالث لهما؛ الأول أن يكون المغرب شجاعا فيطبق حل الحكم الذاتي مع الصحراويين الموجودين في الصحراء، وهم أكثر كتلة. أما الثاني وأراه مستحيلا أن يعطي المغرب “البوليساريو” الجزء التي كانت تحتلها الجزائر، وهذا مستحيل”.