آخر الأخبار

المغرب يتجه نحو تركيا للحصول على أسلحته.. والتعاون العسكري مع إسرائيل أمام سيناريوهين

شارك الخبر

سرّع المغرب، خلال السنوات الأخيرة، من عملية توسيع دائرة الموردين لقواته المسلحة الملكية بالعتاد العسكري، خاصة دولة تركيا التي حصل منها مطلع السنة الجارية على 200 مركبة مدرعة من طراز كوبرا 2 بقيمة 136 مليون دولار من شركة أوتوكار التركية لتصنيع الأسلحة.

وبعد الاعتماد شبه الكامل على الموردين التقليديين مثل الولايات المتحدة وفرنسا لمعظم أسلحته، قام المغرب في السنوات الأخيرة بتنويع مشترياته العسكرية لتشمل دولاً مثل تركيا وإسرائيل، في إطار سعيه لتحديث قواته المسلحة. ومع ذلك، قد تتعرض خططه السابقة للاعتماد المتزايد على إسرائيل لتعزيز صناعته للخطر بسبب الصراع المستمر في غزة والشرق الأوسط.

الإنفاق العسكري المغربي

ارتفع الإنفاق العسكري للملكة، بشكل متقطع، من 413 مليون دولار سنويًا في عام 1975 إلى 1.4 مليار دولار في عام 1998، قبل أن ينخفض فجأة. لكن صعود الملك محمد السادس إلى العرش في عام 2000 ترافق مع زيادات جديدة في الإنفاق العسكري، حيث ارتفع الإنفاق السنوي من 1.5 مليار دولار في عام 2002 إلى 5 مليارات دولار في عام 2022، وفقًا للأرقام الصادرة عن البنك الدولي.

وبحسب موقع “المونيتور” الأمريكي والمتخصص في قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن الإنفاق على الأسلحة والتحديث بالمغرب يقوده عاملان رئيسيان؛ المنافسة الإقليمية للرباط مع الجزائر وصراعها المستمر مع جبهة البوليساريو في الصحراء.

وأوضح المصدر ذاته أن المنافسة بين المغرب والجزائر في التسلح، جعلتهما يستحوذان على 74% من إجمالي الإنفاق العسكري بشمال إفريقيا، البالغ مجموعه 19.1 مليار دولار في عام 2022، غير أن إنفاق المغرب العسكري الذي يناهز 5 مليارات دولار، لا يزال أقل بكثير من إنفاق الجزائر البالغ 9.1 مليارات دولار.

ورغم تنويع المغرب لمشترياته العسكرية من عدة دول، إلا أنه لا يزال يعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأمريكية، حيث وفرت الشركات الأمريكية 90% من الأسلحة الثقيلة التي حصل عليها المغرب بين عامي 2016-2020، أما فرنسا، المورد الثاني الأكبر للمملكة، فقد شكلت 9.2%.

وشملت عمليات الشراء الأخيرة للأسلحة من الولايات المتحدة، 24 طائرة قتالية و24 طائرة هليكوبتر أباتشي في عام 2020. كما أنفق المغرب 239.3 مليون دولار لشراء 25 دبابة و62 مليون دولار على عشرة صواريخ AGM-84L Harpoon Block II. وفي أبريل 2023، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع أسلحة بقيمة 750 مليون دولار من أنظمة المدفعية الحديثة، بما في ذلك HIMARS، وأنظمة ATACMS الصاروخية.

وأكدت منصة “المونيتور”، أنه على الرغم من أن المغرب سيستمر في الاعتماد على الأسلحة الأمريكية، إلا أن المملكة تتبع “استراتيجية تنويع”، حيث أصبحت الموردات التركية والإسرائيلية، بشكل خاص، أكثر أهمية في تلبية احتياجات القوات المسلحة المغربية بأسعار أكثر تنافسية. بالإضافة إلى ذلك، تسمح هذه الاستراتيجية للمغرب بتجنب عمليات الموافقة الطويلة التي غالبًا ما تكون ضرورية للحصول على الأسلحة الأمريكية.

وأبرزت المنصة الأمريكية، أن الرباط تسعى أيضًا إلى تطوير قدراتها المحلية في إنتاج الأسلحة، لكن الأمر سيتطلب وقتًا طويلاً قبل أن تتجسد هذه الجهود. وبالتالي، سيظل المغرب معتمدًا على إمدادات خارجية من الأسلحة المتقدمة لعقود قادمة، مضيفة أنه “مع ذلك، فإن تقدم المغرب في تكنولوجيا الطائرات العسكرية بدون طيار يعد هدفًا أكثر واقعية، نظرًا لقدرات المغرب المتقدمة في مجال الطيران وتكلفة التكنولوجيا المنخفضة نسبيًا في ساحة المعركة”، مشيرة إلى أن “المملكة تأمل في تطوير نفوذها في حروب الطائرات بدون طيار خلال العقد القادم”.

وأوضح المنبر الإعلامي ذاته، أن صفقات الأسلحة بين المغرب وإسرائيل بدأت قبل عقد من الزمان، حيث اشترى المغرب ثلاث طائرات هيرون بدون طيار إسرائيلية الصنع عن طريق وسيط فرنسي في 2014. لكن تطبيع العلاقات بين البلدين بموجب اتفاقيات أبراهام في عام 2020 سمح للمغرب بتسريع شراء الأسلحة الإسرائيلية.

وبحلول منتصف عام 2023، كان المغرب قد اشترى ما يقارب 150 طائرة عسكرية بدون طيار من شركة BlueByrd AeroSystems الإسرائيلية، و22 مليون دولار من طائرات Harop المصنعة من قبل أنظمة صناعات الفضاء الإسرائيلية.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن الزيادة في استخدام الأسلحة بدون طيار، أدت إلى تمكين المغرب من تحقيق مكاسب عسكرية في الصحراء المغربية منذ عام 2020، حيث أفادت تقارير بأن القوات المغربية استخدمت الضربات الجوية بدون طيار لاستهداف قيادة جبهة البوليساريو، مؤكدًا أنه في آخر الضربات في شتنبر، قُتل عدد من قادة المجموعة، بما في ذلك أحد كبار القادة العسكريين.

سيناريوهات التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل

بحسب “المونيتور”، فإن التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل لم يقتصر على الطائرات بدون طيار، حيث تم بين عامي 2021 و2022، وبعد زيارات قام بها مسؤولون إسرائيليون للمغرب، توقيع صفقة بقيمة 500 مليون دولار لبيع نظام الدفاع الصاروخي Barak MX المصنوع في إسرائيل للمغرب، حيث تم تسليم الدفعة الأولى من هذه الأنظمة إلى المغرب في أبريل 2023.

وأبرز المصدر ذاته، أن توقيع اتفاقية الدفاع بين المغرب وإسرائيل في نونبر 2021، كان من المتوقع أن يفتح الباب لمزيد من التعاون العسكري، حيث كان المغرب يتطلع إلى إسرائيل للمساعدة في تطوير صناعة دفاعية محلية ليصبح في النهاية مُصدرًا للأسلحة، لكن مع تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة، أصبحت علاقات الرباط مع إسرائيل تشكل عبئًا على المملكة.

ورسمت منصة “المونيتور”، سيناريوهين أساسيين لمستقبل العلاقات المغربية الإسرائيلية؛ الأول يرتبط بإنهاء الحرب في غزة قريبًا، مما يسمح للمغرب باستعادة العلاقات العسكرية مع إسرائيل بحلول نهاية عام 2024، والثاني يتعلق باستمرار الحرب في غزة حتى عام 2024، مما يدفع المغرب إلى قطع العلاقات العسكرية مع إسرائيل.

واعتبرت المنصة، ضمن تفصيلها في السيناريو الأول، أنه “على الرغم من أن عددًا متزايدًا من المغاربة يعارضون علاقات حكومتهم مع إسرائيل، فإن توقف الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يسمح للمؤسسة الدفاعية المغربية بإعادة إحياء العلاقات مع المقاولين الإسرائيليين بشكل سري”، مبرزة أنه “بحلول نهاية عام 2024، من المحتمل أن يستأنف المغرب استيراد الأسلحة من إسرائيل، لكن قد يستغرق الأمر وقتًا أطول، ربما حتى 2025-2026، قبل أن يتمكن مشروع التصنيع العسكري المشترك المغربي الإسرائيلي في المملكة من التقدم”.

وأشارت إلى أن هذا السيناريو سيحافظ على وصول المغرب إلى التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية تقريبًا دون انقطاع، لكن الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة، والاحتجاجات المنتظمة من المغاربة ضد العلاقات مع إسرائيل، وزيادة التدقيق العام تجعل هذا صعبًا، حيث من غير المحتمل أن تعود العلاقات العسكرية الكبيرة بين البلدين إلى مستواها السابق في المدى القصير.

أما بخصوص السيناريو الثاني، فاعتبرت “المونيتور” ضمن تحليلها، أن المغرب سيقطع علاقاته مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية، لسنوات قادمة، وربما حتى نهاية العقد الحالي، نظرًا لوحشية الصراع في غزة والإدانة الواسعة للعلاقات الدبلوماسية والعسكرية، مضيفة أنه “على الرغم من عدم شفافية ممارسات المشتريات العسكرية، فإن المغرب سيستمر في تنويع مصادر أسلحته بعيدًا عن إسرائيل”، مبرزة أن هذا يشجع المملكة على زيادة شراء الأسلحة التركية أكثر مما كان متوقعًا في البداية، خاصة بالنسبة لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

وفقًا لهذا السيناريو، ترى “المونيتور” أنه من المحتمل أن تكون المشاريع المشتركة لإنتاج الأسلحة في المملكة بالتعاون مع الموردين الأتراك بدلاً من الإسرائيليين. ومع ذلك، تضيف المنصة، أنه “نظرًا لسجل إسرائيل الحافل في المراقبة والضربات الجوية، فإن التجميد الدائم أو طويل الأمد للعلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بشأن إسرائيل سيجبر المغرب على التخلي عن علاقاته العسكرية مع إسرائيل. ولكن هذا يبدو غير مرجح في الوقت الحالي”.

السيناريو الأكثر احتمالا

بالنسبة لـ “المونيتور”، فإن “العلاقات الدفاعية بين المغرب وإسرائيل ستظل مثار جدل لسنوات قادمة، لكنها لن تنقطع بالكامل”، مبرزة أنه “على عكس الجزائر الغنية بالموارد الهيدروكربونية، لا يمتلك المغرب الموارد الطبيعية لدعم القوات العسكرية على نطاق واسع. لكنه سيواصل شراء التكنولوجيا العسكرية المتقدمة لتعويض هذا الضعف”، مؤكدة أنه “بسبب المعارضة للهجوم الإسرائيلي على غزة، سيُجبر المغرب على تجميد أي تعميق آخر للتعاون العسكري. قد يستمر هذا الوضع حتى 2025-2026”.

وشددت على أن هذا الأمر سيقلل من إمكانية إنشاء قدرة إنتاج عسكري مغربي-إسرائيلي في المملكة في المدى القريب، مما يؤدي إلى إبطاء نقل التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية إلى المغرب. لكن من المرجح أن يكون ذلك مسألة وقت قبل أن يتم إحياء الروابط العسكرية، وستختلف السرعة أيضًا حسب ما إذا كانت حكومة بنيامين نتنياهو ستبقى بعد الحرب.

وأشارت إلى أنه “لكي يتمكن المغرب من إعادة بدء العلاقات مع إسرائيل، سيحتاج إلى إلقاء المسؤولية عن الحرب الحالية على غزة على رئيس الوزراء وحكومته بدلاً من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الأوسع”.

وأضافت أن الواقع الجديد سيترك الباب مفتوحًا للتعاون بين المغرب ومصنعي الأسلحة التركية، ولكن بالنسبة لبعض التقنيات، ستظل الشركات المصنعة الإسرائيلية الخيار المفضل، مشددة على أن “حقيقة أن المغرب يسعى للحصول على موردين متعددين لتحديث أنظمته العسكرية لا تعني أن الولايات المتحدة ستشهد انخفاضًا كبيرًا في دورها كمصدر للأسلحة إلى المملكة”، مؤكدة أن المغرب سيبقى حليفًا رئيسيًا لواشنطن، غير عضو في الناتو.

وخلص تحليل المنصة إلى أن المملكة ستستمر في الاعتماد على عدد محدود من الموردين، وهم تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة عند الإمكان، ولكن بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن التعاون مع الموردين الأتراك سيتقدم الآن بشكل أسرع من التعاون مع الموردين الإسرائيليين.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا