آخر الأخبار

خلفت أضرارا جسيمة.. دعوات لتصنيف فيضانات الجنوب “واقعة كارثية” لتعويض المتضررين

شارك الخبر

في أعقاب السيول والفيضانات الجارفة التي اجتاحت عدة مناطق من الجنوب الشرقي للمملكة، مخلفة خسائر بشرية ومادية جسيمة، ارتفع دعوات لتصنيف هذه الفيضانات “واقعة كارثية”، قصد تفعيل صندوق التضامن ضد الكوارث، بهدف تعويض المتضررين.

ويهدف صندوق التضامن ضد الكوارث المحدث بموجب القانون 110.14، المتعلق بنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية، الصادر في غشت 2016، إلى تعويض ضحايا هذه الوقائع الذين لا يتوفرون على تغطية في مجال التأمين.

وتنص المادة 15 من القانون المذكور على أنه، يحدث تحت تسمية “صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية” شخص اعتباري خاضع للقانون العام يتمتع بالاستقلال المالي، ويعتبر القانون المذكور يعتبر الواقعة الكارثية كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب ويرجع السبب الحاسم فيه إلى قوة الفعل غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان.

أضرار جسيمة

وكانت السيول الناتجة عن التساقطات المطرية الغزيرة التي عرفتها عدة مناطق بالجنوب الشرقي للمملكة، خلال الأسابيع الماضية، قد أحدثت خسائر بشرية وأخرى مادية جسيمة في ممتلكات السكان، وأضرارا في الطرقات، ما دفع عدد من الجماعات إلى مسابقة الزمن لفك العزلة عن عدة مداشر.

وعلى إثر التساقطات المطرية الرعدية القوية جدا التي شهدتها سبعة عشر عمالة وإقليما في المملكة، أعلنت وزارة الداخلية، في حصيلة مؤقتة، تسجيل 11 حالة وفاة في كل من أقاليم طاطا (سبعة أشخاص)، وتزنيت (شخصان)، والراشيدية (شخصان أحدهما من جنسية أجنبية).

وأوضح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، في تصريح صحفي أمس الأحد بالرباط، أن هذه التساقطات أسفرت أيضا عن تسجيل 9 مفقودين في كل من أقاليم طاطا، الراشيدية، وتارودانت، لافتا إلى أن هذه التساقطات الكبيرة المسجلة خلال اليومين الماضيين تمثل ما يقارب نصف كمية الأمطار التي تشهدها المنطقة على مدار السنة، بل تتجاوز أحيانا في بعض المناطق المعدل السنوي المعتاد، حيث سجلت 250 ملم في طاطا، و203 ملم في تنغير، و114 ملم في فكيك، و82 ملم في ورزازات.

وفيما يتعلق بالخسائر المادية، فقد شهدت المناطق المتضررة، حسب الناطق الرسمي، الحصيلة المؤقتة التالية:

– انهيار 40 مسكنا، منها 24 مسكنا تعرض لانهيار كلي.

– انهيار كلي أو جزئي لأربع منشآت فنية متوسطة.

– تضرر 93 مقطعا طرقيا ما بين طرق وطنية، جهوية، وإقليمية، مع انقطاع حركة السير فيها، حيث تمكنت السلطات العمومية حتى الآن من إعادة حركة السير في 53 مقطعا منها.

– إلحاق أضرار بشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب والشبكات الهاتفية.

وقبل ذلك، تسببت السيول الجارفة قبل أسبوعين، في خسائر فلاحية جسيمة في حقول جماعتي تلمي و أمسمرير بإقليم تنغير إثر التساقطات المطرية الغزيرة التي شهدتها المنطقة، وارتفاع في منسوب مياه وادي “إمضغاس” الذي ينبع من جبال الأطلس الكبير مرورا بجماعة تلمي ومناطق بومالن دادس ليصب في سد المنصور الذهبي بورزازات.

انتظار قرار حكومي

في هذا الصدد، يرى أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، عبد الحفيظ أدمينو، في تصريح لجريدة “العمق” أن تفعيل صندوق التضامن إزاء واقعة معينة، يخضع لمجموعة من المقتضيات، من بينها صدور مرسوم من رئيس الحكومة يحدد المناطق المعنية بالكارثة.

ووفقا للقانون 110.14، فإن صندوق التضامن يدير مجلس إدارة يرأسه رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المفوضة من لدنه لهذا الغرض مجلس إدارة صندوق التضامن. كما يتمتع مجلس الإدارة بجميع السلط والاختصاصات اللازمة لإدارة صندوق التضامن.

ولتفعيل الاستفادة من الصندوق ينبغي أن يتم الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية، بموجب قرار إداري يتخذ، بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الوقائع الكارثية، وينشر في الجريدة الرسمية.

ويترتب على نشر القرار الإداري المشار إليه، بصفة حصرية، انطلاق عملية تقييد الضحايا في سجل للتعداد، ثم عملية منح التعويضات من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية المحدث بموجب المادة 15 من هذا القانون.

وفي حالة مشابهة كان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد أعلن السنة الماضية  عن زلزال الحوز كـ”واقعة كارثية” محددا أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة وورززات ومراكش وازيلال منطق معنية بها.

الاستفادة من الصندوق

وأضاف أدمينو، أن من بين المقتضيات أيضا احترام أجل التقدم بطلبات التعويض، المحددة بنص القانون. مشيرا إلى أن زلزال الحوز كان هو الواقعة الأولى التي أعقبت دخول الصندوق حيز التنفيذ، منبها  إلى أنه يستثنى من الفئة المستفيدة من الصندوق، من يستفيد من عقود تأمين لها ضمانا ضد عواقب الوقائع الكارثية.

ويشار إلى أن الحكومة كانت قد صادقت في شتنبر 2019، على مشروع مرسوم رقم 2.19.244 بإحداث رسم شبه ضريبي يسمى “رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية” لفائدة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية تفعيلا للمادة 26 من القانون 110.14.

وكان الموقع المتخصص “اقتصاد الشرق” قد كشف  أن الحكومة المغربية، أبرمت عقداً مع شركة “غالاغير أر إي” (Gallagher re) في عام 2020 يتضمن تعويضاً بسقف 275 مليون دولار، ويمكن أن يزيد بـ25 مليون دولار، في حال تعرُّض البلاد لكوارث طبيعية، بحسب مصدر مسؤول من صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية تحدث لـ”اقتصاد الشرق”.

مساءلة برلمانية

من جهته، ساءل النائب البرلماني عن الفريق الحركي بمجلس النواب، محمد والزين، وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، حول صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية وآليات تفعيله، في ظل الأضرار المادية والوفيات التي خلفتها الأمطار الرعدية والسيول الجارفة بعدة مناطق في جهات درعة تافيلالت، الشرق، بني ملال خنيفرة، وفاس بولمان.

وأشار النائب البرلماني، إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الساكنة، والفلاحون، ومربو الماشية نتيجة هذه الكوارث، إلى جانب تعرض هكتارات واسعة من الأراضي الزراعية للتلف، وتدمير بعض المعالم السقوية، كما حدث مؤخراً في إقليم بولمان، داعيا فتاح بالكشف عن الإجراءات التي تم اتخاذها لتعويض المتضررين من السيول والفيضانات التي شهدتها البلاد خلال صيف هذا العام.

وفي هذا السياق، طالب بتفعيل القانون رقم 110.14 المتعلق بنظام عواقب الوقائع الكارثية، وضرورة استخدام صندوق التضامن لتعويض الضحايا، خاصة أولئك الذين لا يتوفرون على تغطية تأمينية.

وتساءل  حول المخصصات المالية المرصودة لهذا الصندوق في قوانين المالية، وحصيلة إيرادات الضريبة شبه المالية المفروضة على أقساط التأمين الموجهة للصندوق، والتي تبلغ 1%. مستفسرا عن حصيلة الصندوق منذ إحداثه في تعويض ضحايا الكوارث الطبيعية في المغرب، وعن وجود رؤية حكومية لتبسيط المساطر بما يسرع عملية تعويض المتضررين.

فك العزلة

في غضون ذلك، أعلنت وزارة التجهيز والماء، عن تسخير إمكانيات كبيرة لإعادة فتح حركة المرور في المناطق المتضررة جراء الفيضانات والأمطار الغزيرة التي شهدتها بعض جهات المملكة، خاصة بالجنوب الشرقي.

وفي هذا الصدد، كشفت الوزارة عن تعبئة حوالي 200 فرد من الموارد البشرية و96 آلية لجرف التربة وإزالة العوائق، وذلك في أقاليم زاكورة، ورزازات، تنغير، طاطا، ميدلت، تارودانت، كلميم – آسا زاك، فجيج، وشيشاوة.

وأوضحت الوزارة، أنه حتى يوم الأحد 8 شتنبر 2024، عند الساعة الثالثة بعد الزوال، تم إعادة فتح 22 مقطعا طرقيا، منها 4 طرق وطنية، و7 طرق جهوية، و11 طريقا إقليميا. في المقابل، تتواصل الأشغال لإعادة فتح 16 مقطعا طرقيا لا تزال مغلقة بفعل الفيضانات.

وأشارت الوزارة إلى أن منطقة طاطا، التي تعرضت لأضرار كبيرة، تحظى بتركيز خاص، حيث تم تعزيز فرق التدخل والآليات، مؤكدة استمرارها في تعبئة كافة الموارد البشرية واللوجستية المتاحة لضمان إعادة فتح الطرق المتضررة واستعادة حركة المرور في أسرع وقت ممكن.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا