يشهد العالم نقاشًا محتدمًا حول مستقبل قوانين التحقق من العمر على الإنترنت، مع تزايد الضغوط على الحكومات والشركات التكنولوجية لإيجاد توازن بين حماية الأطفال والحفاظ على خصوصية البالغين.
فبينما يُعتبر الإنترنت مساحة ثرية للتعلم والتواصل، فإنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام مخاطر جسيمة على القاصرين، من التعرض للتنمر وصولًا إلى مواد إباحية ومحتوى ضار.
لكن الحلول المطروحة لمراقبة أعمار المستخدمين تُثير مخاوف واسعة بشأن الحريات الرقمية وخصوصية البيانات، بحسب تقرير نشره موقع "تك كرانش" واطلعت عليه "العربية Business".
في الولايات المتحدة، أقرت 23 ولاية حتى أغسطس الماضي قوانين للتحقق من العمر، وتستعد ولايتان أخريان لتطبيقها الشهر الجاري.
وتركز هذه القوانين على المواقع الإباحية بالدرجة الأولى، ما دفع منصات إلى حجب خدماتها عن بعض الولايات بدلاً من جمع بيانات حساسة من المستخدمين.
أما في بريطانيا، فقد دخل "قانون السلامة على الإنترنت" حيز التنفيذ في يوليو، ويلزم منصات كبرى مثل "يوتيوب" و"سبوتيفاي" و"غوغل" بالتحقق من هوية المستخدمين.
ويشمل ذلك حتى منصات تعليمية وإخبارية، ما أثار انتقادات حادة خشية تحول هذه الخطوات إلى قيود على حرية الوصول إلى المعلومات.
يرى خبراء الأمن أن آليات التحقق ليست محصنة ضد الاختراقات.
فقد شهد تطبيقات مثل "Tea" فضائح كبرى بعد تسريب صور وهويات آلاف المستخدمين رغم تعهد الشركة بحذفها فورًا.
ويؤكد مختصون أنه "لا توجد وسيلة تحقق آمنة تمامًا" تجمع بين الدقة وحماية الخصوصية في الوقت ذاته.
ويحذر نشطاء من أن هذه القوانين قد تُستخدم سياسيًا أيضًا، عبر تقييد المحتوى المتعلق بحقوق الأقليات أو النشاطات السياسية، وهو ما يُثير مخاوف أكبر في دول ذات سجل متوتر في الحريات.
في مواجهة هذه القيود، ارتفعت بشكل ملحوظ معدلات استخدام شبكات VPN حول العالم، إذ لجأ كثير من المستخدمين في أميركا وبريطانيا وفرنسا إلى هذه الأدوات للتحايل على القوانين الجديدة.
لكن خبراء الخصوصية يحذرون من أن شبكات VPN المجانية نفسها قد تكون بابًا لانتهاكات جديدة للبيانات.
وبينما يرى مشرّعون أن التحقق من العمر خطوة ضرورية لحماية القاصرين من مخاطر الإنترنت، يعتقد خبراء التقنية أن هذه الحلول "مُعيبة" وقد تنقلب على المستخدمين أنفسهم.
وهكذا تبقى المعركة مفتوحة بين حماية الأجيال الجديدة وضمان عدم التضحية بخصوصية البالغين في العالم الرقمي.