لم تلعب موزمبيق أي مباراة دولية في تاريخها حتى الخامس والعشرين من يونيو 1975 وهو يوم استقلالها من البرتغال، لكنها وبعد ذلك التاريخ ظلت أسيرة لخطف المستعمر أهم صادراتها عبر التاريخ وهو الفهد الأسود أوزيبيو الذي يعتبر واحداً من أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ.
وتبحث موزمبيق عن أول فوز لها في تاريخ مشاركاتها بكأس أمم إفريقيا إذ شاركت في 15 مباراة حتى الآن تعادلت في أربع منها بينما خسرت 11 مرة قبل ملاقاة الغابون يوم الأحد في الجولة الثانية من دور المجموعات بالنسخة الحالية المقامة في المغرب حالياً.
وبقيت موزمبيق مستعمرة برتغالية لمدة 486 عاماً بدأت في 1498 وانتهت بالاستقلال في يونيو 1975، إذ أدخل المستعمرون كرة القدم التي أصبحت لاحقاً رمزاً لوحدة الشعب في مواجهة البرتغاليين.
بدأ أوزيبيو ممارسة كرة القدم في الخمسينات الميلادية وحينها كانت الأندية في موزمبيق تتبع أندية برتغالية، فعلى سبيل المثال نادي دييسبورتيفو لورينشو دي ماركيز وهو ناديه المفضل في بلاده، كان أشبه بأكاديمية تغذي فريق بنفيكا باللاعبين الشبّان، بينما غريمه التقليدي سبورتينغ يتبعه سبورتينغ كلوب دي لورينشو ماركيز.
رفض الأول استقبال أوزيبيو، مشجع بنفيكا في الأساس، وانتقل إلى الغريم التقليدي أما لماذا؟ لأنه كان ناديا يشجعه النخبة ورجال الشرطة رغم سمعته السيئة إذ دائماً ما يوصف بأنه لا يحترم الملونين.
في 15 ديسمبر 1960 دخلت كرة القدم البرتغالية عصراً جديداً وهو اليوم الذي وصل فيه "الفهد الأسود" إلى لشبونة ليوقع مع بنفيكا رغم لعبه مع ناد يتبع الغريم التقليدي سبورتينغ في موزمبيق، لكن الأول دفع مبلغاً كبيراً في ذلك الحين يعادل 193 ألف يورو اليوم، لكن أوزيبيو لم يلعب ذلك الوقت بسبب تمسك سبورتينغ بالحصول على خدماته ودعمته الهيئة المسؤولة عن الرياضة في البرتغال وقتها، بينما وقف الاتحاد البرتغالي لكرة القدم مع بنفيكا.
يقول أوزيبيو الذي فارق الحياة قبل 11 عاماً عن تلك الفترة: سبورتينغ أراد أن يضمني كلاعب في الفئات السنية وقدموا لي ألف يورو لمدة 3 أعوام وطلب شقيقي مضاعفة المبلغ وفعلت إداراته لكن والدتي أخذت المال ولم أكن راضياً عن ذلك، وبعد شد وجذب ارتديت قميص بنفيكا.
لم ينتظر أوزيبيو كثيراً ليظهر قدراته للبرتغاليين فسجل "هاتريك" في أول مباراة ضد فيتوريا شيتوبال، ومن ثم واصل تألقه بعدما سجل "هاتريك" أمام سانتوس بيليه عام 1961، ومضى ليحصل على 11 بطولة دوري وكأس أوروبا للأندية على حساب ريال مدريد.
لم تتوقف إنجازات أوزيبيو عن ناديه فقط بل أبهر العالم مع منتخب البرتغال في كأس العالم 1966 عندما حل ثالثاً في بطولة كان هدافها "الفهد الأسود" وهذا جعل إدارة متحف "مدام توسو" في لندن تصنع له تمثالاً من الشمع مباشرة، كما اختارته هيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" الشخصية الرياضية الأجنبية في عام 1966.
كان أوزيبيو يذهب إلى البرلمان البرتغالي بشكل مستمر للحديث مع الديكتاتور أنطونيو دي أوليفيرا سالازار الذي حكم البرتغال حتى 1968 لمناقشة أحوال البلاد، واحتفل باستقلال بلاده موزمبيق من المستعمر البرتغالي عام 1975 دون أن يعرف بأن جميع ممتلكاته في بلده الأم تمت مصادرتها من الثوار، لكنه ترك ذكرى لا تنسى في التاريخ إذ أعلنت الحكومة البرتغالية الحداد لمدة 3 أيام بعد وفاته في الخامس من يناير 2014، وتمت تسمية الشارع الذي يقع عليه ملعب "دا لوز" التابع لنادي بنفيكا بـ"جادة أوزيبيو".
المصدر:
العربيّة