اعتبر المحلل السياسي عبر قناة التناصح محمد إلهامي أن نهج “السلمية وهم وسراب”، مؤكدا -في مقال له- أن القوة والسلاح هما السبيل الأجدى للتغيير، ومستشهدا بصعود “أبو محمد الجولاني” إلى موقع “الرئيس أحمد الشرع” ودخوله البيت الأبيض رغم تصنيفه السابق.
هذه الرؤية لاقت ردا مباشرا من الباحث السياسي علي السباعي، الذي رفض بشدة تعميمات إلهامي، واعتبر أن الطرح يتضمن ظلما وتسفيها لشريحة كبيرة من العاملين في المجال الإسلامي.
السباعي: التغيير ليس وسيلة واحدة.. والسلمية نجحت حيث فشل السلاح
السباعي بدأ ردّه بالتأكيد على أن وسائل الإصلاح تختلف باختلاف الظروف، وأن ما يصلح في بلد قد لا يصلح في آخر، منتقدا إصرار إلهامي على تصوير السلمية كخيار فاشل مطلقا.
وأكد أن تجاهل إلهامي للنموذج التركي يمثل نقصا جوهريا؛ فتركيا — التي وصل فيها الإسلاميون إلى السلطة عبر أدوات سلمية — أصبحت اليوم الحاضنة الأكبر للإسلاميين، حتى لأولئك الذين يتبنّون السلاح كوسيلة للتغيير، حسب تعبيره.
سورية: النجاحات العسكرية لم تكن بمعزل عن الحاضنة السلمية التركية
وعلّق السباعي على حديث إلهامي عن صعود الجولاني ووصوله للبيت الأبيض، مذكرا بأن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا الدعم التركي السياسي والعسكري بقيادة رجب طيب أردوغان، وأن هذا الدعم نفسه كان ثمرة المسار السياسي السلمي الذي قاد العدالة والتنمية إلى السلطة.
كما أشار السباعي إلى أن وصول المعارضة السورية إلى القصور الرئاسية كان نتيجة عوامل عدة:
• الظهير التركي الذي خاض حربا واسعة لحماية إدلب.
• ظهور الطائرات المسيرة التركية لأول مرة في تلك العمليات.
• والطوفان الإخواني الإقليمي الذي أضعف حزب الله وأشغله عن الملف السوري.
ويرى أن هذه العوامل حاسمة، ولا يمكن تجاهلها عند الحديث عن نجاح المعارضة المسلحة.
ماذا لو فشل الجولاني؟.. انتقائية في التقييم
وفي تفكيك نقدي لخطاب إلهامي، طرح السباعي سؤالا لافتا:
لو فشل الجولاني وتمّت إبادته بالقصف الروسي أو الأمريكي، هل كان سيُوصف اليوم بالقائد الذي “خاض المعركة ووصل”؟ أم بـ”المغامر المتهور”؟
وبالمقابل، لو امتلك الغنوشي ما امتلكه أردوغان من ظروف، هل كان سيُنسب فشلهم إلى “السلمية”؟
السباعي يرى أن الإجابة واضحة، وأن الحكم عند إلهامي مرتبط بالنتيجة لا بالمبدأ، وهو ما اعتبره خللا في الإنصاف.
في تونس: هل السلاح خيار واقعي أصلا؟
وتوقف السباعي عند نقد إلهامي الشديد لراشد الغنوشي بسبب السلمية، سائلا:
ما هو البديل الواقعي في تونس؟
فإن كان الجواب هو السلاح، فإن السباعي يصفه بأنه “أشبه بالانتحار الجماعي”، نظرًا لأن النهضة بلا قوة صلبة، بينما الجيش مدعوم دوليا.
وإن كان البديل هو الإصلاح وفق الإمكانيات المتاحة، فهذا بالضبط ما فعله الغنوشي، ما يجعل انتقاد إلهامي له غير مبرّو.
رفض اتهام الإخوان بابتكار “ركن السلمية”
كما اعتبر السباعي أن اتهام إلهامي للإخوان بأنهم جعلوا “السلمية ركنا جديدا من أركان الإسلام” قول غير منصف، وفيه مبالغة لا تستند إلى واقع التجارب.
ختام: دعوة إلى العدل لا الانحياز
وختم السباعي بأن هدفه ليس الدفاع عن جماعة أو انتقاد أخرى، بل التأكيد على قيمة العدل، وضرورة تقييم التجارب وفق ظروفها لا وفق الأحكام المسبقة.
المصدر:
الرائد