كشفت مراسلة نائبي عقيلة ومطالبتهما إياه بعدم الانفراد في اتخاذ القرارات، عن خلافات بين رئاسة المجلس لم تكن ظاهرة للعيان من قبل، ما يثير تساؤلات حول دوافع هذه التحركات ومآلاتها المستقبلية في ظل ما يشاع حول نوايا للإطاحة بعقيلة من رئاسة المجلس.
رسالة تحذير
النائبان الأول فوزي النويري والثاني مصباح دومة طالبا رئيس المجلس عقيلة صالح، بعدم الانفراد بإصدار تكليفات بالمناصب التابعة للمجلس، ولوكانت مؤقتة، إلا بعد عرضها على قاعة المجلس.
وشدد النائبان، خلال مراسلة موجهة لمدير مكتب عقيلة، على ضرورة إلغاء كافة التكليفات والتزكيات والمراسلات الصادرة خارج الإطار الجماعي للمجلس.
انقسام داخلي
وتعليقا على خطاب نائبي “عقيلة”، قال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، إن الفجوة بين هيئة رئاسة مجلس النواب ورئيس المجلس تهدد بانقسام داخلي.
وأضاف العرفي، في تصريح للرائد، أن القرارات الأحادية والتضارب في الاختصاصات داخل هيئة الرئاسة يؤثر على مسار المجلس، داعيا أن تكون رئاسة المجلس منسجمة ومتناغمة.
تحول الميزان
بالمقابل، يرى الكاتب السياسي إلياس الباروني، أن ما حدث بمجلس النواب لم يكن مجرد اعتراض إداري بل إشارة سياسية قوية تعكس تحولًا في ميزان القوى داخل البرلمان.
ورأى الباروني، في تصريح للرائد، أن عقيلة لم يعد يملك الغطاء الكامل داخل المجلس، وأن جزءًا من القيادات بدأ يتجه نحو تقييد سلطته المنفردة.
اختبار
وأشار الباروني إلى أن التحركات الحالية لا تزال في مرحلة اختبار الضغط، وليست بالضرورة مقدمة فورية لتنحية عقيلة، لكنها قد تكون تمهيدًا لإعادة توزيع النفوذ داخل المجلس.
تحجيم
وفي سياق متصل، وصف المحلل السياسي عبدالله الكبير ما حدث بمحاولة لتحجيم دور عقيلة صالح ومنع استحواذه على قرارات المجلس.
وأشار الكبير، في تصريح للرائد، إلى أن استبعاد عقيلة من رئاسة المجلس غير ممكنة باعتبار دعمه من قبيلته والقوى الفاعلة على الأرض والجانب المصري.
ودعا الكبير إلى تفعيل واعتماد اللائحة وعودة القرار إلى قبة المجلس، محذرا من أن تتسبب المنازعات بين النائبين والرئيس في خلق حالة صراع داخل المجلس.
وتأتي هذه الأحداث الأخيرة بين هيئة رئاسة النواب عقب تصاعد الحديث حول إزاحة عقيلة من منصبة القابع فيه منذ 10 سنوات.
وكان عضو مجلس النواب سالم قنيدي، قد أكد تقدّمه رفقة مجموعة من النواب، بطلب لتعديل اللائحة الداخلية للمجلس وإضافة دورة برلمانية لرئاسة المجلس.
وأضاف قنيدي، في تصريح لليبيا الأحرار، في الـ 22 من أكتوبر الماضي، أن التعديل يتضمن إجراء انتخابات لرئاسة البرلمان كل سنة أو 6 أشهر.
وتابع قنيدي: “عقيلة يقبع فوق رؤوسنا منذ 11 عاما، ولم نستطع تغييره لأن الشلّة التي حوله تعمل مشاكل ومستفيدة من الجغرافيا”.
الحوار المهيكل
وتتزامن هذه التحركات مع اطلاق البعثة الأممية للحوار المهيكل وهو أحد المكونات الثلاثة الرئيسة في خارطة الطريق السياسية التي عرضتها المبعوثة الاممية هانّا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي في أغسطس الماضي، والهادفة إلى دعم العملية السياسية وتعزيز فرص إجراء الانتخابات المقبلة.
وسيناقش المشاركون، خلال أعمال الحوار، القضايا العالقة من المسارات السياسية السابقة، إضافة إلى آليات تنفيذ التوصيات التي سيتم رفعها إلى المؤسسات الحكومية ذات الصلة لتحويلها إلى خطوات عملية قابلة للتطبيق.
وبحسب البعثة، سيُدعى نحو 120 شخصية من مختلف المناطق للمشاركة في الحوار، مع فتح قنوات إضافية لاستطلاع آراء المواطنين عبر منصات إلكترونية ولقاءات مباشرة وافتراضية، بما يعزز الشفافية والمشاركة المجتمعية.
وتأتي هذه التحركات في سياق تسعى فيه البعثة إلى تفكيك مواقف مجلسي النواب والدولة المعرقلة التي تحولت، بحسب وصف تيتيه في إحاطتها الأخيرة، إلى “نمط معتاد”، وأبدت حينها أسفها العميق لأن “توافق المجلسين بات محفوفا بالمخاطر”، نتيجة لاستخدامهما المتكرر لملف المناصب السيادية كذريعة لعرقلة المراحل التمهيدية من خريطة الطريق.
وفي سابق متصل، كثف خليفة حفتر في الأسابيع الأخيرة لقاءاته مع قادة قبليين من مختلف أنحاء ليبيا، بالتزامن مع انطلاق المسار الذي أعلنت عنه البعثة الأممية والمعروف بـ”الحوار المهيكل”،
ويرى مراقبون أن حفتر “تفطن مبكراً إلى أن البعثة الأممية بدأت بنقل المعركة إلى العمق من خلال محاولة سحب البساط الذي يقف عليه حفتر، وأيضاً مجلس النواب ومجلس الدولة، وانهم كانوا يظنون أن الحوار المهيكل سيأتي في المرحلة الثالثة من خريطة الطريق، لكن البعثة فاجأته بإعلان بدء الترشح للعضوية، الأمر الذي أربكه ودفع الحكومة المكلفة من مجلس النواب إلى إصدار بيان حاد”.
فإلى أين سيفضي خلاف هيئة رئاسة النواب في قابل الأيام؟
المصدر:
الرائد