بين اجتهاد المركزي وانتقاد الخبراء، لا يزال المواطن الليبي يرزح تحت وطأة أزمة سيولة مالية متكررة، وبينما يسعى المركزي للحدّ منها بطباعة مزيد من العملة وتوسيع دائرة الدفع الإلكتروني، يرى بعض الخبراء أن حلول المركزي ستزيد الركود الاقتصادي بدل إيجاد استقرار مالي في ظل ارتفاع سعر الدولار إلى 7,57 دنانير رغم وعود المركزي بخطة للسيطرة على سعر الصرف في أكتوبر الجاري.
دفع إلكتروني
محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى اتفق مع رئيس الهيئة العامة للاتصالات عبد الباسط الباعور، على تشكيل فريق عمل مشترك يتولى متابعة ومعالجة التحديات المتعلقة بالبنى التحتية للمصارف التجارية وشركات الدفع الإلكتروني.
وتضمن اتفاق المركزي والاتصالات العمل على تطويرها بما يدعم استراتيجية المركزي للشمول المالي، وضمان استمرارية الخدمات المصرفية وعدم انقطاعها.
انقطاع الخدمات
اجتماع محافظ المركزي مع هيئة الاتصالات جاء بعد توقف خدمات الموزع الوطني ونقاط البيع التابعة لشركة معاملات ظهر الجمعة الماضية، في ظل أزمة سيولة خانقة تمر بها البلاد.
وأكد المحافظ، خلال الاجتماع مع شركة معاملات، أن نظام الموزع الوطني نظام سيادي يمثل عمود خدمات الدفع الإلكتروني بالبلاد، وأن انقطاعه لأي فترة زمنية هو أمر غير مقبول، في ظل أزمة سيولة خانقة تشهدها البلاد على الرغم من توزيع المركزي 3 مليارات دينار خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر.
تفاقم الركود
ومن جانب آخر، يرى خبراء أن علاج السيولة لا يكمن في مزيد من الاعتماد على الدفع الإلكتروني، إذ يؤكد الخبير الاقتصادي عبد اللطيف طلوبة، أن سياسة تجفيف الكاش والتحول إلى الرقمنة، تفاقم الركود بدل تنشيط الاقتصاد، لأن الثقافة الليبية تُفضّل الدفع النقدي أو الكاش.
واوضح طلوبة في تصريح لتلفزيون المسار، أنه كلما قل استخدام الكاش في المعاملات اليومية، كلما زاد حرص المواطن على الاحتفاظ بالكاش في منزله ما يؤدي إلى انخفاض المعاملات اليومية.
واشار المركزي إلى أن السياسة التي يتبعها المصرف المركزي الهدف منها معالجة مشاكل أخرى يواجهها الاقتصاد، مثل الحديث عن كميات من العملة غير مطبوعة بمعرفة المصرف، أو واقع يقول إن الكثير من العملات المتداول أصابها التلف.
جلسة استدعاء
وتتزامن هذه الأزمة مع استدعاء مجلس النواب المحافظ ناجي عيسى يوم 3 نوفمبر المقبل،
و ستتناول الجلسة بيان المصرف المركزي بخصوص وجود نحو 10 مليارات لم تصدر عن المصرف وغير معلومة له، من إجمالي 47 مليار من العملة المسحوبة من الإصدارات القديمة.
وستتطرق الجلسة كذلك إلى قضية الاعتمادات وأزمة السيولة، وسبب اختفاء المليارات بسرعة بمجرد طرحها من المصرف المركزي.
ووفق مصادر برلمانية لموقع “إرم نيوز” الإماراتي، فإن عقيلة صالح قد يسعى لإقالة المحافظ في إطار مساعيه لاستبدال رؤساء المؤسسات السيادية الليبية بالاتفاق مع المجلس الأعلى للدولة، حيث يتعين عليه أولًا الحصول على موافقة الأخير لتغيير المناصب السيادية على غرار المفوضية العليا للانتخابات، وديوان المحاسبة، وديوان المراقبة الإدارية، والنائب العام.
من جهته، قال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي، إن المجلس استدعى مجلس إدارة المصرف بقيادة المحافظ ناجي عيسى للمثول في جلسة 3 نوفمبر المقبل لتوضيح سبب تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في ليبيا، مع أزمة السيولة وارتفاع سعر صرف النقد الأجنبي.
وأضاف في تصريح لقناة الوسط أن المصرف المركزي وعد بحل أزمة السيولة في شهر أكتوبر لكن ما حدث هو العكس بوجود مصارف موازية تخزن العملة، مشددا على الحاجة إلى سياسة نقدية رشيدة تنتشل البلاد من الفساد المستشري.
ونوه بوجود مشاكل في صرف الاعتمادات المستندية، إذ تستحوذ 7 عائلات فقط على 3.5 مليارات دينار من هذه الاعتمادات وهو ما يتسبب في ارتفاع أسعار السلع، فضلا عن اكتناز بعض تجار العملة للأموال مما يتسب في أزمة سيولة.
عملة جديدة
وكان المركزي قد أعلن مؤخرا عن طباعة 60 ملیارا ، مبينا أنه استلم 25 مليارا ووزعها، بينما ستصل 14 مليارا قبل نهاية العام، إضافة لـ 21 مليارا خلال العام المقبل 2026.
وتأتي طباعة العملة من المركزي بهدف تعويض ما سحبه من العملة خلال الفترة الماضية إذ بلغ إجمالي النقد المسحوب 47 مليار دينار، منها 10 مليارات مجهولة المصدر توزعت على 6.5 مليارات من فئة 20 دينارا طبعة روسيا و 3.5 مليارات دينار من فئة 50 دينارا المسحوبة.
وأكد المركزي في بيانه أن هذه الـ10 مليارات أثرت سلبًا في قيمة الدينار، ورفعت الطلب على الدولار بمستويات كبيرة في السوق الموازية.
المصدر:
الرائد