آخر الأخبار

تيار الفساد.. تحالف المال والسلاح والإعلام ضد إرادة الليبيين

شارك

قبل انعقاد الحوار السياسي الليبي في جنيف، كانت الساحة الليبية تعجّ بثلاثة تياراتٍ متنازعة، يرفع كلٌّ منها شعاراتٍ مختلفة، ويتصارع اثنان منها – للأسف – صراعًا صفريًا، مما زاد من حدة الانقسام وأطال أمد الأزمة بدلَ حلّها:
تيارٌ يرفع شعار “الدولة المدنية” نظريًا، لكنه عمليًا ساهم في تفكيك مؤسساتها وزرع الفوضى، خدمةً لأجنداتٍ آنيةٍ ومصالحَ ضيقة.
تيارٌ آخر استغلّ تلك الفوضى ليمهّد الطريق أمام عودة منظومة الاستبداد والقمع، متسترًا بشعارات “الاستقرار والأمن”، دون أن يقدّم رؤيةً لبناء دولة القانون والمؤسسات.
تيارٌ وطنيٌّ ثالث حاول – بإخلاص – الدفعَ نحو “توافقٍ حقيقيٍّ” يعيد للوطن عافيته، لكنه وجد نفسه محاصرًا بين سلاحٍ منفلت، ومالٍ سياسيٍّ ملوث، وبيئةٍ إقليميةٍ لا تريد لليبيا أن تنهض.
وبعد ملتقى جنيف واستلام حكومة الوحدة الوطنية زمامَ السلطة ومواردَ الدولة، نشأ تيارٌ رابع استوعبَ أسوأ ما في التيارين السابقين، وزاد عليه؛
إنه ما يمكن تسميته بـ “تيار الفساد”، الذي جمع في صفوفه خليطًا من رجال الأعمال والنفوذ والإعلام والسياسة والميليشيات ورجال الدين والعسكر، من مختلف المناطق والتيارات.
هذا التيار لم تُؤسِّسْه فكرةٌ أو مشروعٌ وطني، بل جمعته مصلحةٌ واحدة: نهب الوطن وتقاسم مقدراته بلا رقيبٍ ولا حسيب.
والأخطرُ من ذلك أنه خلق بيئةً حاضنةً للفساد، ونشرَ وزرع ثقافةَ الفساد في مؤسسات الدولة والمجتمع.
لقد تحوّل هذا التحالفُ الجديد إلى التيار السياسي الأكثر نفوذًا وتأثيرًا، مستخدمًا أدواتِ الدولة لتصفية خصومه، وشراءِ الولاءات، وتضليلِ الرأي العام، مما أفقد ليبيا كلَّ مؤشراتِ النزاهة والشفافية، وأعاد إنتاجَ منظومة الفساد والاستبداد بواجهةٍ جديدة.
لقد أسكتَ تيارُ الفساد صوتَ فبراير، وضيّع أهدافَها، وورّطَ كثيرًا من رموزها في دوامةِ الفساد، وابتلعَ مواردَ الوطن.
لكنّه – بإذن الله – لن يتمكّن من سرقة إرادة الشعب الليبي.
فالحقُّ باقٍ، والفسادُ زائل، والعدالةُ قادمة، مهما طال ليلُ الفساد والطغيان.

الرائد المصدر: الرائد
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا