في جلسة منقولة عن الهواء مباشرة، انتُخب محمد تكالة رئيسا جديدا للمجلس الأعلى الدولة بعد حصوله على 59 صوتا وسط مباركة البعثة الأممية واعتراضات الرئيس السابق والخصم الحالي خالد المشري الذي اعتبر ما جرى باطلا وغير شرعي.
ووصف المشري جلسة التصويت بـ”غير الشرعية” لعدم توافر النصاب القانوني بواقع 91 عضواً فقط، رافضاً الاعتراف بأي نتائج ترتبت عنها.
وأعلن المشري توجهه ومجموعة من أعضاء مجلس الدولة الرافضين لنتائج الجلسة، إلى تقديم طعن رسمي أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ضد الجلسة ونتائجها، واصفاً الجلسة بأنها “فاشلة ومخالفة للقانون” لعدم اكتمال النصاب في التوقيت المحدد، مؤكداً رفضه وأعضاء آخرين “أي مخرجات تترتب على هذه الجلسة”.
البعثة تبارك
ومن جانبها، هنأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المكتب الرئاسي الجديد، معتبرة أن حضور ثلثي الأعضاء يعكس توافقا واسعا، ويمثل خطوة نحو كسر الجمود السياسي، ودعت جميع الأطراف إلى الانخراط البناء في العملية السياسية وإنهاء المرحلة الانتقالية.
وأكدت البعثة تأييدها لتوسيع التوافق الداخلي في مجلس الدولة من خلال إشراك الأعضاء الذين لم يحضروا جلسة.
إلا أن المشري انتقد البيان الأممي وعبر عن استغرابه الشديد من وصف الجلسة بـ”التوافقية”، مؤكدا أن أكثر من 45 عضوا قاطعوا الجلسة، وأنها تفتقر للشرعية القانونية والتوافق الفعلي.
وعبر المشري عن استغرابه ودهشته مما وصفه بموقف البعثة غير المتوازن، رافضًا ما سماه بتدخلها في نزاع قضائي لا يزال منظورًا أمام الجهات المختصة.
كما اعتبر تدخل البعثة الأممية في نزاع لا يزال منظورا أمام الجهات المختصة تجاوزا غير مبرر، وانحيازا غير مقبول.
القضاء الفصيل
ورأى المحلل السياسي السنوسي إسماعيل خلال حديثه مع الرائد أن مصير وحدة المجلس سيحسم بقرار حكم الدائرة الدستورية، الذي سيحدد إذا كان هناك انتهاك للائحة التنظيمية لمجلس الدولة التي تنظر في مدى قانونية الدعوة لعقد الجلسة، ومدى اكتمال النصاب القانوني.
ولفت إسماعيل إلى أن موقف مجلس النواب مهم جدا، سواء بمواصلته التعامل مع خالد المشري أو تغييره موقفه حول ذلك.
التئام
وبدوره، قال عضو المجلس الأعلى للدولة عادل كرموس، إن خالد المشري اعترض وتمسك بحقه في الرئاسة استنادا إلى حكم قضائي لصالحه، لكن جرى تجاوز الخلافات بعد حضور ما يزيد على ثلثي أعضاء المجلس، وهو العدد الكافي قانونيا لاتخاذ القرارات المتعلقة بتعديل اللائحة الداخلية وإجراء الانتخابات.
وفي تصريح للرائد، أوضح كرموس أن المجلس التأم برئاسة محمد تكالة، على الرغم من معارضته لرئاسته، مؤكدا أن هذه هي قواعد الديمقراطية، فالنتائج يجب احترامها الآن كما في السابق.
وأضاف كرموس أن البعثة الأممية أمام أمر واقع ناتج عن إرادة أعضاء المجلس، وأن اعترافها بالجلسة إجراء عادي لأن الإرادة الداخلية للمجلس كانت كافية لإعادة التئامه واستئناف مهامه.
وأكد كرموس أنه لا مجال لأي اعتراضات أو طعون بعد الآن، مشيرا إلى أنها ستبوء بالفشل، داعيا المجلس إلى القيام بمهامه وفق الاتفاق السياسي، وإجراء حوارات جدية مع مجلس النواب حول الملفات العالقة، ومن أبرزها المناصب السيادية والمصالحة الوطنية.
ويأمل كرموس أن يفتح مجلس الدولة صفحة جديدة تتجاوز كل الخلافات السابقة، وألا يبقى جامدا في تعامله مع مجلس النواب.
وبين مسار قانوني لم يُحسم بعد، وآمال أممية بتحريك الجمود السياسي، تتجدد التساؤلات حول مستقبل التوافق داخل مجلس الدولة، ومدى قدرته على لعب دور فعّال في إنهاء المرحلة الانتقالية وتحقيق الاستقرار المؤسسي.