كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية أن دبلوماسيين بريطانيين تعرّضوا لإطلاق نار في العاصمة الليبية طرابلس أواخر الشهر الماضي، في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها البلاد.
وبحسب ما نقلته الصحيفة، فإن الحادثة وقعت في حوالي الساعة السادسة صباحًا من يوم 26 يونيو، عندما كانت سيارتان تابعتان للسفارة البريطانية تقلّان طاقمًا دبلوماسيًا في طريقهما من مطار معيتيقة إلى إحدى المناطق السكنية في طرابلس. وأوضحت أن المركبتين تعرضتا للملاحقة من قبل سيارة تويوتا لاند كروزر خالية من لوحات أو علامات تعريفية، بحسب تقارير محلية أكدها اثنان من المسؤولين المطلعين للصحيفة.
وأفادت بوليتيكو أن الموكب حاول تجاوز السيارة المشبوهة، إلا أن السائق طاردهم وأطلق وابلاً من الرصاص، مما أدى إلى تضرر السيارتين البريطانيتين دون تسجيل أي إصابات.
ورغم عدم وقوع خسائر بشرية، إلا أن الحادثة كانت خطيرة بما يكفي ليتم إبلاغ مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وفق ما نقلته الصحيفة عن أحد المسؤولين، بينما رفضت وزارة الخارجية البريطانية التعليق على الواقعة.
وعن منفّذ الهجوم، نقلت بوليتيكو عن أحد المسؤولين قوله إن المهاجم يُعتقد أنه أحد عناصر “جهاز الدعم العام”، وهو تشكيل أمني تابع لحكومة طرابلس.
ومع ذلك، أوضح المصدر أن السلطات البريطانية صنّفت الحادث لاحقًا على أنه “نوبة غضب مروري”، مشيرًا إلى أن العلاقات بين بريطانيا وحكومة طرابلس “جيدة”، وأن الأخيرة تعاونت بسرعة مع التحقيقات. كما أضاف أنه من غير المرجح أن تقوم ميليشيا تابعة لحكومة معترف بها دوليًا باستهداف دبلوماسيين من دولة حليفة.
زيارة دبلوماسية محدودة إلى طرابلس
وفي سياق متصل، قالت بوليتيكو إن وزارة الخارجية البريطانية كانت تخطط لزيارة رسمية إلى مدينة بنغازي في 15 يوليو، للقاء عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم اللواء خليفة حفتر.
لكن الصحيفة أوضحت أن الزيارة اقتُصرت لاحقًا على طرابلس، بعدما اشترط حفتر عقد لقاء مع مسؤولين من الحكومة غير المعترف بها في بنغازي كشرط لحضوره. ونتيجة لذلك، قررت البعثة البريطانية، التي قادها وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط هاميش فالكُنر، الاقتصار على زيارة طرابلس، حيث وصل الوفد يوم الإثنين.
ووفق دبلوماسي مطّلع تحدث إلى الصحيفة، فإن الزيارة ركّزت على جهود بريطانيا لإبعاد سلطات الشرق الليبي عن النفوذ الروسي، في ظل قلق بريطاني متزايد من احتمالية إقامة قاعدة بحرية روسية في البحر المتوسط، ما قد يشكل تهديدًا استراتيجيًا للجناح الجنوبي لحلف الناتو.
ملفات التأشيرات والديون الصحية
وأضافت بوليتيكو أن محادثات الوفد البريطاني في طرابلس شملت ملفات مالية عالقة، من بينها مساعي لندن لاسترداد مبالغ بملايين الجنيهات الاسترلينية مستحقة على الحكومة الليبية، بعد تلقي مواطنين ليبيين العلاج في مستشفيات بريطانية دون سداد التكاليف.
كما تم طرح مقترح ليبي لفتح مركز تأشيرات بريطاني داخل ليبيا، إلى جانب نقاش جانبي حول ملف الهجرة، الذي لم يكن على رأس أولويات الزيارة، خلافًا لزيارة أوروبية مماثلة الأسبوع الماضي انتهت بفشل دبلوماسي بعد أن تم إعلان وفد من المفوضية الأوروبية “غير مرغوب به” من قبل سلطات طرابلس.