آخر الأخبار

ليبيا على صفيح ساخن.. هل اقترب موعد تشكيل حكومة موحدة؟

شارك

تشهد ليبيا حراكًا سياسيًا متسارعًا هو الأكثر حدة منذ سنوات، مع تزايد المطالب الشعبية والإقليمية والدولية بإحداث تغيير جوهري في المشهد السياسي.

وعلى خلفية الاشتباكات المسلحة في طرابلس ، اشتد الغضب الشعبي وخرجت مظاهرات واعتصامات في قلب العاصمة طرابلس، تطالب برحيل الحكومة الحالية، في حين بدأت دول الجوار تحركات دبلوماسية لبحث مستقبل البلاد، مع صدور دعوات دولية للتدخل من أجل حفظ السلام، وتهيئة الأجواء لمسار سياسي جديد، يطرح تساؤلات ملحة حول مدى اقتراب تشكيل حكومة موحدة بعد سنوات من الانقسام.

تصاعد الغضب الشعبي في شوارع طرابلس

لثالث أسبوع على التوالي، شهد ميدان الشهداء في طرابلس تجمعا للمتظاهرين رفعوا فيها “البطاقة الحمراء” تعبيرًا عن مطلبهم الواضح برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة، مرددين شعارات تدعو إلى إسقاطها.

لم تكن هذه المظاهرات محصورة في الميادين فقط، بل امتدت إلى محيط مقر بعثة الأمم المتحدة في جنزور، حيث تجمع محتجون للتعبير عن رفضهم لاستمرار الحكومة الحالية، ومطالبين البعثة الأممية بالتدخل لحسم الموقف.

و أعلن المتظاهرين من ميدان الشهداء بدء العصيان المدني، ووجهوا دعوة مباشرة إلى المواطنين للانضمام إلى هذه الخطوة التي وصفوها بالسلمية والمشروعة، من أجل الضغط على الحكومة للتنحي.

وعلى الأرض، انعكس هذا التوتر على الحياة اليومية في العاصمة، حيث شوهدت حرائق لإطارات سيارات في عدة شوارع، خصوصًا في ساعات الليل المتأخرة، ما تسبب في تعطيل الحركة وزيادة الإرباك الأمني.

تحركات إقليمية تقودها دول الجوار

في موازاة التصعيد في الشارع الليبي، عُقد اجتماع ثلاثي جمع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر لمناقشة تطورات الأزمة الليبية.

الاجتماع، الذي حمل طابعًا طارئًا، جاء ليؤكد أن دول الجوار بدأت تتعامل مع الملف الليبي بمنهجية جديدة، تسعى من خلالها إلى مأسسة التنسيق فيما بينها وتحويله إلى آلية دائمة تُعقد اجتماعاتها بشكل دوري، في محاولة لاحتواء الأزمة قبل انفجارها الكامل.

البيان المشترك الصادر عن الاجتماع وضع الأزمة في طرابلس في صدارة الأولويات، ما يعكس إدراكًا إقليميًا لخطورة الوضع هناك.

وقت برز الدور المصري بشكل واضح كمبادر لإحياء هذه الآلية، ربما في محاولة لإعادة إحياء دور إقليمي كانت بعض الأطراف تشعر بتآكله، أو بدفع من مشروع دولي يسعى لإيجاد غطاء إقليمي لأي خطوات قادمة.

الوزراء الثلاثة شددوا على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية، وصون المؤسسات الوطنية، مع التأكيد على دعم المسار السلمي ورفض العنف، وضرورة تغليب المصلحة الوطنية الليبية على أية اعتبارات أخرى. كما أكدوا استمرار العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم الدعم السياسي واللوجستي اللازم لضمان أمن واستقرار ليبيا.

موقف مصري ثابت: لا حلول خارجية مفروضة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أعاد التأكيد على ثوابت الموقف المصري، الذي يدعم مسار الحل الليبي-الليبي، القائم على احترام السيادة وعدم القبول بأي إملاءات أو تدخلات خارجية.

وأوضح في تصريح صحفي أن الطريق الأمثل لحل الأزمة يبدأ بتوافق ليبي داخلي يقود إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، تضع حدًا للمرحلة الانتقالية الطويلة التي أنهكت مؤسسات الدولة.

دعوات دولية لتدخل محدود ومرحلة إشراف جديدة

على الصعيد الدولي، دعا تقرير صادر عن مركز الدراسات التابع للمجلس الأطلسي إلى ضرورة التدخل الدولي المحدود، عبر تحالف مصغر من الدول المعنية بالملف الليبي، وذلك من أجل ردع الأطراف المعرقلة، ومنع تفاقم الوضع الأمني في طرابلس، إلى حين إطلاق عملية سياسية جديدة.

التقرير شدد على أهمية استحداث مرحلة إشرافية متعددة الأطراف، مؤقّتة، ومملوكة من لليبيين أنفسهم، تضمن عدم السماح لأطراف محلية بالاستحواذ على السلطة خلف الكواليس، وتحمي العملية السياسية من العبث، وتعمل على مواءمة التنفيذ مع النوايا المعلنة.

واعتبر التقرير أن التصعيد الحاصل في العاصمة لم يكن مفاجئًا في ظل الانقسام العميق، وغياب القضاء، واستشراء الفساد، والفشل المتراكم في بناء الثقة بين الفاعلين السياسيين، ما جعل طرابلس ساحة مفتوحة لصراعات النفوذ ومحاولات فرض الهيمنة بالقوة.

مجلس النواب يتمسك بتشكيل الحكومة الجديدة

في ظل هذه التطورات المتلاحقة، يواصل مجلس النواب الليبي تمسكه بحقه في تشكيل حكومة جديدة بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، مستندًا إلى توصيات اللجنة الاستشارية التي شكلتها بعثة الأمم المتحدة، والتي دعت إلى ضرورة تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد في المرحلة المقبلة، وتعمل على تنفيذ خارطة طريق واضحة تنتهي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية شاملة.

هل تقترب لحظة الحسم؟

مع تزايد الضغط الشعبي، والتدخل الإقليمي النشط، والدعوات الدولية المتسارعة، يبدو أن ليبيا تقف بالفعل على أعتاب مرحلة مفصلية.

فهل ستكون هذه التطورات المتلاحقة مقدمة حقيقية لتشكيل حكومة موحدة تنهي ثلاث سنوات من الانقسام والانغلاق السياسي؟ أم أن التحديات الأمنية والسياسية ستظل تعرقل فرص التغيير؟
الإجابة لا تزال معلقة، لكن المؤشرات تدل على أن مرحلة جديدة قد بدأت بالفعل.

الرائد المصدر: الرائد
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل أمريكا مصر حرب غزة

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا