آخر الأخبار

لماذا ظهرت أزمة طرابلس الأمنية الجديدة الأخطر من سابقاتها؟

شارك

تبدو الأزمة الأمنية والسياسية المتصاعدة في طرابلس هي الأخطر والاكثر تعقيدا من بين كل التي عرفتها العاصمة خلال السنوات العشر الأخيرة، بالرغم من أن الصدامات العنيفة والاشتباكات لم تكن تنقطع طوال تلك الفترة، بين المجموعات والأجهزة المتمركزة داخل العاصمة نفسها أو بينها وبين أخرى قادمة من خارجها، وبعضها تحول لحروب طاحنة استمرت اسابيع وشهور، وخلف ضحايا مدنيين ومجندين وخسائر مادية كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة .

حكومة في قلب الأزمة

لكن الأزمة الجديدة التي عرفت منعرجا عنيفا منذ مقتل رئيس جهاز الدعم والاستقرار، عبد الغني الككلي، شهدت متغيرات عديدة مقارنة بسابقاتها، أبرزها أن حكومة الوحدة الوطنية التي تتصدر السلطة التنفيذية في طرابلس، ظهرت كطرف فاعل ومباشر وموجه في الأحداث أمنيا و سياسيا، ولم تعد الحكومة تلعب دور المرجح و الوسيط كما كان الوضع سابقا .

بل أن رئيس الحكومة في طرابلس عبد الحميد الدبيبة تبنى رسميا العملية الأمنية التي فجرت الأحداث وأودت بحياة عبد الغني الككلي، واعتبرها ضمن اهدافه لإنهاء ما يسميه تغول المليشيات على الدولة، واعطاها الغطاء السياسي الحكومي، قبل أن يصدر عديد القرارات بحل ونقل تبعية أجهزة أمنية و تسمية وعزل قادتها، ضمن نفس هدفه المعلن .

ووضع الحكومة قبعة الحيادية والوساطة جانبا، دفع بالأزمة إلى ذروتها لغياب مؤسسة فاعلة تمتصها، كما أعطى للأزمة طابعا سياسيا صرفا عنوانه الصراع على مراكز القرار الرسمية في الدولة وليس مجرد صراع مصالح وتموقع أمني كما كان سابقا، وانتهى إلى انقسام حاد داخل الحكومة نفسها باستقالة عديد الوزراء والمسئولين فيها .

الشارع يتحرك

المتغير الجديد في أزمة طرابلس الجديدة هو ما صاحبها من حراك شعبي واجتماعي كبير غير معهود في هذا النوع من الازمات، تحول من حالة رفض لمجرى الأحداث إلى مظاهرات واحتجاجات اجتاحت طرابلس كلها، تنادي بالعصيان المدني وتدعو إلى إسقاط الحكومة .

وتساهم القواعد الاجتماعية والمناطقية للمجموعات المسلحة المشاركة في الأزمة في تقوية هذا الحراك جنبا إلى جنب مع الدوافع السياسية والاقتصادية التي حركت أيضا كتلا اجتماعية أخرى ناقمة على الوضع المتأزم في البلاد دون أن تكون لها انتماءات مباشرة للمشهد الأمني المشتبك .

كتل مسلحة صلبة

العامل الآخر الذي جعل أزمة طرابلس الجديدة أكثر خطورة من سابقاتها هو أن الأطراف المسلحة المتدخلة فيها تستند إلى وجود أمني وعسكري صلب، من حيث التعداد البشري ومن حيث التجهيز والعتاد العسكري، وزاد تأثيرها ونفوذها في السنوات الأخيرة بفضل الدعم والتمويل الكبير والمباشر ، من الحكومة نفسها أو عبر قنوات غير رسمية وغير قانونية بنفوذها في المؤسسات الاقتصادية والهيئات الكبيرة، وأصبحت تلك الأجهزة والمجموعات في الغالب تقرر بشكل مستقل عن الحكومة عمليات التجنيد و التجهيز والترقية وإعادة التموقع والانتشار في المربعات الأمنية بالعاصمة، وتسمية وعزل قادتها .

ولهذا جاء الصدام بينها هذه المرة عنيفا وماض في التوسع مع عجز اي طرف عن إنهاء المواجهات لصالحه بسرعة

انقسام المؤسسات السياسية

وتحت ضغط العوامل السابقة، وخاصة المظاهرات الشعبية الكبيرة بمطالب سياسية مباشرة، اضطر المجلس الرئاسي لأخذ مسافة مناقضة تماما لنظرة الحكومة ودورها في الأزمة، بل وألغى قرارات الحل والعزل التي أصدرها الدبيبة، وأمر بسحب المسلحين وعتادهم من الشوارع واعادة الأمور إلى ما كانت عليه سابقا ، ليعيد الرئاسي مرة أخرى الصراع القديم مع الحكومة حول اختصاصاته كقائد أعلى للجيش، ويرفع الغطاء القانوني والسياسي الذي وفرته الحكومة للعملية الأمنية الجديدة .

ثم ظهر مجلسا النواب والدولة بخطابين أكثر تشددا ورفضا لما جرى، وبتوصيف يختلف مع الرئاسي لأهداف العملية حتى وإن شاركاه إدانتها .

وأظهر كل هذا انقساما حادا بين مختلف المؤسسات السياسية، بشكل غير مسبوق في أي من الحروب والأزمات التي عصفت بالعاصمة من قبل .

الرائد المصدر: الرائد
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا