يتزايد دور كبير مستشاري ترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية، مسعد بولس، في الملف الليبي، فقد التقى في واشنطن، الاثنين، صدام، نجل حفتر، على رأس وفد بصفته “مبعوث القائد العام للجيش الوطني الليبي”، حسب بيان للسفارة الأمريكية، وبحضور نائب مساعد وزير الخارجية تيم ليندركينغ والمبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند.
واتفق المجتمعون على أن “ليبيا آمنة وموحدة ومزدهرة، بمؤسسات تكنوقراطية قوية بما في ذلك المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، ستكون أكثر قدرة على التعامل مع الولايات المتحدة والشركات الأميركية”، وفق البيان.
ويدعو هذا الكلام بشكل آخر إلى الحفاظ على استقلالية المؤسستين النفطية والمصرفية، ويحذر ضمنيا من أن يؤثر تسييسهما في علاقة ليبيا بالجهات الأمريكية الرسمية والاقتصادية.
وقالت تقارير إعلامية، في وقت سابق، إن إدارة ترامب وجهت دعوة لمسؤولين من الشرق والغرب لزيارة واشنطن، يصلون تباعا خلال الأيام القادمة.
• خطة جديدة
وكشف بولس، لأول مرة قبل أيام قليلة، عن دور جديد ومتصاعد له في الملف الليبي، عندما قال إن الإدارة الأميركية تطور تصورا للحل الليبي بالتعاون مع كافة الأطراف، ولديها قرار بالدفع نحوه، مؤكدا وجود “عدة حلول مطروحة لكن يجب أن تحظى بموافقة وتوافق كل الفرقاء، ضمن مشروع موحد لحكم البلاد، بشراكة فعلية” حسب وصفه.
ولم يعلق على “المخطط الأمريكي” المعلن، أيٌّ من الأطراف الدولية الأخرى المؤثرة في الملف، ومنها المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيته، التي غاب ذكرها وذكر خطتها ومساعيها الجديدة، عن تصريحات المستشار بولس في كلتا المناسبتين اللتين تحدث فيهما عن الملف الليبي.
• صهر الرئيس
و مطلع ديسمبر الماضي، أعلن ترامب تعيين صهره، رجل الأعمال اللبناني الأمريكي مسعد بولس، في منصب كبير مستشاريه للشؤون العربية والشرق أوسطية، فابنه مايكل متزوج من ابنة ترامب تيفاني.
وعلقت وسائل إعلام أمريكية حينها بالقول إن التعيين يعكس دور شخصية بارزة من عائلة ترامب الموسعة ضمن الإدارة الأمريكية الجديدة.
وُلد بولس في لبنان، من أسرة مسيحية مارونية بارزة في السياسة اللبنانية، قبل أن يهاجر إلى تكساس في سن المراهقة، والتحق بجامعة هيوستن، وحصل على شهادة في القانون وعلى الجنسية الأمريكية، وسبق أن خاض هو نفسه انتخابات البرلمان اللبناني لكنه خسرها.
ولعب بولس دورا مهما في حملة ترامب الانتخابية من خلال حشد الناخبين المسلمين وذوي الأصول العربية.
• الانحراف نحو الغرب
طوال الأسابيع التي تلت تعيينه، تجنب بولس الحديث لوسائل الإعلام عن ملفات الشرق الأوسط المشتعلة، وبعد أكثر من شهرين اختار ترامب مبعوثا شخصيا آخر للشرق الأوسط هو صديقه رجل الأعمال ستيف ويتكوف، الأمر الذي جعل ويتكوف يصبح اللاعب الأبرز في قضايا الشرق الأوسط مثل حرب إسرائيل على غزة وإطلاق النار الهش مع حزب الله.
وبعد أسابيع بدأ بولس يدلي علنا بآرائه في قضايا شائكة في شمال إفريقيا، ويعلن عن زيارات وخطط جديدة تحملها إدارة ترامب للملف الليبي وللعلاقات المتوترة بين الجزائر والمغرب، وقرأ متابعون هذه الخطوة في سياق ما يشبه إعادة توزيع الملفات بينه وبين مبعوث ترامب للشرق الأوسط ويتكوف.
• عقبات أمام بولس
وتحركات بولس واتصالاته الليبية تظهره مستعجلا في قطف أولى ثمار دخوله المفاجئ على الملف، لكن متابعين يتحدثون عن عقبات عديدة، أبرزها موقف ترامب نفسه الغامض والشكوك حول موقع الملف الليبي في سلم أولوياته، مع تراجعه عن عديد المحددات التي التزمت بها لسنوات السياسة الأمريكية في ليبيا.
وأظهر ترامب حتى الآن ليونة كبيرة تجاه الدور الروسي في ليبيا، بعد أن كان ينذر بمواجهة بينهما على الأراضي الليبية، ويتوجس الأوروبيون من أن تحمل المخططات الأمريكية الجديدة إلى الملف الليبي تحولات لا تراعي مصالحهم.
كما يبدأ “بولس” مهمته الليبية بعد سلسلة قرارات لإدارة ترامب صنفت ليبيا ضمن القائمة المصغرة المحتمل حظر تأشيرات الدخول تماما على مواطنيها، كما فرضت الإدارة الأمريكية تعريفة جمركية على ليبيا هي من بين الأعلى على الدول العربية الأخرى.
وأيضا مدد ترامب في فبراير الماضي، حالة الطوارئ الأمريكية لعام آخر على ليبيا باعتبارها “ما زالت تشكل تهديداً غير عادي واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية”.