تبادلت حكومتا حماد والدبيبة الاتهامات بخصوص الوضع الاقتصادي المنهار، وقرار المصرف المركزي المفاجئ تخفيض قيمة الدينار، وحملت كل منهما الأخرى مسؤولية التوسع في الإنفاق المزدوج، الذي جعله المصرف المركزي سببا رئيسا في التشوهات الخطيرة التي أصابت الاقتصاد الوطني وأدت إلى تآكل احتياط النقد الأجنبي، وارتفاع الدين العام، وتراجع قيمة الدينار، وزيادة التضخم.
• الدبيبة يتهم حماد
حكومة الدبيبة بنت ردها على نشر تفاصيل نفقاتها التي تجاوزت 123 مليار دينار، وحرصت على إظهار باب التنمية غير مؤثر في حجم الإنفاق، وهو الذي غالبا ما تتهم فيه عند الحديث عن الهدر والفساد وسوء التسيير، وقال إنه توقف عند رقم 12 مليار دينار، في حين استهلكت النفقات التي توصف بأنها ملزمة أكثر من 90 بالمائة منها، موزعة على أبواب المرتبات والدعم والنفقات التسييرية، إضافة إلى الميزانية الاستثنائية للمشروعات المركزية.
ويقول البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للدبيبة، إن حجم الإنفاق من حكومة حماد “خارج الترتيبات المالية الرسمية.. يعادل خمسة أضعاف ما خُصِّص لباب التنمية”.
• أرقام مقابل أرقام
لكن الأرقام التي نشرتها حكومة الدبيبة تتجاهل التحذيرات التي ظل الخبراء يطلقونها بشأن رفع كتلة الأجور بأكثر من الضعف خلال أقل من ثلاث سنوات، دون سياسة اقتصادية تطلق الاستثمارات المنتجة للثروة وتنوع الإيرادات وتتحمل عن مؤسسات الدولة العامة عبء التوظيف ومكافحة البطالة، ودون تطهير حقيقي لمناصب العمل والمرتبات الوهمية.
كما أن تقارير الهيئات الرقابية الصادرة سنويا تتحدث عن فساد وهدر كبير في ما يعرف بالميزانية الاستثنائية للمشروعات المركزية، بعد فصلها بشكل غريب عن باب التنمية، خاصة التي استهلكتها مؤسسة النفط، والتي لامست 10 مليارات دينار خلال عام واحد فقط.
• حماد يتهم المصرف
من جهتها، انتقدت حكومة حماد، قرار المركزي تخفيض سعر صرف الدينار، واعتبرته “محاولة للتنصل من المسؤولية لاتخاذ التدابير الأخرى.. وارتكز على جملة من المغالطات المقصودة”.
واتهمت المصرف بتمكين حكومة الدبيبة من الإنفاق “دون سند قانوني وبالمخالفة” لما صدر عن مجلس النواب، وقدرت نفقات حكومة الدبيبة بنحو 500 مليار دينار منذ استلامه السلطة.
غير أن رد حكومتي الدبيبة حماد لم يقدم أي توضيح جدي عن تفاقم الدين العام الى مستوياته القياسية الجديدة، الذي قال الأول قبل شهور إنه مسحه تماما، ولم ينكر الثاني أنه فاقمه لتمويل نفقات حكومته في شرق البلاد.
• ردود وارتدادات
لم تتجاوز بيانات حكومتي الدبيبة وحماد حدود الارتدادات التبريرية بعد قرار المصرف المركزي المفاجئ بتخفيض قيمة الدينار، وما خلفه من هزة اجتماعية كبيرة وأيقظت مخاوف جدية على مستقبل البلاد، خاصة أن المصرف لا يقدم أي ضمانات بحل فني او إداري قريب، ويترك الكرة في ملعب الأجسام والمؤسسات السياسية المنقسمة في إيجاد حكومة واحدة تتولى زمام التسيير وفق ميزانية موحدة ملزمة للجميع، ليعود النقاش إلى المربع الأول حول أولوية حل سياسي عاجل ينهي الانقسام وحده الكفيل بتحدي التهديدات الاقتصادية والأمنية التي تنخر البلاد