آخر الأخبار

معضلة النقد الأجنبي.. المركزي يتبرأ ويتهم، و الخبراء يحذرون من “صدمة مفاجئة”

شارك

استقبل سوق صرف العملة ومعه المحللون الاقتصاديون، بكثير من التشاؤم البيان الأخير لمصرف ليبيا المركزي، الذي تحدث فيه عن ضغوط مستمرة وتضاعف الطلب على احتياطاته من النقد الأجنبي، مما يؤدى إلى ” تهديد الاستدامة المالية، ووضع تحديات أمام جهوده في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي”.

ويضيف المصرف أنه يواجه ما أسماه “تحديات كبيرة” بسبب “الارتفاع المتواصل في الإنفاق الحكومي المزدوج.. وانخفاض العائدات النفطية وتأخر تحصيلها”.

ويستمر سعر صرف الدولار في السوق الموازي في الزحف فوق 6.85 دينارا، كما تصاعدت المخاوف من صعوبات جدية في تغطية مرتبات شهر مارس لموظفي الدولة، مع بلوغ الإنفاق الأسري ذروته بانقضاء شهر الصيام وحلول عيد الفطر
وهي حالة غير مسبوقة، أن يستمر سعر صرف النقد الأجنبي في الارتفاع، في الوقت الذي يفتح المصرف المركزي الباب على مصراعيه لبيعه وتوفيره لكل من يحتاجه من الموردين والمواطنين.

جهتان مسؤولتان
ويبرئ المصرف المركزي نفسه من مسؤولية ارتفاع سعر صرف النقد الأجنبي في السوق السوداء، و يقول إنه وفر ما يكفي منه، حتى بلغت مبيعات النقد الأجنبي المنفذة خلال الأسبوعين الأولين فقط، من شهر مارس الجاري، 2.3 مليار دولار، موزعة مناصفة تقريبا بين الأغراض الشخصية والاعتمادات المستندية، بينما لم تتجاوز الإيرادات النفطية خلال ذات الفترة 778 مليون دولار فقط، وهو ما يعني ان نسبة العجز بلغ نسبة 66 بالمائة من إجمالي استخدامات النقد الأجنبي، بعدما كانت في حدود 60 بالمائة خلال شهري يناير وفبراير الماضيين، وبوضوح يلقي المصرف بالمسؤولية على جهتين، أولهما “الانفاق الحكومي المزدوج” من حكومتي الدبيبة وحماد، والثاني “انخفاض وتأخر تحصيل عائدات النفط” بما يشبه اتهاما ضمنيا للمؤسسة الوطنية للنفط.

ويفهم الخبراء مسؤولية الإنفاق الحكومي في أنه يضع كتلة نقدية كبيرة في يد آلاف التجار والمقاولين وموردي السلع والخدمات، وهؤلاء يحولونها بمجرد قبضها إلى نقد أجنبي، متسببين في إشعال أسعار صرفه في السوق الموازي.

بينما لا تجيب أي جهة رسمية بوضوح عن سببت تأخر تحصيل مبيعات النفط، وتستمر جميع المؤسسات المصرفية والنفطية والحكومية في تقاذف المسؤولية.

عجز كبير حتى لو ..
ورغم تأكيد المركزي استمراره في توفير النقد الأجنبي لمختلف الأغراض تلبية لاحتياجات السوق المحلي وحفاظاً على استقرار سعر الصرف، إلا أن المحللين بدأوا يتحدثون عن أزمة اقتصادية ومالية متصاعدة، بزيادة استخدامات النقد الأجنبي خمسة أضعاف كاملة عما كانت عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي، ولو استمرت نفس الوتيرة في الطلب على النقد الأجنبي، فيمكن أن تتجاوز الاستخدامات 36 مليار دولار بنهاية 2025، وللمقارنة يكفي التذكير أن أعلى رقم سنوي سابق لإيرادات النفط من النقد الأجنبي بالكاد وصل 22 مليار دولار، تم تسجيلها في 2022 الذي شهد ارتفاعات استثنائية هي الأعلى في أسعار الخام منذ 2008، عند متوسط 98 دولارا للبرميل، ومقارنة بالعام الجاري يكون سعر برميل النفط الليبي قد فقد نحو 26 بالمائة من قيمته، ما يعني أن العجز سيكون كبيرا حتى لو حافظ إنتاج النفط الليبي على حجمه الحالي فوق 1.4 مليون برميل يوميا دون انقطاع أو تذبذب.

الخوف من المفاجأة
ولا يشرح المصرف المركزي ماذا ينوي أن يفعل لمواجهة هذا الوضع، فاستمرار الانقسام الحكومي سيزيد من وتير الإنفاق ويمنع تنفيذ سياسات اقتصادية ناجعة تحفز والاستثمار وتخلق اقتصادا وطنيا منتجا للثروة ومتحررا من التبعية لريوع النفط.

كما يتواصل التضخم المزمن في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وما زالت أزمة السيولة عند مستويات غير مقبولة في عديد المناطق والفروع المصرفية.

بل يبدو كأن المصرف المركزي اضطر للاستسلام والعودة إلى تمويل المرتبات من الاحتياطيات، بعد أن فشل قبل شهور قليلة، في إجبار الحكومة على توفير بدائل لتمويل مرتبات ومعاشات نحو 2.5 مليون ليبي.

وهو ما يقلق أكثر المتابعين، من أن يكون المخرج الاضطراري الأخير هو قرار مفاجئ في وقت لاحق ما، بتقييد مبيعات النقد الأجنبي أو وقفها، دون إشعار مسبق أو تحضير السوق والناس لمثل هذا القرار، كما حدث من قبل في مناسبات عدة، بحسب تحذيرات الخبراء والمحللين.

الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي وتوحيد الإنفاق العام

وفي لقاء لهما في مدينة القبة الخميس الماضي، أكد محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي محمد عيسى و رئيس مجلس النواب، على على أهمية الحفاظ على احتياطيات النقد الأجنبي وتحقيق الاستدامة المالية، مع ضرورة ضبط وتوحيد الإنفاق العام، وتعزيز التواصل المستمر بين المصرف المركزي ورئاسة مجلس النواب.

كما تناول اللقاء جهود المصرف المركزي في تطوير الخدمات المصرفية وأنظمة الدفع الإلكتروني، بالإضافة إلى مناقشة إصدار بعض القوانين المرتبطة بالقطاع المصرفي لضمان تحقيق الاستقرار المالي بحسب بيان من المصرف .

الرائد المصدر: الرائد
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا