غاب أبرز الفاعلين السياسيين وأطراف الأزمة الليبية، عن حفل توقيع “ميثاق السلام والمصالحة الوطنية” في ليبيا، الذي شهدته العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، الجمعة، بحضور إفريقي رسمي كبير، يتقدمه رئيس الكونغو ورئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي بشأن ليبيا، ورئيس مفوضية الاتحاد، إضافة إلى مفوض الاتحاد للشؤون السياسية والسلام والأمن.
وتخلّف عن المشاركة أغلب الأطراف التي أكدت حضورها بعض وسائل الإعلام قبل ساعات من بداية حفل التوقيع، وقالت إن ممثلين عن المجلس الرئاسي ومجلس النواب وحفتر وحكومة الدبيبة سيحضرون التوقيع، وغاب أيضا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بالرغم من وجوده في أديس أبابا لحضور القمة الإفريقية التي بدأت أشغالها اليوم السبت، دون أن يفسر أي طرف منهم سبب الغياب.
الكوني غاضب
وحاول الطرف الإفريقي أن يحشد لإنجاح المؤتمر، واستبقه بسلسلة زيارات قادت رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ورئيس الكونغو ووزير خارجيته، إلى ليبيا، بين شهري يناير وفبراير، التقوا فيها أكثر من مرة قيادات سياسية وعسكرية واجتماعية ليبية، في الزنتان وبنغازي وطرابلس.
وفي حين امتنع المسؤولون الأفارقة عن التعليق على الغياب الليبي، انتقد بشدة، نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني، غياب المسؤولين الليبيين عن حفل التوقيع، وقال في تغريدة على حسابه بمنصة “إكس” الجمعة، إن “تقاعس القيادات السياسية شرقاً وغرباً عن حضور توقيع الميثاق يحمّلهم مسؤولية تأخر ليبيا عن موعدها مع الصلح ولم الشمل”، متهما “البعض بأنه يبدو كأنه يتعمد تأخير الصلح”.
رفض للوثيقة
ويعكس موقف الكوني بحسب المراقبين، انقسامًا داخل المجلس الرئاسي حول المشروع الإفريقي، وذهب موسى إبراهيم أحد الحاضرين من فريق سيف الإسلام القذافي، إلى اتهام العضو الأخر في المجلس الرئاسي عبد اللافي، بحثّ ممثلي القبائل على عدم الحضور.
واتهمت أطراف أخرى الوثيقة المعروضة للتوقيع بأنها “تخطت مشروع المصالحة إلى طرح تسوية سياسية”، وهو ما ليس من اختصاص المؤتمر حسب تعبيرهم، وضمت الوثيقة الموقع عليها في أديس ابابا، فصلا حمل عنوان العدالة الانتقالية، وهو ما رأى فيه معارضوها “محاولة لتبرئة رموز النظام السابق المتورطين في جرائم”.
ورد ممثل سيف الإسلام القذافي بأن الوثيقة المعروضة “معروفة للجميع منذ إعلانها في زيارة الزنتان، كما أدخلت عليها تعديلات استجابة لطلبات مختلف الأطراف”.
مشاريع متضاربة:
وأسند اتفاق جنيف إلى المجلس الرئاسي مسؤولية إنجاح ملف المصالحة، لكن المسار تحول إلى نقطة جدل وخلاف بين أطراف عدة، أبرزها مجلس النواب الذي أقر في 7 يناير الماضي، قانون المصالحة الوطنية ، الذي عارضه المجلس الرئاسي وتمسك بمشروعه الخاص الذي طرحه وعقد لأجله عديد اللقاءات والملتقيات بحضور خبراء قانونيين وحقوقيين وقادة اجتماعيين.
ومن جهتها، أعدت البعثة الأممية وثيقة ثالثة، تضمنت ما تراه أساسيات لضمان مبدأ المحاسبة وإنجاح مسار العدالة الانتقالية، وطلبت تضمينه في أي قانون مستقبلي.
وبين تضارب المشاريع وحسابات مختلف الأطراف، ما زال ملف المصالحة يراوح مكانه.