في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أعادت أحداث الساحل السوري الأخيرة بما رافقها من احتجاجات وأعمال عنف، طرح تساؤلات حول طبيعة ما جرى وخلفياته، وما إذا كان تعبيرا عن احتقان داخلي مشروع أم محاولة منظمة لزعزعة الاستقرار.
وشهدت مدن اللاذقية و جبلة و طرطوس (غرب) احتجاجات متزامنة تخللتها أعمال عنف، أسفرت -حسب وكالة الأنباء الرسمية سانا- عن مقتل 3 أشخاص وإصابة نحو 60 آخرين، في اعتداءات نفذها فلول النظام المخلوع.
ورفعت بعض الاحتجاجات مطالب شملت الدعوة للحكم الذاتي والفدرالية السياسية في الساحل السوري ووقف "الانتهاكات الطائفية" والإفراج عن معتقلين من قوات نظام بشار الأسد استجابة لغزال غزال رئيس ما يسمى المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر.
وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي إن هذه التحركات لا تمثل الطائفة العلوية ولا سكان الساحل، مشيرا إلى أن الدعوات للتظاهر صدرت بإيعاز من غزال غزال من خارج سوريا، مع توجيهات غير معلنة باستخدام العنف لتثبيت نقاط التظاهر.
ورأى قبلاوي -خلال حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- بتاريخ (2025/12/28) أن ما جرى هو محاولة من تيار سياسي للاستئثار بتمثيل الساحل، رغم أن المنطقة تضم أكثر من مكون، ولا يمكن اختزالها سياسيا أو جغرافيا بطرف واحد.
وربط بين توقيت الأحداث متحدثا عن تزامنها مع تفجير مسجد حمص قبل يومين، ومع تصاعد دعوات اللامركزية، معربا عن قناعته بأن ذلك يندرج ضمن تحركات "تحالف المستفيدين من زعزعة الاستقرار" لإرباك المشهد السوري في فترات الانتظار السياسي.
أما الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي فرأى أن ما حدث "عملية نمطية لإثارة الفوضى" جرى الإعداد لها مسبقا، وليست احتجاجات عفوية.
وأشار مكي إلى تقارير صحفية عربية ودولية تحدثت عن تحركات لبقايا النظام في الخارج ودور إقليمي محتمل، في ظل تنازع المصالح والضغوط المرتبطة بملفات داخلية وإقليمية.
ووفق المتحدث، فإن تعامل الحكومة مع هذه الأحداث تحكمه "فوبيا" من استخدام القوة الأمنية في الساحل، خشية اتهامها بالقمع أو باستهداف مكون بعينه، ولا سيما في ظل الإرث الثقيل للأحداث الأولى بعد سقوط النظام.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الدفاع السورية دخول مجموعات من الجيش مراكز مدينتي اللاذقية وطرطوس "بعد تصاعد عمليات الاستهداف من قِبَل مجموعات خارجة عن القانون باتجاه الأهالي وقوى الأمن"، مؤكدة أن مهمتها حفظ الأمن وإعادة الاستقرار.
وبرأي مكي، لا تكمن المشكلة في التراخي الأمني بقدر ما تكمن في صعوبة فهم الأسباب الحقيقية لما يجري، وفي كيفية إدارة الأزمة دون الانزلاق إلى صدامات أهلية.
ويضع هذا البعد الإقليمي الحكومة السورية أمام معضلة معقدة، إذ يتطلب التعامل معه فهما أعمق لتشابك المصالح الخارجية، بالتوازي مع معالجة المظالم الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها سكان الساحل، والذين وصفهم مكي بأنهم "ضحايا" لتراكمات داخلية وخارجية.
في المقابل، اتفقت أستاذة العلوم السياسية رهف الدغلي مع قبلاوي على أن العلويين لا يمثلهم غزال غزال، لكنها انتقدت لجوء الحكومة إلى مخاطبة بعض المكونات عبر وجاهات تقليدية، معتبرة أن ذلك يعمّق الانقسامات.
وأرجعت الدغلي ما جرى إلى احتقان عام في الشارع السوري، وغياب مسار واضح للعدالة الانتقالية، إضافة إلى شعور بعض العلويين، ولا سيما المرتبطين بالنظام السابق بخسارة النفوذ، مما يدفعهم للاستفادة من أي حالة فوضى.
المصدر:
الجزيرة