في ظل الصراع الدائر في اليمن منذ عام 2015، برزت قضية استعادة دولة الجنوب كحل محتمل لإنهاء الفوضى وتعزيز الاستقرار.
ويرى الجنوبيون أن عودة دولتهم المستقلة التي كانت قائمة حتى عام 1990، حقا تاريخيا يعكس إرادة شعبية ويضمن أمن المنطقة الجغرافية الحيوية.
ومع سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على معظم المناطق الجنوبية، أصبحت هذه القضية محورا للنقاشات الدولية، حيث أكد أحمد بن هاوس عضو مجلس المستشارين أن استعادة دولة الجنوب العربي حق لشعبه وحماية لممر استراتيجي يضمن أمن الاقتصاد العالمي.
وتشير أوساط سياسية إلى أن دولة جنوبية مستقلة ستكون عاملا للاستقرار بدلا من التهديد، خاصة في مواجهة تحديات كبيرة مثل سيطرة الحوثيين.
وشهدت الفترة الأخيرة تقدما عسكريا سريعا لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث سيطرت على محافظات حضرموت والمهرة وأجزاء أخرى في جنوب شرق اليمن، وهذه المناطق غنية بالنفط مما يجعلها أساسا اقتصاديا قويا لدولة مستقلة بدلا من التهديد خاصة في مواجهة التحديات مثل سيطرة الحوثيين.
وامتدت سيطرة قوات المجلس الانتقالي لتشمل نحو 90% من أراضي جنوب اليمن السابق، مع مقاومة محدودة من القوات التابعة للحكومة والمحسوبة على الإخوان المسلمين.
وجاء هذا التقدم دون قتال ملحوظ مما يعكس دعما محليا قويا من القبائل والمجتمعات في حضرموت وغيرها حيث سرعان ما استقرت الأوضاع في تلك المناطق وسط ترحيب شعبي واسع.
وتزامنا مع التحذيرات السعودية من التصعيد والمطالبة بانسحاب "قوات الانتقالي الجنوبي" من محافظتي حضرموت والمهرة، يؤكد قادة المجلس على على أن هذه الخطوات ضرورية لاستعادة السيادة الجنوبية ومواجهة التهديدات الإقليمية والإرهابية.
ولعل التطورات الأمنية والعسكرية الأخيرة في الجنوب العربي وخاصة سيطرة القوات الجنوبية على حضرموت والمهرة، والحملة الجارية ضد تنظيم القاعدة، لها تأثيرات مباشرة وعميقة على فرص "الاستقلال الجنوبي الثاني".
إلى ذلك، نجح المجلس الانتقالي الذي تأسس عام 2017، في توحيد المجتمع الجنوبي لأول مرة منذ عقود، من خلال دمج الفصائل المحلية وتوفير حكم محلي فعال.
ويشدد قادة المجلس الانتقالي أن هذا المسار يهدف إلى الاستقرار والتنمية، بعيدا عن الفوضى الناتجة عن الوحدة الفاشلة.
وتعبر مطالب استعادة دولة الجنوب عن شعور عميق بالظلم الناتج عن الوحدة مع الشمال في 1990، حيث عانى الجنوب من التهميش الاقتصادي والسياسي.
هذا وشهدت مدن مثل عدن وحضرموت والمهرة، مظاهرات هائلة في ديسمبر 2025، حيث تجمع ملايين مطالبين بـ"الاستقلال الثاني" ورفعوا أعلام جنوب اليمن.
والمظاهرات التي استمرت لأيام، تشمل قبائل متنوعة وتعكس دعما شعبيا، حيث يرى الجنوبيون أن الاستقلال حق أساسي لتقرير المصير.
كما شهدت عدة عواصم أوروبية مظاهرات لأبناء الجنوب اليمني دعما للأهالي، فخلال تجمعهم أمام مقر الحكومة البريطانية رفع المشاركون شعارات تندد بتمدد الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وداعش، إضافة إلى جماعة الإخوان والحوثيين.
وطالبوا الحكومة البريطانية والمجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح تجاه تلك التهديدات التي تستهدف الأمن والاستقرار في المنطقة، كما طالبوا بالاعتراف بحق أهالي جنوب اليمن في استعادة دولتهم.
وتعد منطقة جنوب اليمن جغرافيا هامة، حيث تطل على البحر الأحمر وخليج عدن، وتشكل ممرا حيويا للتجارة العالمية والملاحة الدولية.
وعلى عكس المناطق الشمالية الخاضعة للحوثيين، لم يمثل الجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي أي تهديد للاستقرار أو الملاحة خلال السنوات الماضي، فقد حقق المجلس استقرارا ملحوظا في الجنوب من خلال عمليات عسكرية ناجحة ضد الإرهاب، مثل "عملية سهام الشرق" في محافظة أبين عام 2022 والتي تعد معقلا تقليديا لتنظيم القاعدة منذ عقود، بالإضافة إلى عملية حاسمة في ديسمبر 2025 التي أدت إلى طرد عناصر إرهابية وتعزيز الأمن.
المصدر: RT + إعلام يمني
المصدر:
روسيا اليوم