في وقت تتفاقم فيه المشكلات الصحية للرئيس الشيشاني رمضان قديروف تتسارع في الخفاء عملية الانتقال السياسي، حيث تتشابك الطموحات العائلية والتنافسات العشائرية والرهانات الإستراتيجية بالنسبة لموسكو.
بهذه المقدمة لخص موقع أوريان 21 مقالا بقلم الصحفي ريجي جنتيه تناول فيه كواليس التحضيرات الجارية لخلافة قديروف في ظل تدهور حالته الصحية الذي يدفع مختلف مراكز النفوذ في بلاده إلى تسريع التفكير في مرحلة ما بعد وفاته.
وذكر الكاتب أن قديروف -الذي حكم الجمهورية الصغيرة بقبضة حديدية طوال عقدين، وضمن لموسكو استقرارا هشا بعد حربين مدمرتين- بات عنصرا يصعب تعويضه بالنسبة للكرملين وأجهزته الأمنية.
وتقول الصحفية الروسية فريدة روستاموفا إنه "بالنسبة للكرملين وجهاز الأمن الفدرالي سيكون غياب قديروف تحديا كبيرا للحفاظ على السيطرة على الوضع في الشيشان".
ولا شك أن اختفاء هذا الرجل -كما يقول الكاتب- قد ينطوي على مخاطر زعزعة استقرار جديدة، ولذلك يفضل المحيطون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين استمرار قبضته الحديدية على جمهورية الشيشان داخل الاتحاد الروسي ، لكن بعض الدوائر الأمنية خاصة لا تخفي ارتياحها لاحتمال خروجه من المشهد.
ويُبرز التقرير أن اختفاء قديروف قد يعيد فتح جراح قديمة في الشيشان، حيث لم تطفأ الأحقاد المتراكمة إلا عبر القمع الشديد وشراء الولاءات، مما يدفع قديروف إلى محاولة ضمان بقاء السلطة داخل عائلته من خلال التحضير لتوريث أحد أبنائه، ولا سيما علي وآدم.
وبالفعل، بدأت هذه المحاولة بالسعي لصناعة صورة عسكرية للولدين، وإسناد مناصب أمنية وسياسية شكلية، وبناء تحالفات عشائرية واجتماعية، وذلك بترتيب زيجات مع أوساط شخصيات نافذة في النظام الشيشاني.
لكن هذا السيناريو يواجه عقبات كبرى، في مقدمتها صغر سن المرشحيْن وقلة خبرتهما، وعدم أهليتهما القانونية لتولي رئاسة الجمهورية، فضلا عن معارضة دوائر نافذة على المستوى الفدرالي تسليم جمهورية متمردة تاريخيا لشاب في مقتبل العمر.
ويعرض الكاتب 3 مسارات محتملة للخلافة، حيث يرى الخبير الأمني مارك يونغمان إما فشل الكرملين والنخبة الشيشانية في السيطرة على عملية الخلافة، مما قد يفضي إلى عدم استقرار أو عنف، وإما تعيين شخصية من خارج المنطقة كما حدث في داغستان، أو اختيار خليفة من داخل النظام القائم للحفاظ على الوضع الراهن، وهو السيناريو الأرجح، حسب الكاتب.
جوهر الرهان بالنسبة لموسكو لا يتمثل في اسم الخليفة فقط، بل في الحفاظ على النظام الأمني والسياسي الذي بناه قديروف، ومنع أي اهتزاز قد يعيد الشيشان إلى دائرة الاضطراب
وفي هذا الإطار، تبرز أسماء عدة بينها قيادات أمنية وعسكرية، قبل أن يتقدم خيار الحل الانتقالي عبر تعيين شخصية موالية لكل من الكرملين وعائلة قديروف لإدارة الجمهورية مؤقتا إلى حين نضوج وريث محتمل ببلوغ آدم السن القانونية، كما يقول الكاتب.
ويرى يونغمان أن نظام قديروف المعقد لا يقوم على شخص واحد، مما يدفع الكرملين إلى السعي لتغيير رأسه فقط، ومن هنا يبرز خيار تعيين شخصية انتقالية مثل رئيس وزراء الشيشان محمد داودوف منذ مايو/أيار 2024، لخبرته الواسعة وشبكة العلاقات القوية التي يتمتع بها داخل الجهازين السياسي والأمني في الشيشان، من دون أن يشكل تهديدا مباشرا لموسكو.
وخلص الكاتب إلى أن جوهر الرهان بالنسبة لموسكو لا يتمثل فقط في اسم الخليفة، بل في الحفاظ على النظام الأمني والسياسي الذي بناه قديروف، ومنع أي اهتزاز قد يعيد الشيشان إلى دائرة الاضطراب.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة