أصرّ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، على أن الخطة المقترحة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها في صالح روسيا، "من إعداد الولايات المتحدة".
يأتي ذلك بعد أن صرّح عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بأن روبيو أبلغهم أن المسودة - التي وصفها أحدهم بأنها "قائمة أمنيات" روسية - لا تعكس موقف واشنطن.
ونأى روبيو بنفسه لاحقاً عن هذه المزاعم، قائلاً إن الخطة مقترحٌ أمريكي، وإنها "مبنيّة على مدخلات" من جانب كل من روسيا وأوكرانيا.
تصريح وزير الخارجية الأمريكي جاء أثناء توجهه إلى جنيف في سويسرا لإجراء محادثات مع مسؤولين أمنيين أوكرانيين وأوروبيين حول الخطة، التي دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كييف إلى الموافقة عليها بسرعة.
هذا وسيشارك روبيو، ومبعوث ترامب ستيف ويتكوف، في محادثات جنيف الأحد. وسيحضر مستشار الأمن القومي جوناثان باول، نيابة عن المملكة المتحدة.
ولجأ روبيو إلى منصات التواصل الاجتماعي لنَفي مزاعم أعضاء مجلس الشيوخ؛ إذ كتب في وقت متأخر السبت موضحاً أن "خطة السلام صاغتها الولايات المتحدة"، مضيفاً أنها "تُقدم كإطار عمل قوي لمفاوضات جارية، وتستند إلى إسهامات من الجانب الروسي، كما تستند إلى إسهامات سابقة وأخرى مستمرة من جانب أوكرانيا".
وتُلزم الخطة كييف بالتنازل عن أراض وبتقليص قواتها المسلحة والتعهد بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وفي وقت سابق السبت، انتقد أعضاء آخرون في مجلس الشيوخ الأمريكي، - بعضهم ينتمي إلى الحزب الجمهوري - خطة واشنطن.
وكتب أعضاء مجلس الشيوخ في بيان "لن نحقق هذا السلام الدائم بتقديم تنازل تلو الآخر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإضعاف قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها بشكل قاتل".
وقال الرئيس ترامب السبت إن الخطة الأمريكية ليست "عرضه النهائي" لكييف، وذلك بعد أن أبدى عدد من حلفاء أوكرانيا مخاوف بشأن المقترحات.
وكان حلفاء لأوكرانيا من أوروبا وكندا واليابان قد أعربوا عن قلقهم بشأن الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قائلين إنها "ستتطلب المزيد من العمل".
وقالت هذه الدول في بيان، إن الخطة تتضمن عناصر "ضرورية لتحقيق سلام عادل ودائم"، لكنهم أشاروا إلى مخاوف بشأن تغييرات الحدود وفرض قيود على الجيش الأوكراني.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون أمنيون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وأوكرانيا في جنيف بسويسرا يوم الأحد.
وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت سابق، من أن أوكرانيا تواجه "واحدة من أصعب اللحظات في تاريخها" بعد الضغوط الأمريكية لقبول الخطة التي يُنظر إليها على أنها في صالح موسكو.
ومنح ترامب، أوكرانيا، مهلة حتى 27 نوفمبر/تشرين الثاني لقبول خطته المكونة من 28 نقطة، في حين قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إنها قد تكون "أساساً" للتسوية.
وعندما سُئل السبت عمّا إذا كانت مسودة الخطة الحالية هي عرضه النهائي لأوكرانيا، قال ترامب لصحفيين في البيت الأبيض: "لا، ليست عرضي النهائي".
وأضاف: "بطريقة أو بأخرى علينا أن ننهي (الحرب)، ونحن نعمل على ذلك".
ووقّع زعماء كندا وفنلندا وفرنسا وأيرلندا وإيطاليا واليابان وهولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة وألمانيا والنرويج، البيان المشترك الصادر السبت خلال قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا. وكان من بين الموقعين اثنين من كبار مسؤولين في الاتحاد الأوروبي.
وجاء في البيان: "نعتقد أن الخطة تشكل أساساً يتطلب المزيد من العمل. نحن مستعدون للمشاركة من أجل ضمان استدامة السلام مستقبلاً. نحن واضحون بشأن مبدأ عدم جواز تغيير الحدود بالقوة".
وأضاف البيان: "نشعر بالقلق إزاء القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية والتي من شأنها أن تجعل أوكرانيا عرضة لهجمات مستقبلية"، "تنفيذ العناصر المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وحلف الشمال الأطلي (الناتو) سيحتاج إلى موافقة أعضاء الاتحاد الأوروبي والناتو على التوالي".
وتحدث رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، الذي يشارك في قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ، مع زيلينسكي عبر الهاتف السبت، أعقبه اتصال مع ترامب.
وفي الاتصال مع ترامب، قال المتحدث باسم داونينغ ستريت، إن ستارمر "نقل المناقشات التي جرت بين تحالف الراغبين (حلفاء أوكرانيا) المشاركين في قمة مجموعة العشرين اليوم".
وأضاف: "اتفق الزعيمان على أن تعمل فرقهما معاً على الخطة الأمريكية للسلام المكونة من 28 نقطة في جنيف الأحد. واتفقا على التحدث مجدداً غداً (الأحد)".
وأعرب ستارمر عن قلقه إزاء القيود المقترحة على الجيش الأوكراني في الخطة الأمريكية، قائلاً: "من الضروري أن تكون أوكرانيا قادرة على الدفاع عن نفسها إذا كان هناك وقف لإطلاق النار".
وتقترح الخطة التي سُربت على نطاق واسع، انسحاب القوات الأوكرانية من الجزء قي منطقة دونيتسك الشرقية الخاضع لسيطرتها حالياً، لتصبح بحكم الأمر الواقع تحت السيطرة الروسية، إضافة إلى منطقة لوغانسك المجاورة وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
وتتضمن الخطة أيضاً تجميد حدود منطقتي خيرسون وزابوريجيا جنوبي أوكرانيا على طول خطوط المواجهة الحالية. وكلا المنطقتين محتلتان جزئياً من قبل روسيا.
وتنص الخطة على الحد من حجم الجيش الأوكراني إلى 600 ألف جندي، مع تمركز طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا المجاورة.
وستحصل كييف، بحسب الخطة، على "ضمانات أمنية موثوقة" على الرغم من عدم تقديم تفاصيل. ووفق الخطة فإنه "من المتوقع" ألا تغزو روسيا جيرانها وألا يتوسع حلف الناتو أكثر.
وتقترح الخطة "إعادة إدماج روسيا في الاقتصاد العالمي"، عبر رفع العقوبات ودعوة روسيا للانضمام مجدداً إلى مجموعة السبع التي تضم أقوى دول العالم، وهو ما يجعلها مجموعة الثمانية مرة أخرى.
والجمعة، قال ترامب إن زيلينسكي من "الأفضل أن تعجبه" الخطة الأمريكية، مضيفاً أنه بخلاف ذلك ستواصل أوكرانيا وروسيا القتال.
وفي وقت سابق الجمعة، وجه الرئيس الأوكراني خطاباً إلى الأمة محذراً فيه بوضوح من أن البلاد "قد تواجه خياراً بالغ الصعوبة: إما فقدان الكرامة، أو خطر فقدان شريك رئيسي".
وأضاف زيلنسكي: "اليوم هو أحد أصعب اللحظات في تاريخنا"، متعهداً بالعمل "بشكل بناء" مع الأمريكيين بشأن الخطة.
والسبت، أعلن زيلينسكي أن رئيس مكتبه، أندريه يرماك، سيقود فريق التفاوض الأوكراني لإجراء محادثات مستقبلية بشأن اتفاق سلام، بينها أي محادثات قد تشمل روسيا.
وقال زيلينسكي في بيان مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي: "يعرف ممثلونا كيفية الدفاع عن المصالح الوطنية لأوكرانيا وما هو ضروري لمنع روسيا من شن غزو ثالث، وضربة أخرى ضد أوكرانيا".
وتعتمد كييف بشكل كبير على شحنات الأسلحة المتقدمة أمريكية الصنع، وبينها أنظمة الدفاع الجوي لصد الهجمات الجوية الروسية، إضافة إلى المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها واشنطن.
وأكد بوتين الجمعة أن موسكو تسلمت الخطة الأمريكية، لكنه قال إنها لم تُناقش مع الكرملين بالتفصيل.
وأضاف أن موسكو مستعدة "لإظهار المرونة" لكنها مستعدة أيضا لمواصلة القتال.
وشن بوتين غزواً واسع النطاق ضد أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.
وفي الأشهر الأخيرة، أحرزت القوات الروسية تقدماً بطيئاً في المنطقة الجنوبية الشرقية من أوكرانيا، على الرغم من التقارير التي أفادت بوقوع خسائر فادحة في القتال.
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة