آخر الأخبار

شهادات نازحين من الفاشر تكشف حجم الكارثة بالمدينة

شارك

الخرطوم- وسط الأشلاء المتناثرة، ورائحة الجثث والخوف المنبعثة من طرقات الموت في مدينة الفاشر ، استطاع آدم ومن تبقى من أسرته الصغيرة على قيد الحياة النزوح من ذلك الجحيم إلى المجهول بعد عام ونصف تحت القصف مع جوع شديد أجبرهم على أكل علف الحيوانات.

آدم الذي شهد نحو 300 مواجهة عسكرية بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع ، قال للجزيرة نت "كان أمامي خياران لا ثالث لهما، إما البقاء في الفاشر لانتظار الموت الحتمي برصاص القوات كما قتلوا العشرات من أهلي، أو محاولة الهروب عبر طُرق وعرة وخطرة".

وتمكّن بعد رحلة نزوح قاسية من العبور إلى بر الأمان وبدء حياة جديدة فور وصوله لمخيم "قطر الخير" لنازحي مدينة الفاشر بمنطقة الدبة، الذي شرعت جمعية " قطر الخيرية " -بدعم من صندوق قطر للتنمية- في إنشائه مُبكرا لامتصاص صدمة الآلاف من نازحي المدينة حتى قبل وصولهم إلى الدبة لمساعدتهم على عيش حياة كريمة.

مصدر الصورة نازحون تحدثوا عن رحلة نزوح قاسية وطويلة من الفاشر وبعضهم فقد أفرادا من أسرته (الجزيرة)

معاناة مشتركة

بدورها، لم تكن ريم، وهي إحدى النازحات من الفاشر، أقل معاناة من آدم في رحلة نزوحها الأقسى والأطول إلى حين وصولها إلى حيث مخيم "قطر الخير" شمالي السودان .

وقالت للجزيرة نت إن الوضع في المدينة، التي استطاعوا الخروج منها مع "اشتداد أزمة التجويع المتعمد"، كان صعبا جدا بسبب حصار قوات الدعم السريع قبل اكتمال سيطرتها على المدينة، "فلم يكن هناك طعام أو أمان، وكان كل من يحاول أن يُدخل الطعام يتم قتله بدم بارد حيث وجدنا الكثير من جثث أهلنا الذين حاولوا إدخال القليل منه للفاشر".

وكشفت ريم عن ساعِدها الأيمن لتشير إلى آثار شظايا أصابتها من انفجار دانة (جسم متفجر) أخطأتها وأصابت من هم حولها في مقتل. في حين تعاني رجلها اليسرى مما يشبه الشلل إثر إصابتها برصاصات من فوهة بندقية قناص بالفاشر.

إعلان

وأوضحت أن رحلة نزوحهم من المدينة استمرت نحو شهر كانت أغلبها سيرا على الأقدام، بعد "نهب قوات تابعة للمليشيا السيارات التي كانت تقلهم في الطريق، واختطاف بعض النساء والأطفال للمطالبة بفدية تحت تهديد السلاح وإرهاب الرصاص حتى يسمحوا لهم بالمغادرة".

وأكدت أنها رأت بعينيها أطفالا يبكون من الجوع حتى فارقوا الحياة، والأمر نفسه بالنسبة لكبار السن بسبب الجوع الشديد وضعف قدرتهم على الاحتمال، و"الارتفاع الشديد في أسعار حتى العلف الذي كانوا يتقاسمون أكله مع الحيوانات في ظل الحصار الخانق على الفاشر".

مصدر الصورة "قطر الخيرية" أقامت مخيما في منطقة الدبة لإيواء نازحي الفاشر وتقديم كل الخدمات لهم (الجزيرة)

تدخل "قطر الخيرية"

ووضعت المساعدات القطرية العاجلة حدا لمعاناة ريم وآلاف النساء غيرها من اللائي استطعن الخروج من الفاشر إلى منطقة الدبة خلال اشتداد القتال في الأشهر الماضية. وقالت ريم "عندما وصلنا إلى الدبة لم نكن نعرف شيئا أو أحدا، ولكن الجميع استقبلنا أحسن استقبال، وقدمت لنا قطر الخيرية المواد الغذائية والإيوائية الضرورية التي نحتاج لها".

وعندما وصل آدم برفقة كبار السن والأطفال من أسرته إلى المنطقة، تم إيواؤهم في الخيام التي أُعدت لهم مسبقا، وقدم فريق "قطر الخيرية" الميداني لهم السلال الغذائية والمساعدات الصحية الضرورية. وقال إن دعم أهل الخير في قطر للمخيم وللتكية التي توفر الطعام للنازحين، خفف عنهم متاعب كثيرة.

وكشف للجزيرة نت أن اسمه الحقيقي ليس آدم، وإنما اختاره لإخفاء هويته الحقيقية حتى لا يُعرض من تبقى من أفراد عائلته بالفاشر للخطر، "حيث تراقب المليشيا وسائل الإعلام جدا، وربما تقتلهم أو تطالب بفدية على الأقل حال ظهوره بمناطق سيطرة الجيش".

مصدر الصورة تدخلات "قطر الخيرية" تشمل توزيع آلاف السلال الغذائية وتوفير عيادات متنقلة ومياه صالحة للشرب (الجزيرة)

شرعت جمعية "قطر الخيرية"، ضمن جهودها للاستجابة الإنسانية العاجلة، في إنشاء وتشغيل مخيم "قطر الخير" لإيواء وسقيا وإطعام النازحين من مدينة الفاشر إلى منطقة الدبة بالولاية الشمالية، إلى جانب تقديم الخدمات الصحية والتعليمية لمدة 3 أشهر، وذلك بدعم من صندوق قطر للتنمية، في إطار المساعدات القطرية.

وبدأت الفرق الميدانية التابعة للجمعية ترتيبات تنفيذ المخيم لإغاثة النازحين بالدبة، من خلال مجموعة من التدخلات في قطاعات الإيواء، والأمن الغذائي، والمواد غير الغذائية، وتوفير المياه الصالحة للشرب، وتوزيع الاحتياجات العاجلة، التي تشمل الخيام، والفرش الأرضية، والبطاطين، وحقائب النظافة الشخصية العائلية.

وأفاد طارق محيي الدين، مدير مكتب "قطر الخيرية" بالإنابة في السودان، للجزيرة نت، بأن خطة تدخلاتهم عبر هذا المخيم تشمل تنفيذ سلسلة من المبادرات الإنسانية، من بينها توزيع آلاف السلال الغذائية، وتقديم وجبة يومية للنازحين عبر دعم التكية والمطبخ المركزي بالمخيم، وتوزيع حزم إيواء وسلال نظافة شخصية وأدوات مطبخ، وتوفير عيادات متنقلة، ومياه صالحة للشرب، وإنشاء مدرسة مؤقتة، وخدمات أخرى.

سرعة وفعالية

ونوّه عثمان أحمد عثمان، والي الولاية الشمالية بالإنابة، بسرعة وفاعلية استجابة "قطر الخيرية" للتخفيف من حدة المعاناة الإنسانية، وقال إن تدخلهم بتقديم المعونات الغذائية والإيوائية والصحية سيسهم في امتصاص الصدمة الأولى للنازحين، ويأتي في وقت تشهد فيه الولاية تدفقا كبيرا للنازحين "من كل حدب وصوب".

إعلان

من جانبه، أفاد الحسن إبراهيم حامد، رئيس لجنة الطوارئ والأزمات بمحلية الدبة، للجزيرة نت، بأنه يتوقع وصول عشرات الآلاف من النازحين، بينما هناك نحو 7 آلاف أسرة وفدت من الفاشر ومناطق إقليم دارفور في ظروف إنسانية صعبة، حيث كان بعضهم مصابا، وآخرون مبتوري الأطراف، ويعاني نحو 50% منهم من سوء التغذية، خاصة النساء والأطفال.

وأشار إلى أن كل ما تمكنوا من توفيره من خيام لإيواء للنازحين قبل تدخل "قطر الخيرية" كان نحو 100 خيمة، وأضاف أن تدخل الجمعية وتبنيها لـ3300 أسرة في الجوانب الإيوائية والغذائية والصحية كان أمرا باعثا على الاطمئنان.

ودعا إلى الإسراع في توفير خدمات المياه والصرف الصحي، وإنشاء المراحيض، وتوفير الناموسيات والبطاطين وأدوات الطبخ، والتدخلات الصحية المختلفة، إلى جانب توفير الإضاءة نظرا لوجود الكثير من العقارب في المنطقة.

يُشار إلى أن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وعددا من الوزراء تفقدوا، خلال الأيام الماضية، أوضاع نازحي الفاشر الذين وصلوا إلى منطقة الدبة، ووقفوا على أوضاعهم في المخيم، وسط تقدير لجهود أهل الخير في قطر والمبادرات الشعبية المختلفة التي سارعت للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية للنازحين.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا