في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
موسكو- في مؤشر جديد على تعمُّق الأزمة بين روسيا والغرب، جاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إمكانية بدء العمل للتحضير لتجارب الأسلحة النووية، بعد أسبوع من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستبدأ تجاربها النووية "فورا".
وجاءت تصريحات بوتين بعد أن اقترح وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، خلال جلسة لمجلس الأمن الروسي، الاستعداد لإجراء تجارب نووية شاملة في نوفايا زيمليا، وهو أرخبيل روسي في المحيط المتجمد الشمالي .
وأكد الوزير الروسي، أن ما وصفها بـ"تصرفات" واشنطن تشير إلى حشد نشط للأسلحة الهجومية الإستراتيجية الأميركية وأن قواتها أجرت تدريبات للتحضير لضربة نووية استباقية ضد روسيا.
وبالرغم من مسارعة المتحدث باسم الكرملين ، دميتري بيسكوف، إلى التوضيح بأن بوتين لم يُصدر أمرا بالتحضير لتجربة نووية؛ بل كان الهدف هو "دراسة مدى صواب بدء التحضيرات لمثل هذه التجارب"، إلا أن تجدد الخطاب المُتعلق بتجارب الأسلحة النووية بين موسكو وواشنطن يشكل في كل الأحوال منعطفا جديدا في الأزمة بين روسيا والغرب، لا سيما في بعدها النووي.
ولم تُجرِ روسيا أيّ تجربة نووية شاملة طوال تاريخها ما بعد الاتحاد السوفياتي (آخرها كان عام 1990)، ولم تُجرِ الولايات المتحدة مثل هذه التجارب منذ عام 1992، و الصين منذ عام 1996.
وتكمن خطورة العودة لإجراء التفجيرات النووية في أنها قد تفكّ التجميد الفعلي للتجارب النووية التفجيرية المُطبّق منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، ما يُهدد بنشوء دورة من الفعل ورد الفعل قد تشمل دولا أخرى مُسلحة نوويا.
كما أنها قد تُقوّض إطار معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، حتى في غياب التصديق الرسمي من الأطراف الرئيسية.
ووفق مراقبين، يُشكل موقف بوتين أحدث إشارة على أن الدولتين اللتين تمتلكان أكبر ترسانة نووية في العالم تقتربان من مرحلة قد تؤدي إلى تصعيد حاد في التوترات الجيوسياسية، وأن استئناف أي من القوى النووية للتجارب النووية سيثير رد فعل مماثلا من دول أخرى.
كما يأتي في وقت تدهورت فيه العلاقات بين موسكو وواشنطن بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة منذ أن ألغى ترامب "المحبَط" من عدم إحراز تقدم في محادثات السلام الأوكرانية، قمة مقررة في بودابست وفرض عقوبات جديدة على موسكو.
حسب المختص في العلاقات الدولية، ديميتري كيم، فإن قرار بوتين بتقييم جدوى إجراء تجارب نووية لم يكن مفاجئا للغرب، "لأن روسيا دائما ما ترد بالمثل".
ويوضح للجزيرة نت، بأن روسيا أجرت آخر تجاربها النووية عام 1990 في موقع تجارب نوفايا زيمليا، ومنذ ذلك الحين استمر استخدامه، ولكن لاختبار إطلاق أسلحة أخرى.
ويتابع بأنه في حال قررت روسيا إجراء تجارب نووية جديدة، سيتطلب الأمر بذل جهود كبيرة لتجهيز موقع التجارب النووية مرة أخرى، لكنه يشير إلى أن الأميركيين أيضا سيحتاجون إلى وقت أطول بكثير لإعادة ترميم موقع تجارب نيفادا ، الذي أصبح في حالة سيئة، حسب قوله.
ووفقا للمتحدث ذاته، فإن تصريح ترامب، حتى لو كان مجرد خدعة، فإنه سيدفع الكرملين لأخذه على محمل الجد والبدء على الأقل بالأعمال التحضيرية، حتى لا يأتي الرد الروسي متأخرا.
كما أنه إذا تقرر إجراء التجارب النووية في نوفايا زيمليا، فإن الظروف المناخية هناك معقدة للغاية، ولا يمكن العمل على إعداد التجارب النووية إلا لبضعة أشهر سنويا.
علاوة على ذلك، يؤكد الخبير كيم أن تصريحات ترامب بأن بلاده ستبدأ تجاربها النووية "على الفور"، لن تُعزز فقط مواقف روسيا والصين على الساحة الدولية، بل ستدفع العالم لأن يجد نفسه منجرفا إلى مرحلة جديدة من سباق التسلح.
من جانب آخر، يتوقع محلل الشؤون العسكرية، يوري كنوتوف، أن تزداد الضغوط على ترامب داخل الولايات المتحدة، إذ يدرك كثيرون داخل النخبة السياسية الحاكمة في واشنطن خطورة هذا المسار.
ويضيف للجزيرة نت، أنه إذا بدأت أميركا تجارب واسعة النطاق، وحذت روسيا حذوها، فإن نظام وقف التجارب النووية قد ينهار بأكمله.
وحسب اعتقاده، فإن إعلان الولايات المتحدة عن تجارب أسلحة نووية قد يكون لها عدة سيناريوهات:
ويخلص المحلل كنوتوف إلى أن ترامب يُعرف بتذبذبه وميله إلى التصريحات المتطرفة، وعليه، قد يتجلى الموقفان الروسي والأميركي بوضوح أكبر في غضون بضعة أسابيع أو أشهر.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة