آخر الأخبار

ما الذي يجعل "الرعب النسائي الدموي" مختلف عن روايات الرعب الأخرى؟

شارك
مصدر الصورة

تعيش فتاة صغيرة مع أمها في الغابة. حياتهما تبدو عادية في الظاهر، باستثناء حقيقة واحدة: إنهما آكلتان للحوم البشر. تستدرجان الضحايا إلى منزلهما، تسممانهم، ثم تطهيانهم.

هذه هي الحبكة الأساسية في رواية للكاتبة لوسي روز، تنتمي إلى تيار أدبي جديد أو نوع فرعي من أدب الرعب يعرف باسم "الرعب الدموي النسائي".

وكما يوحي الاسم، تتمحور هذه الكتب حول شخصيات نسائية وغالباً ما تكون من تأليف نساء. لكنها أيضاً - وهذا هو الأهم - تتضمن العنف الدموي، أي التصوير الفج والمفصل لأعمال العنف والإصابات والتشوهات الجسدية التي نجدها عادة في نوع فرعي من الرعب يعرف باسم "رعب الجسد".

على المستوى العالمي، تشير بيانات غوغل إلى أن عمليات البحث المرتبطة بعبارات مثل "الرعب النسائي" و"رعب الجسد" قد ارتفعت بثبات خلال السنوات الخمس الماضية.

ويمكن ملاحظة اتجاهات مماثلة في أميركا اللاتينية، حيث تعيد العديد من الكاتبات تعريف الرعب من خلال عدسة السحر والأشباح والسياسة الجندرية، ضمن نوع أدبي يعرف باسم القوطية اللاتينية الجديدة.

وفي الهند أيضاً، يبرز تيار متنام من أفلام الرعب التي تتمحور حول النساء.

إن صياغة مصطلح "الرعب الدموي النسائي" وتزايد شعبيته تعود جزئياً إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، وبالتحديد عبر ظاهرة #بوكتوك التي تتيح للكاتبات الترويج لأعمالهن الجديدة ومشاركتها مع مجتمع واسع من محبي الكتب.


*
*
* مصدر الصورة

ومع تنامي شعبية هذا النوع الأدبي، بدأ الناشرون الكبار يلتفتون إليه. فقد حققت عدة كتب تصنف ضمن هذه الفئة مبيعات ضخمة في المملكة المتحدة، كما يجري العمل على تحويل بعض هذه العناوين إلى أفلام.

ويعبّر هذا المصطلح، بحسب ستايسي أبوت، أستاذة السينما في جامعة نورثمبريا والمتخصصة في أدب الرعب، عن "اتجاه لدى الفنانات نحو توظيف العنف الدموي ورعب الجسد... وإعادة التفكير في الطريقة التي نتحدث بها عن أجسادنا، وعن الجسد الأنثوي تحديداً، وعن تحولاته".

"ليس على النساء أن يكنّ جميلات"

تقول الكاتبة البريطانية لوسي روز إن شعبية هذا النوع الأدبي يعكس رد فعلٍ عالمياً على تراجع حقوق النساء والرقابة المفروضة على أجسادهن.

وتضيف: "سواء كان ذلك في ظاهرة الصور الإباحية المولدة بالذكاء الاصطناعي، أو في القيود على حق الإجهاض، أو في التعيير الجسدي".

كما يُشكل الرعب الدموي النسائي تحدياً مباشرًا للصور غير الواقعية للجسد الأنثوي في الأدب والسينما. تقول روز:

"النساء لا يحتجن أن يكن جميلات ومطيعات ونظيفات؛ يمكن أن يكن فجات، منفرات، وبذيئات".

ويقدم هذا النوع الأدبي أيضاً تجربة تطهرية للكاتبة والقارئة على حد سواء، إذ يتيح التعبير الآمن عن الغضب والحنق داخل فضاء الخيال الأدبي.

مصدر الصورة

رواية "العيون هي الجزء الأفضل" هي العمل الأول للكاتبة الكورية-الأميركية مونيكا كيم.

تدور حول بطلةٍ تتخيل أكل مقلتي عيني صديق أمها، وهو رجل يمارس نوعاً من التشييء الجنسي تجاه النساء الآسيويات.

كتبت كيم الرواية خلال فترة جائحة كوفيد-19، حينما شهد العالم تصاعداً في جرائم الكراهية ضد الآسيويين كما أن "أشياء مروعة تحدث، خصوصاً بحق النساء الآسيويات"، كما تقول.

وتضيف: "كان ذلك وقتاً أشعر فيه بعجز تام وبشعور فظيع تجاه ما يجري في العالم، فحولت كل غضبي إلى الكتابة".

مصدر الصورة

تقول الروائية البريطانية جيسي إيلاند إنها وصلت إلى هذا النوع الأدبي عن طريق الصدفة.

وتضيف مازحةً: "أنا جبانة جدّاً، لا أستطيع مشاهدة أفلام الرعب أو أيّ شيء من هذا القبيل".

وتشرح قائلة: "أعتقد أنه من الغريب لكن المريح أحياناً أن تقرأي عن الأشياء التي تخيفك في الواقع، ولكن داخل عالم خيالي".

نشرت روايتها الأولى "السيدة في الطابق العلوي" في وقتٍ سابق من هذا العام، وتدور حول آن، خادمة تتحوّل ترقيتها إلى منصب خادمة خاصة لسيدة القصر إلى تجربة تنطوي على أحداث مظلمة ومقلقة.

ما هو "رعب الجسد" الأنثوي؟

إعادة التفكير في رعب الجسد واستعادته كأداة لاستكشاف الطريقة التي يكتب بها عن الجسد الأنثوي تشكّل جوهر هذا النوع الأدبي.

يركّز رعب الجسد على الانتهاك أو التحوّل أو التدهور أو التدمير الجسدي بطريقة غروتسكية، أي مشوَّهة وصادمة.

والرعب النسائي الدموي يتناول هذه المفاهيم من منظور نسوي صرف.

تقول خبيرة أدب الرعب ستايسي أبوت: "هناك اليوم انفتاحٌ أوضح على تبنّي رعب الجسد وإعادة توظيفه وفهمه في إطار الأجندات النسوية".

مصدر الصورة

أما الكاتبة الإسبانية فيرخينيا فييتو، مؤلفة رواية "فيكتوريان سايكو" التي تتمحور حول مربية دموية النزعة، فتقول: "رعب الجسد يثير فضولي بشدة… أحتاج إلى متنفس علاجي لكل ما يفعله جسدي، كأن يكون لدي دورة شهرية مثلاً".

وفي الوقت نفسه، تقول جيسي إيلاند إنها أرادت أن تعكس علاقة النساء بأجسادهن، لأنها تدرك أن الأنوثة لا تزال موضوعاً محرماً بالنسبة لكثيرين.

وتضيف: "إحدى مشاهدي المفضلة في الرواية - وهي لا تتضمن أي عنصر دموي أو مرعب - هو مشهد هادئ تتحدث فيه الشخصيتان الرئيسيتان معاً عن الدورة الشهرية".

بماذا يختلف عن روايات الرعب الأخرى؟

تقليدياً، كانت النساء في روايات وأفلام الرعب يقدمن إما كضحية، أو قاتلة متعطشة للانتقام، أو"الفتاة الأخيرة"، أي الناجية الوحيدة التي تواجه الوحش أو القاتل في النهاية.

لكن الكاتبة مونيكا كيم تقول: "النساء سئمن من هذه الحبكات المكررة، سواء في الأفلام أو في الكتب -- والأهم، في الواقع نفسه".

إن "الرعب النسائي الدموي" يفتح مساحةً لتقويض هذه الصور النمطية وتفكيكها.

تتميز الشخصيات النسائية في هذا النوع الأدبي بأنها أكثر عمقاً وتعدداً في أبعادها، إذ تعبر عن الألم، والصدمة، والغضب، والرغبة في آنٍ واحد.

وتقول الكاتبة فيرخينيا فييتو:"وصل الأمر إلى درجة شعرت فيها بالملل والإهانة من فكرة أن المرأة لا يسمح لها بأن تكون عنيفة إلا إذا ظلمها رجل.

ربما ينبغي أن نقدم بدلاً من ذلك قراءاتٍ مختلفة ومعقدة نفسياً للعنف الأنثوي".

أما الأستاذة ستايسي أبوت فترى أن حتى تصوير آكلات اللحوم من النساء يمثل "قلباً لصورة المرأة المغذية والرؤوفة، وتحدياً صريحاً لما يعتبر مقبولاً اجتماعياً".

هل يعتبر "الرعب النسائي" ظاهرة جديدة؟

باختصار، كلا - لكن هذا النوع هو استجابة معاصرة لقضايا وأحداث عالمية راهنة.

تقول الكاتبة فيرخينيا فييتو: "لطالما كانت النساء كاتبات بارعات في أدب الرعب - يكفي أن نتذكر ماري شيلي".

وتضيف الكاتبة لوسي روز: "مراحل الرعب المختلفة تعكس التحولات السياسية عبر الزمن".

وتشير روز إلى أن جذور هذا النوع الأدبي تمتد إلى رعب الجسد والأدب المتجاوز للتابوهات.

من أعمال أنجيلا كارتر إلى الأساطير والحكايات الشعبية التي تتمحور حول ميدوسا والساحرات.

تفند الأستاذة ستايسي أبوت بقوة الأسطورة القائلة إن أدب الرعب موجه للرجال، مؤكدةً أن "النساء كن دائماً من عاشقات أدب الرعب"، ومضيفة أنهن شكلن جزءاً أساسياً من جمهور الأدب القوطي منذ بداياته.

لكن المناخ اليوم مختلف، إذ هناك "عطش حقيقي للأصوات النسائية"، كما تقول الكاتبة فيرخينيا فييتو.

وتضيف: "أشعر بحظ كبير لأنني دخلت هذا المجال في وقت يرحب فيه بالنساء. لم أعد مضطرة لإخفاء شغفي أو لاستخدام اسم مستعار. بالتأكيد أعتقد أن هذا زمنٌ جيد لكاتبات الرعب".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا