آخر الأخبار

بعد قرار مجلس الأمن.. هل تنجح واشنطن في إنهاء نزاع الصحراء؟

شارك
قرار مجلس الأمن أقر دعما علنيا لخطة الحكم الذاتي

تزامن قرار مجلس الأمن الدولي الذي أقر دعما علنيا لخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب بشأن الصحراء، مع تحرك متزايد تقوده إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعزيز هذا المسار، في إطار رؤية سياسية واستراتيجية تتجاوز حدود النزاع المحلي إلى أبعاد أمنية واقتصادية وإقليمية، لتظهر واشنطن كفاعل محوري يسعى لتطبيق مقاربة أكثر واقعية للنزاع الذي امتد لخمسة عقود.

وفي هذا الصدد، دعا كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، إلى مفاوضات تشارك فيها جميع الأطراف من دون تأخير للتوصل إلى حل دائم لملف الصحراء يقوم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مضيفا: "نتفق مع الملك محمد السادس على أهمية إطلاق حوار أخوي بين المغرب والجزائر لبناء علاقات قائمة على الثقة".

واعتبر أنه "تحت قيادة الرئيس ترامب تلتزم واشنطن بالعمل مع جميع الأطراف لتحقيق سلام عادل ودائم".

ويرى محللون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن القرار الأممي الأخير لم يأت بمعزل عن الحراك الدبلوماسي الأميركي الذي تصاعد مؤخرًا، فالإدارة الأميركية، تضغط نحو تسوية سياسية تستند إلى مبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الأكثر انسجاما مع مبدأ "الواقعية السياسية" الذي تتبناه واشنطن في ملفات النزاع الإقليمي.

أولوية أممية

وجاءت زيارة وفد من الكونغرس الأميركي إلى الرباط قبل أسابيع، للقاء مسؤولين مغاربة، على أنها مؤشر على دعم واشنطن المتزايد لموقف المغرب من تلك القضية.

ويعود هذا الملف ليحتل مكانه في أولويات الهيئات الأممية مع تطورات غير مسبوقة في الموقف الدولي، حيث سبق ودعمت عدة دول موقف المغرب منها بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، كما جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دعمه لسيادة المغرب على الصحراء في يوليو الماضي.

وسبق أن قال مبعوث الرئيس ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن بلاده تعمل على اتفاق سلام بين الجارين المغرب والجزائر، وإنه يأمل تحقيقه في غضون 60 يوما.

ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "لحوار أخوي صادق لتجاوز الخلافات، وبناء علاقات جديدة تقوم على الاستقرار"، مؤكدا التزام بلاده بالعمل لإحياء الاتحاد المغاربي على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل بين دوله.

ومنذ عرض المغرب خطة الحكم الذاتي عام 2007، ظلت المفاوضات تحت مظلة الأمم المتحدة تُراوح مكانها. إلا أن النص الأخير للقرار الذي صاغته الولايات المتحدة وضع مقترح الرباط كأساس للتفاوض، وأخطر بأن تمنح الأمم المتحدة دعما لنقاش "بلا شروط مسبقة" بين الأطراف، وفقا لما أشارت إليه وثيقة القرار.

موقف واشنطن

وقال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، مايك ملروي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "دعم الولايات المتحدة لقرار مجلس الأمن المؤيد لموقف المغرب بشأن الصحراء المغربية يأتي انسجامًا مع رؤية واشنطن التي تعتبر أن خطة الحكم الذاتي المغربية تمثل المسار الأكثر واقعية ومصداقية لتحقيق الاستقرار الإقليمي".

وأضاف ملروي الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أن "دعم الولايات المتحدة للمغرب يعزز شراكة استراتيجية في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب في شمال إفريقيا، خصوصًا في ظل التوسع الملحوظ لنفوذ كل من روسيا وإيران في المنطقة".

وشدد على أن "هذا التوجه يعكس أيضًا التزام واشنطن بتوطيد تحالفاتها مع الدول الموالية للغرب التي تلعب دورًا محوريًا في ضمان أمن الطاقة ومكافحة التطرف في منطقتي المغرب العربي ومنطقة الساحل الإفريقي".

وأشار معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إلى تلميح إدارة ترامب إلى احتمال حدوث انفراجة بين الخصمين الإقليميين، لكنه اعتبره التوصل إلى اتفاقات قصيرة الأجل حول قضايا مثل الصحراء لن يمثل سوى الخطوة الأولى في مسار دبلوماسي أميركي طويل ومعقد بطبيعته.

وأضاف المعهد في تحليل له أن "الولايات المتحدة تحتل موقعاً مميزاً يتيح لها الإسهام في تضييق الفجوة بين الجزائر والمغرب، فقد تعززت علاقاتها مع الرباط بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، من خلال توسيع التعاون العسكري، وتعميق العلاقات الاقتصادية، واعترافها بسيادة المغرب على الصحراء في ديسمبر 2020، وفي الوقت ذاته، أقامت واشنطن شراكة قوية مع الجزائر تقوم على التعاون الاقتصادي والأمني. ولبدء إعادة بناء العلاقات تدريجياً بين الجزائر والمغرب".

صفقات السلام

كما يرى مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حسن أبو طالب، أن "الجديد في اللحظة الجارية تتجسد في التقدم الأميركي نحو انتزاع تأييد دولي عام للخطة المغربية، من خلال قرار جديد من مجلس الأمن، وإضفاء تعريف ومهمة جديدة لبعثة الأمم المتحدة الخاصة بالصحراء".

وأوضح أنه "من اليسير ملاحظة شغف الرئيس ترامب بصنع صفقات سلام وتجارة مع العديد من الدول، وهو شغف بات يشكل مرتكزاً أساسياً في سياسة واشنطن، ما يدفع ترامب إلى محاولة تسويق وفرض تسويات للأزمات والتوترات التي تشهدها بعض الدول وبعضها الآخر".

ولفت إلى أنه "امتداداً للأسلوب الذي يعتمده الرئيس ترامب والذي يجمع بين المحفزات والإغراءات من جهة، والتهديدات بالعقوبات والإنذارات من جهة أخرى، فقد دمجت بعض التحليلات الأميركية بين شغف ترامب الشخصي بصنع سلام واحتواء التوترات المزمنة بين بعض دول العالم، حتى ولو كانت ساكنة، وفي الوقت ذاته بناء واقع جديد في علاقات الجزائر والمغرب، ينهي أزمة مُركبة من وجهة نظره، ويرسخ الدور الأميركي الصاعد في الشأن الإفريقي مع تقديم حوافز اقتصادية كبرى لكليهما في حال قبولهما التوافق على حل نزاع الصحراء؛ من قبيل الدفع باستثمارات أميركية كبرى تجاه الجزائر، واقتراح إقامة منطقة تجارة حرة مشتركة، إذا ما تم فتح الحدود وتبادل التجارة والسفر الحر، والتعاون المشترك في جهود الولايات المتحدة ضد الإرهاب في الساحل والصحراء".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا