في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
شككت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في جدوى ما تسميه الحكومة الإسرائيلية "إنجازات" خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، معتبرة أن التغيير الحقيقي على الأرض الذي تريده إسرائيل كنتيجة للحرب على غزة لا يزال بعيد المنال.
وفي مقال له بالصحيفة، ركز المحلل السياسي نداف إيال على مخاوف المؤسسة الأمنية من احتمال استكمال مراحل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة مع استمرار فاعلية دور حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) إضافة لتعزيز دور قطر و تركيا في المرحلة الثانية من الخطة، معبرا عن الخشية من أن "تجد إسرائيل نفسها مجددا في موقع الضعف ذاته الذي قاد إلى فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".
ويستهل إيال مقاله بالإشارة إلى التغييرات الأخيرة في الحكومة الإسرائيلية بعد إطاحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – برئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي.
وأوضح الكاتب أن نتنياهو أصبح "المسؤول الوحيد الباقي من منظومة الفشل في السابع من أكتوبر"، وذلك بعد أن "عاد جميع القادة الأمنيين والعسكريين إلى منازلهم: من رئيس الأركان إلى رئيس جهاز الأمن الداخلي ( شاباك ) والمخابرات العسكرية وقائد فرقة غزة ، في حين يواصل نتنياهو ممارسة الحكم وكأن شيئا لم يحدث".
ويقول المحلل السياسي إن هذه اللحظة لم تتحوّل إلى مراجعة وطنية أو عملية استخلاص دروس، بل إلى استمرار لحالة الهروب من المساءلة، حيث يمتنع نتنياهو عن إنشاء لجنة تحقيق رسمية في الحرب، ويفضّل التركيز على "إدارة السرد" بدلا من مواجهة النتائج الكارثية لإخفاقه.
ثم ينتقل بعد ذلك لمناقشة تفاصيل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لغزة، مشيرا إلى التهديدات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي لحماس، ليقول "لا يمكن التقليل من أهمية التهديدات التي يطلقها ترامب ضد حركة حماس، لكنها لا تعبّر عن السياسة الأميركية الفعلية".
ويضيف أن "الإدارة في واشنطن تواصل التأكيد أن الصفقة مع حماس يجب أن تمضي قدما، وأن على إسرائيل الالتزام بخطواتها التدريجية نحو الانسحاب، حتى لو لم تلتزم حماس بكامل تعهداتها".
كما يصف إيال إنشاء غرفة العمليات الأميركية في إسرائيل بأنه خطوة رمزية تعكس جدية تنظيم شؤون غزة على المدى الطويل، "لكنها في الوقت نفسه تمثل بداية نفوذ أميركي مباشر على القرارات الأمنية الإسرائيلية في القطاع، وهو ما يثير قلق الجيش والمؤسسة الأمنية".
ويؤكد أن زيارة جيه دي فانس نائب الرئيس ووزير الخارجية ماركو روبيو المرتقبة تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار والتأكيد أن "الهدوء مصلحة أميركية قبل أن يكون إسرائيلية".
ويشير المحلل السياسي إلى أن أكثر ما يقلق المؤسسة الأمنية هو إدخال قوة دولية إلى قطاع غزة، ضمن المرحلة التالية من الخطة الأميركية.
فالدول المرشحة للمشاركة -كما يقول- ليست صديقة لإسرائيل ولها سجل "إشكالي جدا" في عمليات حفظ السلام على حد تعبيره. وينقل عن قادة الجيش تخوفهم من أن وجود هذه القوة سيحدّ من حرية العمل الإسرائيلي داخل القطاع، بل وقد يجبر إسرائيل على انسحابات إضافية دون مقابل حقيقي من حماس.
وينقل عن مسؤول أمني رفيع قوله بسخرية إنه "يأمل أن تكون هناك مساجد كافية ليصلي فيها أفراد تلك القوة"، في إشارة إلى عدم ثقته بوجود قوات لدول عربية وإسلامية ضمن قوة حفظ السلام الدولية.
ويخصّص إيال قسما مهما من مقاله لانتقاد عودة قطر وتركيا إلى قطاع غزة، موضحا أن هذا التطور لم يكن ليحدث دون موافقة إسرائيلية مسبقة.
ويذكر بأن "نتنياهو نفسه هو من سمح سابقا للدوحة بضخ الأموال إلى حماس" على حد تعبيره، ويقول إن نتنياهو من خلال خطة ترامب "يكرر الخطأ ذاته حين يتيح للقطريين العودة للمشاركة في إعادة إعمار قطاع غزة".
ويشير في هذا السياق إلى مشاهد تم بثها مؤخرا في وسائل الإعلام لجرافات تحمل أعلام قطر داخل قطاع غزة، إلى جانب دخول منظمات الإغاثة التركية، تعكس تناقضا فاضحا في السياسة الإسرائيلية، إذ تعود القوى ذاتها التي ساعدت على تمكين حماس سابقا لتتحكم مجددا بمستقبل غزة.
كما يرى المحلل السياسي أن الضغوط العربية لإجبار حماس على "إصلاح سياسي" أو إعادة هيكلة جناحها العسكري تبقى طموحات غير واقعية.
فالحركة، كما يقول، "استعادت بالفعل السيطرة على المجتمع الفلسطيني في القطاع، وأي محاولة لتحجيمها بالوسائل السياسية أو العسكرية تتطلب قدرات دبلوماسية وإستراتيجية غير متوفرة لدى الحكومة الإسرائيلية الحالية"، وذلك بسبب عدم وجود رؤية واضحة لليوم التالي بغزة.
ويخلص إلى أن خطة ترامب المكوّنة من 20 بندا قد تبدو إيجابية على الورق بالنسبة لإسرائيل، لكنها تفتقر إلى مقومات التطبيق الواقعي، مشيرا إلى أن "الواقع الميداني يتجه إلى إعادة إنتاج الفشل ذاته الذي سبق هجوم 7 أكتوبر ".