( CNN )-- عقد مجلس النواب المصري، الأربعاء، أول جلسة لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، المنظم للتشريعات المتعلقة بالحقوق والحريات في مصر، بعد إعادته للبرلمان عقب اعتراض للرئيس عبد الفتاح السيسي على بعض مواده.
وقرّر أعضاء المجلس إحالة اعتراضات الرئيس إلى اللجنة العامة للبرلمان، لدراسة النصوص المُعترض عليها والأسباب الدستورية أو التشريعية، مع إعداد تقرير سيتم عرضه غدًا الخميس.
الاعتراضات التي أبداها الرئيس شملت 8 مواد رئيسية في مشروع القانون، ركزت على جوانب متعددة تتعلق بالحماية القانونية للحقوق والحريات. وكانت أبرز اعتراضات الرئيس على المادة 48 المرتبطة بتعريف "الخطر" الذي يبرر دخول المنازل، حيث اعتبر "السيسي" أن غياب تعريف دقيق قد يؤدي إلى تفسيرات موسعة قد تؤثر على حماية حرمة المنازل.
كما اعترض السيسي على المادة 105 لـ"عدم توافقها" مع المادة 64 في موضوع استجواب المتهم، مما قد يحد من صلاحيات النيابة العامة في حالات معينة، واشتملت الاعتراضات أيضًا على المادة 112 التي تسمح بإيداع المتهم في قضايا معينة دون تحديد مدة قصوى.
كما اعترض الرئيس المصري على المادة 114 التي تقتصر على ثلاثة بدائل فقط للحبس الاحتياطي، في حين كانت الرئاسة ترى أن هناك حاجة لاستحداث بدائل إضافية. إلى جانب المادة 123 التي تمحورت حول قصر عرض أوراق المتهم على النائب العام لمرة واحدة فقط أثناء الحبس الاحتياطي، بدلًا من العرض الدوري كل ثلاثة أشهر كما أوصت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان.
وتضمنت الاعتراضات أيضًا المادة 231 التي تتعلق بالإعلان التقليدي في حال تعطل الوسائل الإلكترونية، وكذلك المادة 411 التي تلزم المحكمة بانتداب محامٍ في غياب المتهم أو وكيله عند نظر الاستئناف.
وأكد رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، خلال الجلسة، أن اعتراضات الرئيس لا تعني رفض القانون، بل هي ممارسة دستورية تهدف إلى مراجعة بعض المواد لضمان المزيد من الضمانات، لافتًا أن تلك الاعتراضات تتعلق بـ 8 مواد فقط من أصل 552 مادة في مشروع القانون، ما يعكس تماسك مشروع القانون بشكل عام، وأن المشروع قد جرى دراسته بشكل مستفيض خلال 28 شهرًا من قبل البرلمان.
من جانبه، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في كلمته خلال الجلسة، إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية يعتبر أحد الأطر الأساسية لتحقيق العدالة في مصر، ويهدف إلى إيجاد توازن بين سيادة القانون وحماية حقوق المواطنين، مضيفًا أن ملاحظات الرئيس تجسد حرصه على ترسيخ دعائم الحقوق والحريات.
بعد الجلسة، عقدت اللجنة العامة لمجلس النواب اجتماعًا لدراسة الاعتراضات التي تقدم بها الرئيس على عدد من مواد مشروع القانون.
حضر الاجتماع وزير الشؤون النيابية والقانونية المستشار محمود فوزي، ووزير العدل المستشار عدنان فنجرى.
من جانبه، أكد وزير العدل ضرورة بدء تطبيق القانون الجديد بداية من العام القضائي المقبل (أكتوبر/تشرين الأول 2026) لإتاحة الوقت الكافي للتدريب وتوفير مراكز الإعلانات الإلكترونية في المحاكم، كما رفض الوزير الاعتراض على المادة 114 الخاصة بالحبس الاحتياطي، مؤكدًا أن البدائل الموجودة في المشروع كافية.
وقال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، ووكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أيمن أبو العلا، إن تأجيل تطبيق مشروع قانون الإجراءات الجنائية لمدة عام ليس ضروريًا، وأن المحاكم يمكنها الاستمرار في العمل بنظام الإخطار الورقي لحين تجهيز النظام الإلكتروني، وذلك لتجنب تأجيل باقي المكتسبات التي يتضمنها القانون.
وطالب الرئيس المصري بتأجيل تطبيق القانون لمدة عام لحين إنشاء مراكز للإعلانات الهاتفية تتبع وزارة العدل بمقر كل محكمة جزئية، التي يفوق عددها 280 محكمة على مستوى الجمهورية، وكذلك إجراءات وتجهيزات وتأهيل للقائمين على تشغيلها، والربط بين عدة جهات وطباعة النماذج اللازمة لعملها.
وبشأن اعتراضات الرئيس على مادة حالات الخطر التي تتيح لرجال السلطة العامة دخول المنازل، أشار "أبو العلا"، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إلى أنه من الصعب تحديد هذه الحالات أو وضع تعريف دقيق لها، مما يثير تحديات قانونية في تفسير هذه المادة، لافتًا إلى الاعتراض على المادة 105 التي تتيح استجواب المتهم، مؤكدًا أن الحزب يرفض استجواب المتهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق دون حضور محامٍ، وهو ما يضمن حقوق المتهم ويعزز العدالة.
وفيما يتعلق بالحديث عن بدائل الحبس الاحتياطي، أوضح أبو العلا أن البرلمان قد قدم سابقًا مقترحًا باستخدام الأساور الإلكترونية كبديل، لكن تم الاكتفاء بالبدائل المتاحة حاليًا لحين استعداد الحكومة لتنفيذ هذا المقترح، مؤكدًا في الوقت نفسه أن المادة الحالية تحدد الحالات التي يمكن للمتهم أن يقيم فيها في مسكنه بدلاً من الحبس.
وتنص المادة 114 الخاصة ببدائل الحبس الاحتياطي في مشروع قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز لعضو النيابة العامة أن يصدر بدلا من الحبس الاحتياطي أمرًا مسببًا بأحد التدابير الآتية إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، وإلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، وحظر ارتياد المتهم أماكن محددة.
ورجّح أبو العلا أن يتم الموافقة على بعض اعتراضات الرئيس السيسي في حين قد يتم رفض البعض الآخر، موضحًا أنه سيتم عرض تقرير اللجنة العامة على البرلمان غدًا للتصويت عليه وإقرار القانون بشكل نهائي.
وأكد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، وعضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، عاطف المغاوري، أن اعتراض الرئيس عبد الفتاح السيسي على 8 مواد من إجمالي 552 مادة في مشروع قانون الإجراءات الجنائية يظهر أن محصلة القانون إيجابية.
وأشار المغاوري إلى أن اعتراض الرئيس على المادة الخاصة بالنشر يعد ممارسة دستورية مشروعة، خاصة مع اقتراحه بتعديل موعد تطبيق القانون ليبدأ مع بداية السنة القضائية في أكتوبر بدلاً من تاريخ التصديق عليه كما هو معتاد، وهذا التعديل، سيساهم في تهيئة المحاكم لاستيعاب مواد القانون الجديد، بما يتناسب مع التحديات التقنية مثل الإخطار الإلكتروني.
وقال المغاوري، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إن اللجنة العامة للبرلمان تعمل حاليًا على إعداد تقرير يتضمن رؤيتها بشأن اعتراضات الرئيس، وسيتم عرضه في الجلسة العامة غدًا، مضيفًا أن الاتجاه العام داخل اللجنة يميل إلى رفض معظم اعتراضات الرئيس، وفي حال تمت الموافقة على التقرير من قبل الجلسة العامة، سيتم إقرار القانون دون الحاجة لإعادة عرضه على الرئيس.
وأشار المغاوري إلى أن "معظم أعضاء اللجنة العامة دعموا تطبيق القانون فور التصديق عليه دون تأجيله لمدة عام، بدعوى أن الحكومة حصلت على وقت كافٍ للتحضير لتطبيق القانون، خاصة أن المشروع قد تمت الموافقة عليه في أبريل الماضي، ورفعت النسخة النهائية إلى الرئيس في 26 أغسطس، كما أن تأجيل التطبيق قد يساء تفسيره على أنه تهرب من تنفيذ القانون".
وفيما يخص اعتراضات الرئيس على بعض المواد، كما المتعلقة بحالات الخطر التي تتيح لرجال السلطة العامة دخول المنازل، رأى المغاوري أن من الصعب تحديد تعريف دقيق لهذه الحالات بحيث تلقى توافق الجميع، كما أن استغاثة الأفراد من داخل المنازل أو من خارجها قد يتطلب تدخلًا عاجلًا لا يحتمل انتظار إذن قضائي.
وبشأن تدابير الحبس الاحتياطي، قال المغاوري إن اللجنة انتهت إلى أن التدابير الحالية هي الأنسب للتطبيق، وأن استخدام الأساور الإلكترونية قد يواجه صعوبات في التنفيذ، حسب قوله.