آخر الأخبار

أسباب تعثر توقيع اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

سادت توقعات على نطاق واسع خلال الأسابيع الماضية بشأن إمكانية إعلان اتفاق أمني جديد بين سوريا وإسرائيل خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى نيويورك التي شارك خلالها في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي شارك فيها أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، إلا أن الزيارة انتهت دون إعلان الاتفاقية.

وكانت الولايات المتحدة قد تحدثت عن قرب إنجاز هذا الاتفاق بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي.

وأشار تقرير لوكالة رويترز إلى أن سبب تعثر التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة هو تمسك تل أبيب بإنشاء ممر يصل بين إسرائيل ومحافظة السويداء السورية، لكن هذا الأمر لا يفسر وحده سبب التعثر وسط ضغوط أميركية للإسراع بإنجازه.

مصدر الصورة

خلافات حول الترتيبات الميدانية

سربت مصادر أمنية إسرائيلية في منتصف الشهر الماضي معلومات عن وجود خلافات بين دمشق وتل أبيب، ظهرت خلال اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.

وتتعلق هذه الخلافات بشكل رئيسي بمطالب سورية بانسحاب إسرائيل من المواقع التي احتلتها منذ أواخر عام 2024، والعودة إلى حدود اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974 تحت إشراف الأمم المتحدة ، مع وقف انتهاك إسرائيل للأجواء السورية.

وتوغلت إسرائيل داخل الأراضي السورية في المنطقة العازلة عقب سقوط نظام بشار الأسد ، واحتلت قمة جبل الشيخ ، بالإضافة إلى الدخول في عمق محافظة القنيطرة، كما تؤكد باستمرار على ضرورة نزع السلاح الثقيل من منطقة الجنوب السوري الذي يشمل محافظات درعا والسويداء والقنيطرة.

وفي يوليو/تموز الماضي، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رغبة تل أبيب بإقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن إسرائيل لن تقبل التفاوض حول مستقبل الجولان في أي اتفاق سلام، فيما بدا وكأنه استباق لأي مطالب سورية محتملة بأن يستثني الاتفاق بين الجانبين تحديد مصير هضبة الجولان وترحيل هذا الملف للمستقبل.

إعلان

وأكدت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في 28 سبتمبر/أيلول الفائت وجود خلافات بين الجانبين تحول دون عقد اتفاق.

وتحدث الشيباني عن صعوبة التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل في الوقت الحالي في ظل احتلالها للجولان، فضلا عن المناطق التي احتلتها بعد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، واستمرار اعتداءاتها وتدخلها في الشؤون الداخلية لسوريا.

الأجواء السورية

في 18 سبتمبر/أيلول الفائت، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقاء مع صحفيين وجود مفاوضات مع إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق أمني، مؤكداً أن هذا الاتفاق يجب أن يحترم الأجواء السورية، ووحدة البلاد، وأن يكون خاضعاً لرقابة الأمم المتحدة.

وأكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون ومنهم إيتان دانغوت الذي عمل سكرتيرا عسكريا لوزراء أمن سابقين بأن إسرائيل تريد أن تبقي على الأجواء السورية مفتوحة، ولهذا لن تسمح لتركيا بالتموضع في سوريا بطريقة تمنع الحركة الإسرائيلية.

وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن بقاء الأجواء السورية مفتوحة أمام الطيران الإسرائيلي يتيح لتل أبيب توجيه ضربات لإيران من اتجاهات متعددة، من بينها الأجواء العراقية بعد المرور في سوريا.

وهدد نتنياهو خلال كلمته في الأمم المتحدة قبل عدة أيام باستهداف "الميليشيات" داخل الأراضي العراقية، في وقت اتخذت فيه القوات الأميركية قرار الانسحاب من العراق وبدأت بتنفيذه منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، مما يعني احتمالية اندلاع موجة تصعيد إسرائيلية جديدة في المنطقة، وستكون بحاجة لاستخدام الأجواء السورية.

وفي حال تم توقيع اتفاق أمني يراعي مطالب الجانب السوري وتحت إشراف أميركي، ستكون إسرائيل مطالبة بعدم انتهاك الأجواء السورية، وهذا يعني حرمانها من استخدامها لشن هجمات في العراق أو إيران.

مصدر الصورة خريطة الجولان السوري المحتل وقمة جبل الشيخ والمنطقة العازلة التي احتلتها إسرائيل مؤخرا (الجزيرة)

العامل التركي

تزامنت المعلومات حول وجود فجوات بين تل أبيب ودمشق تحول دون توقيع اتفاق على الرغم من الجهود التي تبذلها واشنطن، مع القمة التي عقدها الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب ، وتأكيد الأخير على الدور التركي في عملية إسقاط الأسد، بشكل معاكس للتصريحات التي صدرت سابقاً عن نتنياهو، التي تبنى فيها الأمر، فيما بدا أنه محاولة لإعطاء شرعية للتحركات الإسرائيلية في سوريا.

وبعيد القمة الثنائية، دفع الجيشان التركي والسوري بالمزيد من التعزيزات إلى مناطق شرق حلب، على خطوط التماس مع مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وسط حديث مصادر ميدانية سورية عن احتمالية تنفيذ عملية عسكرية ضد تنظيم قسد في مناطق دير حافر ومسكنة وسد تشرين.

وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في تحليل لها صدر بعد الإعلان عن تعثر توقيع اتفاقية بين تل أبيب ودمشق، إلى أن إسرائيل تمتلك حاليا تفوقا عسكريا واستخباراتيا، وأن أي اتفاق يتضمن فقط الهدوء مع سوريا يعني منح تركيا هدية لتواصل هيمنتها دون حصول إسرائيل على أي تعويض.

ورأت الصحيفة أن إسرائيل تريد مقابل الهدوء في سوريا خطوات تركية شاملة مثل تطبيع العلاقات الدبلوماسية وتجديد التعاون الاقتصادي.

إعلان

أيضا، تؤكد إسرائيل بشكل مستمر معارضتها لإقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا، لاعتقادها أن هذه القواعد ستضر بحرية الحركة الإسرائيلية، بما فيها الحد من قدرتها على استخدام الأجواء السورية.

كما يحذر خبراء إسرائيليون من السماح للحكومة السورية الحالية تشكيل جيش جديد، خاصة بعد أن وقعت دمشق اتفاقية تعاون عسكري مع الجانب التركي للاستفادة من التدريب والاستشارات اللازمة لبناء المؤسسة العسكرية.

تعويل سوري على الدور الأميركي

توجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لمخاطبة الولايات المتحدة من خلال مقابلة أجراها مع شبكة "سي إن إن"، أشاد فيها بموقف واشنطن تجاه سوريا منذ تحريرها من نظام الأسد.

وأكد أن هذا الموقف نال رضا واسعا من السوريين، الأمر الذي يعكس تعويلا على موقف إدارة ترامب التي تدفع باتجاه عقد اتفاق منع اعتداء بين دمشق وتل أبيب وفقاً لما أكده المبعوث الأميريكي الخاص إلى سوريا توماس براك.

ونفى براك بدوره فشل توقيع الاتفاق الأمني بين إسرائيل وسوريا، وأكد دعمه لتشكيل حكومة مركزية في سوريا، واستبعد تطبيق الفيدرالية.

من جهته، أكد مندوب سوريا في الأمم المتحدة إبراهيم علبي استمرار المناقشات بين دمشق وواشنطن بخصوص توقيع الاتفاق الأمني مع إسرائيل، وتتم مناقشة ملف السويداء أيضاً ضمن هذه المباحثات.

ورجح تحليل صادر عن مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية، أن إدارة ترامب معنية بعدم إتاحة المجال أمام استمرار التصعيد الإسرائيلي ضد سوريا بالشكل الذي يقوض الأمن ويدفع باتجاه الفوضى، مما قد يفتح المجال مجدداً أمام تسلل إيران إلى الساحة السورية.

مصدر الصورة ترامب (يمين) يصافح الشرع خلال لقاء جمع بينهما بالرياض (واس)

كما أن واشنطن لا ترغب بأن يدفع التصعيد الإسرائيلي سوريا باتجاه روسيا أكثر، مما سيؤدي للإبقاء على نفوذ موسكو العسكري، خاصة أن استقبال دمشق لوفد روسي سياسي وعسكري رفيع مطلع سبتمبر/أيلول الماضي أعطى مؤشرات على مثل هذا السيناريو.

ومن المحتمل أن تسعى دمشق لاستثمار موقف إدارة ترامب على أمل ضبط سلوك إسرائيل تجاه سوريا، دون أن تضطر للتوقيع على اتفاقية لا تلبي الحد الأدنى من مطالبها المتمثلة بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت فيها حديثا، والكف عن اختراق الأجواء السورية، خاصة أن الإدارة الأميركية رعت في وقت سابق إلى جانب الأردن اتفاقا بخصوص السويداء يؤكد وحدة الأراضي السورية، على أن تتولى الحكومة إدخال المساعدات الإنسانية.

كما أن ترامب أعلن مؤخرا أنه لن يسمح لنتنياهو بضم الضفة الغربية، مما يعطي مؤشرا على عدم تطابق الرؤى بين إدارة ترامب وإسرائيل حول المنطقة.

ويبدو أن الدور الأميركي يحافظ على فرص عقد اتفاق بين دمشق وتل أبيب، حيث أكد نتنياهو خلال الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 أيلول/سبتمبر الماضي، أن فكرة السلام مع سوريا أصبحت واردة بعد أن كانت مستبعدة، مؤكداً أن عقد اتفاق سلام مع سوريا من الممكن أن يحفظ سيادتها، ويلبي مصالح إسرائيل.

وفي ظل عدم حسم الخلافات بين دمشق وتل أبيب، من المتوقع أن يستمر الضغط الأميركي باتجاه توقيع اتفاق يمنع الصدام بين الجانبين، دون أن يرقى إلى درجة اتفاقية سلام شاملة، حيث يضمن هذا الاتفاق لإسرائيل عدم تعرضها لتهديدات، ويتيح للحكومة السورية الحفاظ على الهدوء دون تقديم تنازلات كبيرة لا تمتلك صلاحية الموافقة عليها دون تفويض شعبي في ظل عدم استكمال بناء السلطة التشريعية في البلاد.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا