آخر الأخبار

ما العقوبات التي سيعاد فرضها على إيران بعد مهلة الأيام الثمانية؟

شارك





طهران- مع فشل مجلس الأمن الدولي في تبني مشروع قرار بتمديد تعليق العقوبات المفروضة عليها، باتت إيران أمام واقع جديد يتمثل في إعادة فرض العقوبات بسبب برنامجها النووي. ويعني ذلك عمليا استئناف جميع قرارات مجلس الأمن السابقة المتعلقة بإيران واعتبارها سارية المفعول من جديد.

وكان المجلس قد صوت أمس الأول الجمعة ضد مشروع قرار يقضي برفع العقوبات عن طهران بشكل دائم. غير أنه ما زال أمام إيران والدول الأوروبية الرئيسية أيام قليلة للتوصل إلى اتفاق بشأن تأجيل تفعيل "آلية الزناد".

في أواخر أغسطس/آب الماضي، أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أنها شرعت في إجراءات تفعيل هذه الآلية المنصوص عليها في اتفاق 2015.

وتعد "آلية الزناد" جزءا أصيلا من الاتفاق النووي والقرار الأممي 2231، إذ تتيح لأي طرف من أطراف الاتفاق إخطار مجلس الأمن بعدم التزام إيران بتعهداتها النووية. وبموجب هذه الآلية، لا تحتاج إعادة فرض العقوبات إلى توافق داخل المجلس، إذ يكفي انتهاء مهلة الثلاثين يوما من دون التوصل إلى قرار جديد لتدخل العقوبات السابقة حيز التنفيذ تلقائيا، من دون أن يكون لروسيا أو الصين حق تعطيل ذلك باستخدام الفيتو .

ويعني تفعيل الآلية عودة كاملة للقرارات الستة الصادرة بين عامي 2006 و2010، التي فرضت طيفا واسعا من القيود الاقتصادية والمالية والتجارية على إيران. وقد جمدت هذه القرارات بموجب الاتفاق النووي عام 2015 قبل أن تعود مجددا إلى الواجهة بعد فشل مجلس الأمن في تمديد تعليقها.

وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت عام 2018، في الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي بشكل أحادي، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران.

العودة للفصل السابع

وتثير عودة العقوبات الأممية مخاوف من إدخال الملف الإيراني مجددا تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، بما يحمله ذلك من تداعيات سياسية وقانونية وأمنية على طهران، في وقت تتعثر فيه الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي أو إيجاد بدائل تفاوضية جديدة.

إعلان

فجميع القرارات التي أصدرها مجلس الأمن بشأن الملف النووي الإيراني كانت مستندة إلى الفصل السابع من الميثاق، وهو الإطار القانوني الذي يتيح للمجلس التعامل مع الحالات التي يعتبرها "تهديدا للسلم والأمن الدوليين".

ويمنح هذا الفصل المجلس صلاحية تبني إجراءات ملزمة، تبدأ بالتدابير غير العسكرية مثل العقوبات الاقتصادية والسياسية، وقد تصل إلى حد الترخيص باستخدام القوة العسكرية، كما حدث في سوابق مع العراق وليبيا.

ومع توقيع الاتفاق النووي عام 2015 وتعليق القرارات السابقة، تمكنت إيران من الخروج من دائرة الفصل السابع، وهو ما اعتبر تحولا إستراتيجيا في موقعها القانوني والسياسي على الساحة الدولية. غير أن تفعيل "آلية الزناد" والعودة التلقائية للقرارات السابقة تعني عمليا إعادة إدراج إيران تحت مظلة هذا الفصل مجددا.

وفي هذا السياق، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين غريب آبادي، عقب فشل مجلس الأمن في تمديد تعليق العقوبات، أن بلاده ستعتبر اتفاقها الأخير مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية المبرم في القاهرة برعاية مصرية مطلع سبتمبر/أيلول الجاري قد انتهى إذا لم يتحقق أي تقدم دبلوماسي خلال الأيام المقبلة.

وتحذر أوساط دبلوماسية من أن أي انهيار في هذا المسار سيؤثر بشكل مباشر على ديناميات الأمن الإقليمي، وربما يفتح الباب أمام تحركات أحادية من أطراف إقليمية مثل إسرائيل.



العقوبات التي ستعود

في حال فشلت طهران في إقناع الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) حتى نهاية الأسبوع الجاري بالتراجع عن قرارها تفعيل "آلية الزناد"، فإن العقوبات الأممية المنصوص عليها في القرارات 1696، 1737، 1747، 1803، 1835، 1929 ستفعل مجددا. وتشمل هذه العقوبات عدة مستويات:


* الأنشطة النووية: ألزم القرار 1696 (يوليو/تموز 2006) إيران بوقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم، بما في ذلك الأبحاث والتطوير، وقد اعتمد القرار بموجب الفصل السابع، مما جعله ملزما قانونيا، وطالب إيران أيضا بالتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ثم جاءت القرارات اللاحقة (1737، 1747، 1803) لتؤكد هذا الإلزام، ومع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، بدأت إيران بتقليص التزاماتها تدريجيا، فوصلت إلى تخصيب بنسبة 60% وراكمت مخزونا من اليورانيوم يتجاوز حدود الاتفاق.


*

حظر المواد النووية والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج: وضع القرار 1737 (ديسمبر/كانون الأول 2006) قائمة بالمواد والتقنيات النووية والصاروخية الحساسة الخاضعة للحظر، وألزم جميع الدول بعدم بيعها أو نقلها لإيران بشكل مباشر أو غير مباشر.

شمل ذلك المعدات المستخدمة في التخصيب وإعادة المعالجة والمشاريع المرتبطة بالمياه الثقيلة. كما حظر تقديم الدعم الفني والتدريب والتمويل. وفي 2008، وسع القرار 1803 هذه القائمة بإضافة مواد من قوائم "مجموعة موردي المواد النووية" و"نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ".



إعلان

*

العقوبات الصاروخية وحظر الأسلحة: رغم أن القرار 1696 لم يفرض حظرا مباشرا، فإنه دعا الدول إلى "اليقظة" في التعامل مع أي مواد مرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي. ثم جاء القرار 1737 ليحظر صراحة بيع أو نقل المواد المدرجة في القوائم الدولية الخاصة بالتخصيب وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية.

وفي 2007، فرض القرار 1747 أول حظر تسليحي مباشر، مانعا إيران من تصدير الأسلحة ومطالبا الدول بالامتناع عن استيرادها. كما فرض قيودا على تزويدها بأسلحة ثقيلة تشمل الدبابات والطائرات والسفن الحربية والصواريخ.

وفي 2008، عزز القرار 1803 هذه القيود، بينما شدد القرار 1835 على التنفيذ الصارم للقرارات السابقة. وكان القرار 1929 الأوسع نطاقا، إذ حظر بشكل واضح على إيران القيام بأي نشاط مرتبط بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، ومنع بيع أو نقل العديد من الأسلحة التقليدية إليها.


*

النقل البحري والجوي: دعا القرار 1803 الدول الأعضاء إلى تفتيش الشحنات الإيرانية في الموانئ والمطارات إذا اشتبه في احتوائها على مواد محظورة، وخص بالذكر طائرات "إيران إير كارغو" وسفن "الجمهورية الإسلامية للشحن".

أما القرار 1929، فقد منح الدول صلاحية أوسع لتفتيش الشحنات حتى في أعالي البحار (بموافقة دولة العلم)، ومصادرة أو إتلاف المواد المحظورة، فضلا عن منع تزويد السفن الإيرانية بالوقود أو الخدمات إلا في الحالات الإنسانية.


*

القيود المالية والمصرفية: كان القرار 1737 بداية فرض القيود المالية، حيث نص على تجميد أصول شخصيات وكيانات مرتبطة بالبرنامج النووي، ومنع تحويل الأموال إليها. وأضاف القرار 1747 أسماء جديدة، وشمل شركات تابعة لهيئة الطاقة الذرية ومؤسسات مرتبطة بوزارة الدفاع والحرس الثوري .


*

إدراج الأفراد والكيانات: منذ القرار 1737، وضعت شخصيات علمية ومسؤولون وشركات تابعة للحرس الثوري على قوائم العقوبات. توسعت هذه القوائم تدريجيا لتشمل كيانات دفاعية ومؤسسات مرتبطة بالبنية النووية والصاروخية.


*

الهيئات الرقابية: أنشأ القرار 1737 لجنة عقوبات لمتابعة التنفيذ وتحديث اللوائح والنظر في طلبات الإعفاءات الإنسانية. وفي 2010، أنشأ القرار 1929 فريق خبراء لمساعدة اللجنة في جمع المعلومات وكشف أساليب الالتفاف على العقوبات. ومع عودة الآلية، فإن اللجنة والفريق سيستأنفان عملهما مجددا.



العقوبات الأوروبية

ورغم أن العقوبات الأممية تعود تلقائيا بانتهاء مهلة الثلاثين يوما، فإن الوضع في أوروبا يختلف قليلا. فلوائح الاتحاد الأوروبي لعام 2015 نصت على أنه في حال وقوع "انتهاك جوهري" للاتفاق النووي، يتعين على مجلس الاتحاد اتخاذ قرار سياسي لإعادة العقوبات. أي أن العودة ليست تلقائية، لكنها شبه مؤكدة وسريعة وملزمة قانونيا.

وتشمل العقوبات الأوروبية:


* النفط والبتروكيميائيات: حظر شامل على الاستيراد والشراء والنقل.
* الاستثمار والتكنولوجيا: حظر الاستثمار المباشر أو نقل المعدات الحيوية في قطاعات النفط والغاز والبتروكيميائيات.
* المعادن الثمينة: منع شامل لتجارة الذهب والمعادن النفيسة والماس مع الحكومة الإيرانية أو الكيانات المرتبطة.
* التحويلات المالية: فرض سقوف على المبالغ المحولة، كما تم قطع بعض المصارف الإيرانية عن نظام "سويفت".
* النقل والشحن والطيران: فرض قيود على شركة الشحن البحري الإيرانية وشركات الطيران، شملت تجميد الأصول ومنع الخدمات.

وبذلك، فإن عودة العقوبات عبر مساري الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ستضع إيران أمام حصار متعدد المستويات يعيدها عمليا إلى وضع ما قبل 2015، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات اقتصادية وأمنية ودبلوماسية عميقة.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا