في مشهد بات يتكرر بشكل مأساوي، فُقد أثر 61 مهاجراً، غالبيتهم من السودان، عقب انقلاب قارب كان يقلّهم قبالة الساحل الشرقي لليبيا. وذكرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، في بيان لها عبر منصة "إكس"، أن القارب كان يحمل 74 شخصاً، ولم ينجُ منهم سوى 13، بينما اعتُبر الباقون في عداد المفقودين.
يأتي هذا الحادث عقب مصرع 50 سودانيا وإنقاذ 24 مهاجرا آخرين إثر غرق قاربهم قبالة طبرق الأحد الماضي، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
ويسلّط الحادثان الضوء مجددا على ظاهرة الهجرة غير النظامية، والأسباب التي تدفع آلاف المهاجرين إلى ركوب البحر، رغم علمهم المسبق بالمخاطر الهائلة التي قد تودي بحياتهم.
تشهد سواحل ليبيا باستمرار، حالات غرق قوارب المهاجرين، ولقي ما لا يقل عن 60 مهاجرا، بينهم نساء وأطفال، حتفهم بعد غرق قاربين قبالة ليبيا منتصف هذا العام، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة.
وبحسب المنظمة ، قضى منذ بداية العام الجاري 456 شخصا قبالة سواحل ليبيا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط الذي "يظل أخطر طريق للهجرة في العالم" بسبب "ممارسات الاتجار الخطيرة بشكل متزايد، وقدرات الإنقاذ المحدودة، والقيود المتزايدة على العمليات الإنسانية".
كما أشارت المنظمة إلى اعتراض 17 ألف شخص وإعادتهم إلى ليبيا منذ بداية العام، بما في ذلك 1516 امرأة و586 طفلا.
في حالة المهاجرين السودانيين، غالبا ما تدفعهم الحروب الأهلية، وانهيار الاقتصاد، وغياب الأمن، إلى مغادرة بلادهم. فمنذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان عام 2023، يعيش الملايين في ظروف مأساوية، بين النزوح الداخلي أو الهروب عبر الحدود.
لكن ليبيا، التي كانت سابقاً محطة عمل واستقرار، تحوّلت إلى معبر محفوف بالمخاطر، يسيطر عليه المهربون وشبكات الاتجار بالبشر. وبسبب ضعف الرقابة الأمنية، تصبح السواحل الليبية نقطة انطلاق رئيسية لقوارب الموت باتجاه أوروبا.
يدفع الحلم الأوروبي الكثيرين إلى المخاطرة بكل شيء. فرغم معرفتهم المسبقة بالمآسي التي وقعت قبلهم، يتمسّك هؤلاء المهاجرون بأمل الوصول إلى "الفردوس الأوروبي" الذي يضمن لهم حياة كريمة، وعملاً، وتعليماً لأطفالهم. وتلعب شبكات التهريب دورا كبيرا في تغذية هذا الوهم، حيث تُعرض عليهم رحلات محفوفة بالخطر مقابل مبالغ مالية ضخمة، دون ضمانات للنجاة.
وراء كل رقم، قصة إنسانية مؤلمة، فالشباب الذين يُفقدون في البحر كانوا يحلمون بمستقبل أفضل، بعد أن ضاقت بهم الأرض في بلدانهم. وعائلاتهم تنتظر خبرا، أو جثمانا، أو حتى قطعة من الذاكرة تخلّدهم. ومع تكرار هذه المآسي، تتزايد التساؤلات: ما الذي يدفع هؤلاء للذهاب رغم كل هذا الخطر؟ من المسؤول؟ وهل يكفي أن نُدين التهريب ونتجاهل الأسباب العميقة التي تدفع الناس لترك أوطانهم؟
يرى محللون أن هناك عدة أطراف تتحمل جزءا من هذه الكارثة الإنسانية، من بينها أنظمة الحكم التي تدفع شعوبها للهروب لأسباب اقتصادية أوسياسية، شبكات التهريب التي تتاجر بالبشر، والمجتمع الدولي الذي لم يتخذ بعد خطوات حقيقية لمعالجة جذور الأزمة.
كما أن الحلول الأمنية وحدها، مثل إغلاق الحدود وزيادة الدوريات البحرية، لم تنجح في وقف هذه الموجات البشرية، بل زادت من تعقيدها وخطورتها.
ويرى البعض أن الحاجة أصبحت ماسة إلى معالجة واسعة تشمل تنمية حقيقية في دول المنشأ، حلول سياسية للنزاعات، تأمين ممرات هجرة شرعية وآمنة، وزيادة الدعم للاجئين داخل بلدانهم أو في أماكن لجوئهم المؤقتة.
برأيكم
نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 19 سبتمبر/ أيلول.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب