آخر الأخبار

4 مسارات أمام حزب الشعب الجمهوري بعد أزمته الجارية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أنقرة- يقف حزب الشعب الجمهوري ، أقدم أحزاب المعارضة التركية وأوسعها حضورا، أمام واحدة من أعقد أزماته الداخلية منذ سنوات.

وتتجه الأنظار إلى محكمة أنقرة الابتدائية التي ستنظر يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري في الدعوى المرفوعة للطعن في شرعية المؤتمر العام الـ38 للحزب، الذي انعقد في الرابع والخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وأسفر عن انتخاب أوزغور أوزيل زعيما جديدا خلفا ل كمال كليجدار أوغلو .

وتأتي هذه المحطة المفصلية بعد أن أصدرت محكمة مدنية في إسطنبول في الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري حكما يقضي بإبطال نتائج مؤتمر فرع الحزب لعام 2023، وما ترتب عليه من عزل رئيس الفرع أوزغور تشيليك وكامل أعضاء مجلسه المنتخب.

وأسندت إدارته إلى لجنة مؤقتة من 5 أشخاص، تولى رئاستها بالإنابة النائب السابق غورسل تكين، وذلك إلى حين الدعوة لمؤتمر جديد.

خلفية الأزمة

وجاء القرار استجابة لدعوى رفعها عدد من أعضاء الحزب طعنوا فيها بشرعية المؤتمر على خلفية ما وصفوها بـ"تجاوزات" في عملية التصويت. وعزز هذه المزاعم ملف تحقيق صادر عن النيابة العامة مطلع عام 2024، تضمن اتهامات بتقديم رشاوى لعدد من المندوبين لضمان تصويتهم لتشيليك.

وبناء على ذلك، وُجهت اتهامات لتشيليك و9 من القيادات المحلية قد تصل عقوبتها إلى السجن 3 سنوات في حال ثبوت التلاعب.

وبعد مداولات استمرت قرابة عامين، صدر الحكم النهائي بإبطال نتائج المؤتمر، في ما عُد انتصارا قضائيا للجناح التقليدي المقرب من كمال كليجدار أوغلو.

في أعقاب القرار، اجتمع المكتب المركزي للحزب في أنقرة برئاسة أوزغور أوزيل لبحث سبل احتواء التداعيات. وخلال الاجتماع، أعلن أوزيل فصل غورسل تكين من عضوية الحزب عقابا له على قبوله منصب الوصي على فرع إسطنبول خلفا لتشيليك المنتخب.

واعتبرت قيادة الشعب الجمهوري أن ما جرى يمثل حلقة جديدة في سلسلة الأزمات الداخلية الممتدة منذ عام 2023، إذ إن المؤتمر الملغى كان يعكس في جوهره صراعا بين جناح إصلاحي يحظى بدعم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو المعتقل، وآخر تقليدي يدور في فلك الزعيم السابق كليجدار أوغلو.

مصدر الصورة مشادات بين الشرطة ومتظاهرين من حزب الشعب الجمهوري أمام مقره في إسطنبول (غيتي)

تصعيد واشتباكات

أشعل قرار المحكمة بشأن فرع إسطنبول شرارة توتر واسع تُرجم سريعا إلى احتجاجات في الشارع. فمع تعيين غورسل تكين وصيا على الفرع، دعا أوزيل أنصاره إلى التجمهر أمام مقر الحزب للدفاع عنه، بينما أحاطت قوات الأمن بالمبنى وأغلقت الطرق المؤدية إليه تنفيذا للحكم، وأصدر والي إسطنبول قرارا بحظر المظاهرات في 6 مناطق لمدة 4 أيام.

إعلان

إزاء هذا التصعيد، أعلن أوزيل إغلاق مقر الحزب في المدينة مؤقتا لتجنب مزيد من الاشتباكات، وأبلغت الإدارة المركزية السلطات بنقل المقر إلى موقع آخر، حيث سيواصل أوزغور تشيليك مهامه بصفته الرئيس المنتخب لحين عقد مؤتمر جديد.

وطرح الحزب فكرة "المقر المتنقل" عبر نقل مكتبه بين مناطق إسطنبول الـ39، في خطوة تهدف إلى إرباك محاولات السيطرة على مقراته. كما تقدم ممثلوه بطلب رسمي إلى اللجنة العليا للانتخابات لعقد مؤتمر إقليمي استثنائي يوم 24 سبتمبر/أيلول الجاري لانتخاب قيادة جديدة للفرع.

يؤكد المحلل السياسي مراد تورال للجزيرة نت أن الحكم المرتقب يوم 15 من الشهر الحالي قد يفتح أمام حزب الشعب الجمهوري أكثر من مسار، لكل منها انعكاساته المباشرة على استقراره ومستقبله التنظيمي، تشمل:


* الإبقاء على الوضع القائم: وهو السيناريو الذي يعول عليه أوزغور أوزيل وأنصاره، إذ يتيح استمرار قيادته للحزب دون مساس بالهياكل المنتخبة، بما يسمح بإغلاق صفحة الخلافات الأخيرة والمضي في استكمال جدول المؤتمرات الداخلية بصورة طبيعية.
* بطلان المؤتمر العام وخلق فراغ قيادي: في حال قضت المحكمة ببطلان مؤتمر 2023، فإن انتخاب أوزيل سيُعتبر ملغى، وهو ما قد يفتح الباب أمام فراغ على مستوى القيادة العليا واضطراب تنظيمي واسع. هذا السيناريو قد يفرض تعيين وصي قضائي لقيادة الحزب مؤقتا حتى انعقاد مؤتمر جديد، وسط ترجيحات بطرح اسم الزعيم السابق كليجدار أوغلو، رغم إعلان أوزيل رفضه الاعتراف بأي وصاية حتى لو جاءت من سلفه، وتحذير اللجنة المركزية من إمكانية فصل كليجدار أوغلو إذا قبل بهذا الدور.
* إجراءات احترازية مؤقتة: احتمال آخر يتمثل في لجوء المحكمة إلى تدابير مرحلية، مثل تعليق مهام أوزيل ومجلسه التنفيذي ريثما يبت نهائيا في القضية.
* تعطيل المؤتمرات الداخلية: أشار المحلل تورال إلى أن الحزب يعاني أصلا من توقف عدد من مؤتمراته المحلية بقرارات قضائية سابقة، مما يجعل أي حكم جديد يطعن في شرعية القيادة أو يطيل أمد النزاع عاملا إضافيا لتعطيل الاستحقاقات الداخلية وإضعاف جاهزية الحزب قبل أي انتخابات وطنية قادمة.

أزمة ممتدة

ولمواجهة هذه السيناريوهات، يلفت تورال إلى أن قيادة الحزب بادرت إلى إجراءات استباقية، من بينها الدعوة إلى مؤتمر عام استثنائي في 21 سبتمبر/أيلول الجاري لتثبيت القيادة أو انتخاب بديل جديد، إضافة إلى تحديد مؤتمر فرع إسطنبول في 24 من الشهر نفسه، في مسعى لإعادة الشرعية التنظيمية سريعا وتفادي الفراغ.

من جانبه، يرى المحلل السياسي جنك سراج أوغلو أن الأزمة التي يعيشها حزب الشعب الجمهوري لم تعد مجرد نزاع قانوني أو تنظيمي، بل باتت مرشحة لأن تتحول إلى أزمة سياسية أوسع تهدد موقعه بوصفه أكبر قوة معارضة في تركيا .

وأوضح في حديث للجزيرة نت أن الانقسام الداخلي داخل أروقة الحزب يعكس هشاشة البنية التنظيمية، ويضعف قدرته على الحفاظ على تماسكه واستقراره.

وحسب سراج أوغلو، فإن "الرئيس رجب طيب أردوغان و حزب العدالة والتنمية يستغلان هذه التطورات لتصوير المعارضة على أنها غير قادرة على إدارة شؤونها الداخلية، وبالتالي غير مؤهلة لتولي الحكم".

إعلان

وختم بالقول إن الحزب يقف اليوم أمام مفترق طرق تاريخي، فإما ينجح في تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة ترتيب صفوفه وتعزيز آليات الديمقراطية داخله، أو ينزلق إلى صراعات وانقسامات قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية التركية على حسابه.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا