في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الخرطوم- لم تسلم جسور ولاية الخرطوم من الدمار جراء القتال الدائر بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع ، منذ منتصف أبريل/نيسان 2023. ولأهميتها الإستراتيجية في موازين العمليات العسكرية، كان لها النصيب الأكبر من الهجمات باعتبارها الطريق الرابط لإيصال الدعم اللوجستي والإمداد العسكري بين مدن العاصمة السودانية.
وكانت قوات الدعم السريع تسيطر على 4 جسور من أصل 10 في الولاية قبل أن يتمكن الجيش من السيطرة على العاصمة وجميع المواقع الإستراتيجية، من بينها الجسور والمقار الحكومية في مايو/أيار 2025.
وتربط مدن الولاية 10 جسور نيلية، منها 5 على نهر النيل الأزرق، و3 على نهر النيل الأبيض، وجسران على نهر النيل ، وجسر لا يزال قيد الإنشاء منذ عام 2004، بالإضافة إلى أخرى داخل المدن.
وتعرض جسر شمبات، الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري، الذي تم تدشينه في العام 1966 وهو أحد أهم الجسور الرئيسية في العاصمة السودانية، لتدمير أدى لانفصاله في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ثم جسر خزان جبل أولياء ومن بعده الحلفايا في منتصف سنة 2024، وتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات حول استهداف الجسور وتدميرها.
في تصريح للجزيرة نت، قال المدير العام لهيئة الطرق والجسور ومصارف المياه بولاية الخرطوم المهندس مختار عمر صابر، إن الطرق والجسور تعرضت لضرر كبير في البنية التحتية، وإن تكلفة الخسائر فيها تجاوزت 400 مليون دولار، بالإضافة إلى خسائر ناتجة عن سرقة آليات ومعدات كانت تستخدم في عمليات تأهيل الطرق وصيانتها.
وأشار إلى أن جميع الجسور تعرضت "لتخريب ممنهج من قبل الدعم السريع" منها "الحلفايا" و"شمبات" و"خزان جبل أولياء" و"ود البشير". وأوضح أن هناك تفاوتا في حجم الخسائر ما بين ضرر جزئي يمكن إصلاحه وكلي غير قابل للصيانة، وذكر أن هناك جسرين سيتم إعادة تصميمهما نسبة لحدوث أضرار بالغة في الركائز الخرسانية الرئيسية.
وشرعت هيئة الطرق والجسور ومصارف المياه بالخرطوم في عمليات صيانة وتأهيل عدد من الجسور منها "الكبجاب" و"أبو عنجة" و"ود البشير"، وسيتم مواصلة العمل بالجسور الفولاذية النيلية ومنها النيل الأبيض.
وبلغ عدد الجسور التي تم تقييمها بشكل فني -بحسب عمر صابر- 25 في ولاية الخرطوم. وقامت الهيئة بصيانة أكثر من 11 جسرا، وأكد أن كل الجسور يمكن إصلاحها في فترة وجيزة ما عدا شمبات الذي تضرر بنسبة 100% وسيحتاج إلى إعادة النظر في أمره من قبل الهيئة.
وأشار إلى تأهيل جسرين رابطين بالطريق القومي بين مدينتي الجيلي وبحري، وأن أعمال الصيانة تجري حاليا بجسور ود البشير والنيل الأبيض ونفق عفراء، إلى جانب عدد من الطرق الرئيسة منها شارع النيل الخرطوم وأم درمان.
وحول زيارة الوفد الهندسي المصري لولاية الخرطوم، أفاد عمر صابر، بأن وزارة البنية التحتية والنقل وهيئة الطرق والجسور قامتا بالتنسيق مع وزارة النقل المصرية في إطار التعاون المشترك بين البلدين.
ووقف الوفد الهندسي المصري على أوضاع الجسور ميدانيا، وقيّم حجم الأضرار التي لحقت بجسري "شمبات" و"الحلفايا" ضمن خطة أولية لإعادة صيانتهما كمنحة مقدمة من الحكومة المصرية.
وكشف عمر صابر عن تكوين فريق فني مشترك لوضع دراسات وتصاميم وحلول استشارية يتم العمل بناء عليها في عمليات صيانة الجسور لربط العاصمة القومية في أقرب وقت ممكن.
على الأرض تتواصل عمليات سد الحفر الناتجة عن عمليات القصف المدفعي في جسري "ود البشير" و"المك نمر"، وأكد المهندس في هيئة الطرق والجسور محمد عبد الله للجزيرة نت، أن العمل يسير وفق جدول زمني وضعته الهيئة، وأن أعمال الصيانة وإعادة التأهيل ستنتهي قريبا فيما يتعلق بجميع الجسور التي يمكن إصلاحها حاليا باستثناء "شمبات" و"الحلفايا".
وأضاف أن هذين الجسرين سيستغرقان وقتا أطول في عمليات الصيانة بسبب الأضرار البالغة التي لحقت بهما بعد تفجيرهما بواسطة الدعم السريع.
ويصف المهندس عبد الله الوضع الحالي بجسور ولاية الخرطوم بالجيد إلى حد ما، ويؤكد أنه "رغم التدمير الممنهج فإن إرادتهم أقوى لتأهيلها حتى تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب".
من جانبه، يرى الصحفي السوداني رامي محكر أن العمل الجاري في تأهيل الطرق والجسور سيسهم في تسهيل حركة نقل البضائع والسلع الغذائية وسيقلل من تكلفة النقل وسيؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وأشار محكر، في حديث للجزيرة نت، إلى أن الحافلات وسيارات نقل البضائع كانت قد اتخذت طرقا بديلة طوال فترة الحرب في العاصمة قبل سيطرة الجيش عليها، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السفرات الداخلية وتكاليف نقل المنتجات الغذائية والسلع الاستهلاكية، جراء وعورة الطرق البديلة وطول المسافة.
من جهته، اعتبر أحمد عاطف، وهو صاحب سيارة أجرة يعمل بين مدينتي الخرطوم وأم درمان، أن أعمال تأهيل الجسور خطوة طال انتظارها بعد سيطرة الجيش على العاصمة.
وأضاف أن الجسور التي تنقّل عبرها بسيارته في الفترة الماضية كانت تحتاج إلى صيانة قبل الحرب وهي الآن تحتاج إلى جهود إضافية لتعود كما كانت عليه.
وطالب الجهات التي تعمل على إصلاحها بالعمل على سد الحفر والفجوات وتوسيع مسارات عبور السيارات لتجنب الازدحام والحوادث المرورية.
وتأتي عمليات إعادة تأهيل الطرق والجسور وصيانتها في العاصمة السودانية ضمن الخطة التي وضعتها اللجنة العليا لتهيئة البيئة لعودة المواطنين إلى ولاية الخرطوم برئاسة عضو مجلس السيادة السوداني ومساعد القائد العام للجيش الفريق إبراهيم جابر.