تتواصل الأوامر الإسرائيلية للفلسطينيين بإخلاء مدينة غزة بهدف السيطرة عليها، فيما تعتزم المفوضية الأوروبية المضي في إجراءات لفرض عقوبات وتعليق جزئي لاتفاقية الشراكة مع إسرائيل.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، إن المفوضية تقترح فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين "متطرفين"، وتعليقاً جزئياً لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، لتستهدف المسائل المتعلقة بالتجارة.
وأضافت فون دير لاين في تصريحات أدلت بها خلال خطاب حالة الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ "ما يحدث في غزة هزّ ضمير العالم. أشخاص يُقتلون وهم يتسوّلون الحصول على طعام. أمهات يحملن أطفالاً أمواتاً. هذه الصور كارثية".
وأضافت "من أجل الأطفال، من أجل الإنسانية، يجب أن يتوقف هذا".
ومضت بالقول "مجاعة من صنع البشر لا يمكن أن تُستخدم كسلاح حرب" متحدّثة عن وضع "غير مقبول" في قطاع غزة.
وأقرّت فون دير لاين بوجود انقسامات داخل أوروبا بشأن كيفية المضي قدماً، وتعهدت بأن المفوضية ستفعل ما في وسعها بشكل مستقل.
وانتقد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر تصريحات فون دير لاين، وقال عبر منصة إكس: إن "التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية هذا الصباح مؤسفة، وبعضها يردد دعاية حماس الكاذبة وشركائها".
وتابع: "مرة أخرى، تبعث أوروبا برسالة خاطئة، مما يقوي حماس والمحور المتطرف في الشرق الأوسط".
وذكرت وثيقة خيارات أعدتها الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز أن تعليق البند التجاري من الاتفاق سيؤدي إلى سحب أفضليات تجارية ممنوحة لمنتجات إسرائيلية لدخول السوق الأوروبية، وسيتطلب ذلك تصويتاً بالأغلبية المؤهلة بين حكومات دول التكتل.
ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ بلغت حصته العام الماضي نحو الثلث من إجمالي تجارة السلع الدولية لإسرائيل.
ويتطلب تحقيق الأغلبية المؤهلة تأييد 15 دولة من أصل 27 من الدول الأعضاء، أي بما يمثل 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، وهي عتبة يصعب بلوغها في ظل استمرار الانقسام بين الدول الأوروبية بشأن كيفية التعامل مع الوضع في إسرائيل وقطاع غزة.
وذكرت فون دير لاين أيضاً أن المفوضية ستضع الدعم الثنائي لإسرائيل قيد التعليق دون التأثير على عمل المجتمع المدني الإسرائيلي ولا عمل ياد فاشيم وهو المركز الرئيسي لذكرى المحرقة اليهودية (الهولوكوست) في إسرائيل.
وأضافت فون دير لاين أن المفوضية ستنشئ مجموعة مانحين للفلسطينيين شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بما في ذلك أداة لإعادة إعمار قطاع غزة.
انهالت منشورات إسرائيلية على الفلسطينيين، الذين يعيشون وسط أنقاض مدينة غزة، الثلاثاء، تأمرهم بإخلاء المدينة قبل أن تدمر إسرائيل المنطقة خلال هجومها للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما تسبب في حالة من الذعر والارتباك.
وتريد إسرائيل نزع السلاح بالكامل من قطاع غزة، الذي كان يقطنه 2.2 مليون فلسطيني قبل الحرب. وحذرت دول عدة من أنحاء العالم من أن الخطة الإسرائيلية ستؤدي إلى كارثة للفلسطينيين.
وطالب الجيش الإسرائيلي سكان منطقة ميناء غزة وحي الرمال الجنوبي وبرج طيبة 2 والخيام القريبة منه بالإخلاء بشكل فوري جنوباً نحو "المنطقة الإنسانية" في مواصي خان يونس، ثم أقدمت على قصف البرج.
وذكر أن حماس وضعت داخل المبنى وسائل استطلاع وجمع معلومات ونقاط مراقبة بهدف مراقبة تحركات وأماكن وجود قوات الجيش الإسرائيلي.
ووجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، تحذيراً لسكان مدينة غزة طالبهم فيه بمغادرتها على الفور.
وقال نتنياهو "أقول لسكان غزة انتهزوا هذه الفرصة واصغوا إليّ جيداً: جرى تحذيركم - غادروا الآن".
وأضاف نتنياهو أن القوات الإسرائيلية تنظم صفوفها الآن وتتجمع داخل مدينة غزة من أجل عملية برية.
وأثارت الخطة أيضاً القلق داخل إسرائيل.
وذكر مسؤولون إسرائيليون أن القيادة العسكرية الإسرائيلية حذرت نتنياهو من توسيع نطاق الحرب.
وتخشى عائلات الرهائن الإسرائيليين من أن يؤدي الهجوم إلى تعريض هؤلاء المحتجزين للخطر.
وقال نتنياهو إنه بالتحرك للقضاء على حماس فإنه يتصرف بدافع من مصلحة إسرائيل من أجل حمايتها من أي هجمات أخرى.
وتواجه إسرائيل اتهامات بالإبادة الجماعية، منها اتهام هذا الشهر من قبل أكبر مجموعة من خبراء الإبادة الجماعية في العالم، بسبب حملتها المستمرة منذ ما يقرب من عامين في القطاع الفلسطيني والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 64 ألف شخص، وفقاً للسلطات المحلية.
وترفض إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية في غزة، مشيرة لحقها في الدفاع عن النفس عقب هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وندد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بسلوك إسرائيل بسبب "القتل الجماعي" للمدنيين الفلسطينيين في غزة و"عرقلة وصول المساعدات اللازمة لإنقاذ الأرواح"، قائلاً إنه يتعين مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
ولم يصل تورك إلى حد وصف الحرب على غزة بأنها إبادة جماعية متواصلة مثلما طالبه مئات من موظفي الأمم المتحدة.
لكن في كلمته الافتتاحية أمام الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، عبر تورك عن فزعه مما وصفه "بالاستخدام العلني لخطاب الإبادة الجماعية" و"التجريد المشين لإنسانية" الفلسطينيين من جانب كبار المسؤولين الإسرائيليين.
وقال تورك "القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين في غزة على يد إسرائيل وما سببته من معاناة لا توصف ودمار شامل وعرقلتها وصول المساعدات اللازمة لإنقاذ الأرواح وما يترتب على ذلك من تجويع المدنيين، وقتلها للصحفيين، وارتكابها جرائم حرب الواحدة تلو الأخرى - كلها أمور تصدم ضمير العالم".
وأوضح "هناك أدلة كافية يتعين على إسرائيل تفنيدها أمام محكمة العدل الدولية، والأدلة تتزايد"، في إشارة إلى حكم محكمة العدل الدولية في يناير/كانون الثاني الذي يقضي بإلزام إسرائيل قانوناً بمنع أعمال الإبادة الجماعية.
واتهمت إسرائيل تورك بعدم الاهتمام بما وصفتها "الحقائق والتعقيدات".
أعلن منظمو "أسطول الصمود العالمي" أنّ قارباً ثانياً من الأسطول يحمل اسم "ألما" ويقلّ ناشطين ومساعدات لقطاع غزة تعرّض ليل الثلاثاء-الأربعاء أثناء رسوّه في المياه التونسية لـ"هجوم بمسيّرة"، وذلك غداة إعلانه عن ضربة مماثلة استهدفت قارباً أول ليل الاثنين.
وجاء في نص البيان "القارب الذي يبحر تحت العلم البريطاني، تعرّض لأضرار ناتجة عن حريق في سطحه العلوي وقد تمت السيطرة على الحريق، وجميع الركاب وأفراد الطاقم بخير وسلامة".
وقال البيان إن الهجوم "محاولة مدبّرة لتشتيت جهودنا وإفشال مهمتنا".
وقال عضو الهيئة التنظيمية لأسطول الصمود المغاربي نبيل الشنوفي: "للّيلة الثانية على التوالي نتعرض للقصف من قبل الكيان الصهيوني بعد استهداف سفينة ألما التي تحمل العلم البريطاني وعلى متنها تسعة أشخاص وجميعهم بخير. وما حدث لا يخيف الأسطول، لكننا ماضون قدماً في الموعد المحدد".