في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
القدس المحتلة- ترسل الحكومة الإسرائيلية الجيش في جولة جديدة من العمليات العسكرية في قطاع غزة ، في خطوة ينظر إليها على أنها مكلفة وخطيرة وغامضة الهدف.
ويعلق المستوى السياسي ممثلا برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- على عملية " عربات جدعون الثانية" الآمال نفسها التي كانت معلقة على الجولة الأولى، والتي لم تحقق أهدافها المعلنة وكلَّفت نحو 7.2 مليارات دولار.
بدأ جيش الإسرائيلي بتجنيد 60 ألف جندي احتياطي لجولة قتالية أخرى يُتوقع أن تستمر بضعة أشهر، ووافق وزير الدفاع يسرائيل كاتس على خطط العملية بعد عرضها عليه من رئيس الأركان إيال زامير ، رغم معارضته السابقة خشية أن تُعرِّض حياة الجنود والأسرى المحتجزين منذ قرابة عامين للخطر.
وتتفاعل في إسرائيل خطة احتلال قطاع غزة، وسط جدل واسع حول جدواها العسكرية وقدرتها على تحقيق الأهداف المعلنة.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن العملية ستتم على 4 مراحل، ويرجح أن تنطلق في سبتمبر/أيلول المقبل، بتكلفة عسكرية أولية تصل إلى نحو 6 مليارات دولار حتى نهاية العام، وتشمل تجهيز المعدات وتشغيل قوات الاحتياط.
وتتضمن الخطة تعبئة 60 ألف جندي احتياط من أصل 130 ألف جندي احتياط ستتم تعبئتهم خلال مراحل خطة احتلال المدنية، مع استدعاء ألوية متخصصة للهجوم المباشر على معاقل حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) في القطاع.
ويركز التخطيط على السيطرة على مناطق إستراتيجية، من دون تأكيد القدرة على هزيمة الحركة عسكريا بالكامل، مما يعكس إدراكا إسرائيليا محدودا حول إمكانية تحقيق انتصار شامل، بحسب إجماع المحللين والباحثين الإسرائيليين.
الأولى: التحضير والتعبئة:
الثانية: وتكون بالسيطرة على شمال القطاع ووسطه عبر:
الثالثة: اقتحام المناطق الحضرية في غزة وتتم بـ:
الرابعة: تثبيت السيطرة وإعادة الانتشار:
وتتلخص التحديات الميدانية والمخاطر، بحسب ما استعرضها المحلل العسكري في صحيفة "هارتس" عاموس هرئيل، باستمرار المواجهة مع المقاومة الفلسطينية، وأخطار متزايدة على حياة الأسرى الإسرائيليين ممن بقوا على قيد الحياة وعددهم 20، إضافة إلى احتمالات الهجمات الانتقامية ضد القوات الإسرائيلية التي ستكون في مصايد الموت، وتزايد الضغط السياسي والدبلوماسي من المجتمع الدولي.
بينما تكمن التداعيات المحتملة -بحسب هرئيل- في تزايد الضغوط الدولية، وارتفاع الخسائر البشرية في صفوف النازحين الفلسطينيين، وتفاقم الأزمات الإنسانية، وإمكانية توسيع نطاق المواجهات إلى مناطق مجاورة.
وفي سياق التحديات، يقول المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون إن حظر الأسلحة الألماني يثير قلق إسرائيل، إذ تعتمد دباباتها على محركات ألمانية تُجهّز في الولايات المتحدة قبل استيرادها.
وفي الوقت نفسه، بدأ الجيش بتعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، مع تمديد خدمة نحو 20 ألفا منهم، وخطط لمراحل إضافية في نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار في عام 2026، في محاولة لتخفيف استنزاف القوات المستمر.
وعن الجدل حول أهداف الحرب، يضيف زيتون أنه "مستمر، مع شكوك حول إمكانية هزيمة حماس أو إطلاق الرهائن"، وسط تراجع دافعية الاحتياط نتيجة الاستنزاف الطويل الذي انعكس بانخفاض معدلات الإبلاغ وزيادة حالات الانتحار بين المقاتلين.
وأوضح أن غياب خطة إستراتيجية لمستقبل غزة وتحويل الحملة إلى أداة سياسية للحكومة الحالية يزيد المخاطر على الجيش وفاعلية عملياته.
تحقيق للغارديان ومجلة 972 الإسرائيلية يكشف: معدل قتل المدنيين في #غزة بلغ 83%، وهناك مبالغة إسرائيلية كبيرة في تقدير الخسائر في صفوف حماس#حرب_غزة pic.twitter.com/SXeNK4RDCB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 21, 2025
كما تواجه الخطة رفضا إقليميا ودوليا واسعا، وسط تحذيرات من تداعيات الاحتلال على المدنيين الفلسطينيين، واحتمال تورط إسرائيل بتهجيرهم قسريا، مما قد يزيد من العزلة السياسية ويفاقم الضغوط الدولية والإقليمية على تل أبيب ، بحسب مديرة برنامج إسرائيل وأوروبا في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية "ميتفيم"، مايا زيون صدقيا.
وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، يقول المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إيتمار آيخنر "إن العملية تأتي في سياق متابعة المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة"، والتي سبق أن أبدت مخاوفها من تكثيف العمليات العسكرية التي قد تؤدي إلى أزمة إنسانية واسعة، مما يضع إسرائيل أمام تحديات دبلوماسية معقدة.
وفي المجمل -يضيف آيخنر- أن عملية "عربات جدعون الثانية" ليست مجرد حملة عسكرية، بل مشروع متداخل الأبعاد سواء العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدبلوماسية، مع آثار محتملة طويلة الأمد على إسرائيل والمنطقة بأسرها.
ويوضح المستشار المالي السابق لرئيس الأركان، العميد احتياط ساسون حداد، أبعاد هذه الخطوة الاقتصادية بأنها ستكلف الخزينة العامة عشرات المليارات من الشياكل، وهو عبء اقتصادي ثقيل بدأ بالفعل. ورغم غموض منطق الضغط العسكري على حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، فإن منطق السيطرة المدنية على القطاع أكثر وضوحا، ومعه حجم التكلفة الباهظة التي سيتحملها دافعو الضرائب.
ومنذ المرحلة الأولى للعملية العسكرية، سواء في التحضير والتعبئة لقوات الاحتياط، أو إعادة نشر الألوية الخاصة التي تضم عشرات الآلاف من الجنود والضباط، إلى دفع الرواتب الإضافية، واستئجار المعدات الثقيلة والوقود، يؤكد حداد لصحيفة "ذا ماركر" أن الاقتصاد الإسرائيلي سيواجه نفقات مالية غير مسبوقة ستستنزف الخزينة بشكل كبير.
ووفق قراءة المحرر في صحيفة "كالكاليست" يوفال أزولاي، فإن تكلفة العمليات العسكرية تؤدي إلى ارتفاع العجز العسكري في الميزانية العامة، مع تخفيض مؤقت للاستثمارات المدنية والمشاريع الاجتماعية، وضغط على صناديق الطوارئ وتمويل الخدمات الأساسية، إضافة إلى احتمال زيادة الضرائب أو الاقتراض لسد فجوة التمويل على المدى القصير.
وأوضح أن استمرار الإنفاق يرفع تكاليف تشغيل الجيش على المدى البعيد، مع احتمال إعادة تخصيص ميزانيات الطوارئ للتعامل مع أي تصعيد إضافي.