آخر الأخبار

كيف يستغل ترامب القانون للالتفاف على الكونغرس؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن- شهدت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية اختبارا جديدا للتوازن الدستوري بعدما صدّق مجلس النواب الأميركي يوم الجمعة الماضي على حزمة لخفض تمويل المساعدات الخارجية والبث العام بقيمة 9 مليارات دولار، كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد دفعت بها في يونيو/حزيران الماضي عبر آلية قانونية نادرة تعود جذورها إلى فترة ما بعد فضيحة " ووترغيت ".

وتستند هذه الخطوة -التي توصف بأنها "انتصار تشريعي" لترامب- إلى قانون "الاحتجاز المؤقت للتمويل" الذي أُقر عام 1974 بهدف كبح تجاوزات الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون حين امتنع عن تنفيذ قرارات الإنفاق التي أقرها الكونغرس.

واليوم، يعيد ترامب تفعيل هذا القانون، ليس بوصفه أداة للتنسيق مع الكونغرس كما أراده المشرعون في السبعينيات، بل كوسيلة لتجميد تنفيذ بعض الاعتمادات المالية مؤقتا ريثما يتم تأمين الأغلبية اللازمة لإلغائها.

أمر واقع

ورغم أن القانون يفرض مهلة لا تتجاوز 45 يوما لاتخاذ القرار فإن بعض الخبراء يشيرون إلى أن الإدارة الأميركية بدأت بتجميد الأموال قبل تقديم الطلب رسميا للإلغاء، في محاولة لفرض أمر واقع يسهم في تمرير الأجندة الرئاسية رغم المعارضة المحتملة داخل الكونغرس.

واعتبرت إدارة ترامب الخطوة انتصارا في معركة إصلاح الإنفاق العام، واصفة تمرير القانون بأنه خطوة مهمة نحو ضبط الإنفاق الوطني، حسب ما أكده مدير مكتب إدارة الميزانية روس فوت الذي قال "نحن سعداء بأن نذهب إلى أبعد مدى لتحقيق ذلك".

ويرى ديفيد سوبر المتخصص في القانون الإداري والقانون الدستوري وتشريع الميزانية بجامعة جورج تاون أن ما قام به ترامب لا يتماشى مع متطلبات قانون الاحتجاز المؤقت، بل يمثل استغلالا تقنيا للمهلة القانونية لفرض أمر واقع.

ويضيف سوبر للجزيرة نت أنه جمد الأموال دون إذن من الكونغرس، ثم سعى إلى تبرير ذلك لاحقا بطلب رسمي جاء بعد فوات الأوان، و"هذا انتهاك للقانون".

إعلان

وتشمل 9 مليارات دولار نسبة ضئيلة من الموازنة الفدرالية العامة البالغة 6.8 تريليونات دولار، وتهم برامج خاصة بالمساعدات الخارجية وتمويل البث العام وبعض المبادرات التعليمية.

وبينما يعارض جوش شافيتز أستاذ القانون الدستوري في جامعة جورج تاون -من حيث المبدأ- السياسات التي تتضمنها الحزمة فإنه لا يرى في تمريرها مساسا بمبدأ فصل السلطات.

وقال إن ما جرى لا يشكل تغولا تنفيذيا على الكونغرس، بل يمثل تنفيذا لصلاحياته الدستورية، حيث إن الإلغاء وقع عبر التصويت في مجلسي النواب و الشيوخ حسب ما يجيزه قانون 1974.

ويتابع شافيتز في حديثه للجزيرة نت أن ما يثير القلق أكثر ليس هو تمرير الحزمة الحالية لأنها اتبعت المسار التشريعي، بل الممارسات السابقة العديدة التي تقوم فيها الإدارة بتأجيل غير قانوني للصرف، وهو ما يمس جوهر رقابة الكونغرس على المال العام.

نمط متكرر

ويعيد هذا السجال القانوني إلى الأذهان سابقة مشابهة في عام 2019 حين أعلن ترامب حالة الطوارئ الوطنية لتحويل تمويلات مخصصة للبنتاغون نحو بناء الجدار الحدودي، بعد أن رفض الكونغرس تمويل المشروع.

ولجأ البيت الأبيض آنذاك إلى استخدام الصلاحيات الاستثنائية لتجاوز الإرادة التشريعية، وهو ما أسفر عن تقليص فعلي لميزانيات اتحادية دون المرور بموافقة الكونغرس.

وتطرح هذه الدينامية المتكررة تساؤلات أوسع عما إذا كانت إدارة ترامب تمضي نحو إعادة صياغة العلاقة بين الرئاسة والكونغرس، خاصة في ظل توقعات بأن يُستخدم هذا النهج مجددا في ملفات تمويلية أخرى مثيرة للجدل.

ويرى ديفيد سوبر أن كلتا الحالتين تكشف نمطا متكررا لدى الرئيس ترامب يقوم على استغلال الأدوات القانونية الظاهرة لإضعاف دور الكونغرس في تحديد أولويات الإنفاق، حيث كان خلال ولايته الأولى يحرص على إضفاء غطاء قانوني -ولو كان شكليا- على تحركاته، أما اليوم فقد بات يتجاهل القوانين الفدرالية بشكل صريح في مجالات تتجاوز الموازنة إلى الخدمة المدنية والتعريفات الجمركية وغيرها.

ويضيف للجزيرة نت "ربما يشعر ترامب الآن أنه في مأمن من المحاسبة السياسية بعد فوزه بولاية ثانية، أو لأنه أعاد تشكيل المحكمة العليا بطريقة تجعله أكثر ثقة في تمرير أجندته دون عوائق قضائية".

ترحيب وتحذير

في المقابل، يدافع إيلي بريمر القيادي الجمهوري والمرشح السابق لمجلس الشيوخ عن ولاية كولورادو عن خطوة ترامب.

وأكد بريمر -في تصريح للجزيرة نت- أن استخدام قانون يعود إلى 50 عاما لا يفقده مشروعيته، ويقول "هناك فئة تحب تصوير أي شيء يقوم به ترامب على أنه غير قانوني، فقط لأنه يختلف مع أجندتها".

وأضاف "لا أرى أي ضير في أن تلجأ أي إدارة إلى ما هو متاح لها في القانون لتحقيق أولوياتها ما دام ذلك يجري في إطار مؤسساتي وعلني، وقد يستخدم الديمقراطيون نفس الأسلوب في قضايا تتعلق بالمناخ مثلا أو برامج أخرى".

ورغم أن الجمهوريين احتفوا بتمرير الحزمة بوصفها "انتصارا للانضباط المالي" فإن بعض الأصوات حذرت من أن هذه السابقة قد تفتح الباب أمام ردود فعل مماثلة من الحزب الديمقراطي ، وهو ما سيضعف التعاون المستقبلي بين الطرفين ويؤدي إلى تفاقم الاستقطاب والفوضى في عملية اعتماد الموازنات.

إعلان

ويعتقد أشلي أنصارا عضو الحزب الجمهوري في ولاية فلوريدا أن ترامب يحاول تحدي الكونغرس من خلال هذا القانون، مشيرا إلى واقعة عام 2020 حين جمدت إدارته تمويلا كان موجها إلى أوكرانيا، وهو ما اعتُبر حينها خرقا للقانون.

ويضيف أنصارا في حديثه للجزيرة نت "السؤال الحقيقي الذي يُطرح: ماذا سيحدث لو استعاد الديمقراطيون الأغلبية في الانتخابات المقبلة؟ وكيف ستتصرف الإدارة حينها؟"، ويؤكد أن الصراع الدستوري بين الرئاسة والكونغرس سيبقى مفتوحا، والجميع يترقب ما ستسفر عنه انتخابات التجديد النصفي المقبلة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل سوريا أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا