آخر الأخبار

الانقسام يتعمق بإسرائيل.. والجيش ينتظر القرار الأخير في غزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الجيش الإسرائيلي

مع اقتراب العملية العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ"عربات جدعون" من نهايتها في قطاع غزة، تواجه إسرائيل مفترق طرق حرجًا: إما الذهاب إلى صفقة تبادل شاملة تنهي الحرب وتعيد المحتجزين الإسرائيليين، أو الانصياع لضغوط الأحزاب اليمينية المتشددة والاستمرار في التصعيد العسكري.

لكن ما يزيد المشهد تعقيدا هو التجاذب الحاد بين المؤسسة الأمنية والعسكرية من جهة، ورئاسة الحكومة المتمسكة بخياراتها السياسية من جهة أخرى.

الخيار الصعب

بحسب مصادر إسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي يعتبر أن العملية العسكرية " عربات جدعون" قد استوفت أهدافها، بعد أن سيطر على نحو 70بالمئة من قطاع غزة، ويقف الآن على مشارف قرارات تتعلق باحتلال مناطق إضافية في حال فشل مفاوضات الهدنة. الجيش مستعد، لكن ينتظر قرارا سياسيا حاسما.

في المقابل، يلوّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخيار توسيع العمليات، مع الإصرار على أن حماس تتحمل مسؤولية فشل المسار السياسي. وقد أعلن أن إسرائيل وافقت على المقترح الأمريكي، متهمًا الحركة بأنها ترفض الصفقة من أجل الحفاظ على قوتها وإعادة تسليح نفسها.\

فجوة متسعة داخل الحكومة والمجتمع الإسرائيلي

القرار بشأن المرحلة المقبلة لا يتوقف فقط على تعقيدات الملف التفاوضي، بل يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالصراعات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل. إذ تصاعدت الخلافات بين نتنياهو من جهة، وحلفائه من الأحزاب اليمينية المتشددة – وعلى رأسهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – من جهة أخرى، الذين هددوا بإسقاط الحكومة إذا تم التوصل إلى اتفاق يسمح لحماس بالبقاء في السلطة.

القناة الثانية عشرة الإسرائيلية كشفت أن بن غفير أجرى اتصالات هاتفية مع وزراء في حزب "الليكود"، لمحاولة التأثير عليهم ومنع تمرير صفقة تتضمن وقف إطلاق النار مقابل إطلاق المحتجزين.

وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن عشرة وزراء في الحكومة قد يعارضون أي اتفاق يُبرم دون "حسم" عسكري كامل.

مأزق تفاوضي في الدوحة

على الصعيد التفاوضي، تمر المفاوضات الجارية في الدوحة بحالة جمود واضحة، وسط تعقيدات تتعلق بمطالب إسرائيلية بالإبقاء على وجود عسكري على 40 بالمئة من مساحة القطاع، بعمق يصل إلى ثلاثة كيلومترات.

وهو ما ترفضه حماس بشكل قاطع. في محاولة لتجاوز العقبات، ذكرت صحيفة " إسرائيل هيوم" أن الحكومة الإسرائيلية ستعرض خطة جديدة تتضمن ثلاث نقاط رئيسية: إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خلال وقف إطلاق النار، تنظيم آلية إيصال المساعدات، وضمان إشراف دولي عليها.

ورغم هذا، لم تُخفِ هيئة البث الإسرائيلية تحذيرات الجيش من أن خطة إنشاء "مدينة إنسانية" في رفح لإيواء سكان القطاع قد تُفشل مفاوضات التبادل، وتكلّف خزينة الدولة ما يصل إلى 5 مليارات دولار، في وقت تعاني فيه إسرائيل من أزمة مالية حادة بعد سنتين من الحرب.

الجيش يفضل الحل السياسي

أشار الكاتب والمحلل السياسي شلومو غانور، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، إلى وجود رغبة لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية بإنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل. وأضاف أن أغلب استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي تؤيد هذه المقاربة، حيث يُظهر أكثر من 70% بالمئة من الإسرائيليين دعمهم لإنهاء الحرب، واستعادة المحتجزين عبر صفقة.

مع ذلك، فإن نتنياهو، بحسب غانور، لا يغلق الباب أمام المفاوضات، لكنه في الوقت ذاته يحاول المناورة سياسيًا بين مطالب المؤسسة الأمنية وضغوط الجناح اليميني، وسط توتر متزايد في الشارع الإسرائيلي الرافض لإطالة أمد الحرب.

نتنياهو، الذي يدرك اقتراب دورة الانتخابات المقبلة، يسعى، بحسب غانور، إلى الحفاظ على تماسك حكومته حتى نهاية العام الحالي، عبر احتواء التهديدات القادمة من حلفائه اليمينيين، وتأجيل أي انفجار سياسي قد يؤدي إلى انهيار الائتلاف.

مشروع المدينة الإنسانية

من أبرز القضايا المثيرة للجدل في الساعات الأخيرة، تقرير موقع "واللا" الإسرائيلي الذي كشف أن الحكومة تفكر جديا بإنشاء "مدينة إنسانية" في رفح، بكلفة تصل إلى 5 مليارات دولار، لإيواء سكان غزة.

غير أن هذا المشروع قوبل بتحذيرات شديدة من الجيش الإسرائيلي، نظرًا لما قد يسببه من ضرر سياسي وإنساني، واحتمال استخدامه كورقة ضغط في المفاوضات.

وبينما ترى بعض الجهات داخل الحكومة أن المشروع قد يُستخدم كوسيلة لترهيب حماس، يربطه مراقبون – وفقًا لغانور – بخطط يمينية تهدف إلى إفراغ القطاع من سكانه، وإعادة بناء مستوطنات إسرائيلية مكانهم.

وهي فكرة وصفها غانور بـ"الخيالية وغير القابلة للتحقيق" نظرًا لتبعاتها القانونية، والأمنية، والأخلاقية.

خارطة ما بعد الحرب

في حال تم التوصل إلى اتفاق، فإن الرؤية الإسرائيلية لما بعد الحرب تبدو واضحة بحسب ما أعلنه نتنياهو. وتشمل هذه الرؤية:


* نزع سلاح حركة حماس بشكل كامل.
* تحويل قطاع غزة إلى منطقة منزوعة السلاح.
* إدارة مدنية مؤقتة يقودها الجيش الإسرائيلي لحين تشكيل هيئات فلسطينية محلية مستقلة عن السلطة الفلسطينية.
* ضمان عدم عودة غزة لتكون قاعدة لهجمات ضد إسرائيل.

هذه التصورات، وإن كانت تلقى دعمًا داخل بعض الدوائر الأمنية والسياسية، إلا أنها تفتقر إلى إجماع دولي، وتواجه رفضًا فلسطينيًا قاطعًا، كما أن نجاحها يتطلب موافقة إقليمية غير مضمونة، ومظلة دولية لم تتضح معالمها بعد.

القرار الأخير بيد نتنياهو

عند تقاطع المعادلات الأمنية والسياسية، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه أمام أكثر اللحظات حرجًا في مسيرته السياسية: هل يختار المسار الذي تفضله المؤسسة العسكرية والمجتمع الإسرائيلي بإنهاء الحرب عبر صفقة تبادل؟ أم يخضع لضغوط شركائه المتشددين ويستمر في حرب مفتوحة قد تكلف إسرائيل المزيد سياسيًا واقتصاديًا؟

تبدو الأيام المقبلة حاسمة، ليس فقط لمصير المحتجزين في غزة، بل لمستقبل الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وشكل العلاقة مع الفلسطينيين في اليوم التالي بعد الحرب. والقرار، في النهاية، سيكون اختبارًا لمعادلة طالما أجاد نتنياهو التلاعب بها: البقاء السياسي أم المجازفة الوطنية؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا