في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طهران- على وقع تصاعد وتيرة الضربات المتبادلة بين تل أبيب وطهران لليوم الخامس على التوالي تتواصل الدعوات الإقليمية والدولية لاحتواء التصعيد وفتح مسارات للحوار تمهيدا لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، لكن إيران أبلغت الوسطاء عدم استعدادها لخوض مفاوضات في وقت تتعرض فيه لهجوم إسرائيلي مستمر.
وإذ نقلت وكالة رويترز عن مسؤول مطلع على الاتصالات الجارية قوله إن الإيرانيين أوضحوا للوسطاء أنه "لن تكون هناك مفاوضات جدية قبل أن تستكمل إيران ردها على الضربات الاستباقية التي شنتها إسرائيل" رسم موقف طهران علامة استفهام عن سبب إصرارها على ضرورة استيفاء حقها بالرد القوي والموجع لتل أبيب قبل السماح للوساطات بالتحرك.
وبينما يبحث المراقبون بطهران في مواقف المرشد الأعلى علي خامنئي للوقوف على توجهات الجمهورية الإسلامية -ولا سيما على صعيد سياستها الخارجية- نجد أنه توعد إسرائيل بـ"مواجهة تداعيات قاسية جراء هجومها الواسع" على بلاده، مؤكدا أن القوات المسلحة الإيرانية "ستجعل الكيان الصهيوني الخبيث في حالة يرثى لها".
ولدى تعليقه على الهجوم الإسرائيلي على بلاده وعد خامنئي الشعب الإيراني بـ"عدم التهاون في الرد"، مشددا -في خطاب تلفزيوني تزامن بثه وانطلاق أولى موجات القصف الصاروخي على إسرائيل- على أن "الكيان الصهيوني لن ينجو بسلام من هذه الجريمة".
وعلى الرغم من أن مقولة "لسنا دعاة حرب وإنما نريد السلام" تكاد تتحول إلى جزء ثابت في خطابات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ، لكن مهاجمة طهران في خضم خوضها مفاوضات مع الجانب الأميركي لا تمنع مستشاره السياسي مهدي سنائي من التأسي بالمقولة اللاتينية الشهيرة "إذا أردت السلام فاستعد للحرب".
ونقلت صحيفة "إيران" الحكومية عن سنائي قوله إنه "في اللحظة التي كانت فيها المفاوضات النووية تقترب من أفق واضح اعتدى الكيان الإسرائيلي على بلدنا، وهو ما يخالف ميثاق الأمم المتحدة وينتهك بديهيات القانون الدولي، فكان في الواقع هجوما على الدبلوماسية وإمكانية التوصل إلى اتفاق، بلا شك فإن أي إعادة محتملة للمفاوضات تمر عبر الشجاعة والرد الحازم على المعتدي".
عسكريا، اعتبر الحرس الثوري الإيراني أن عملية " الوعد الصادق 3″ تمثل انطلاقة فعلية لـ"مسار الانتقام الوطني" من إسرائيل، محذرا إياها -في بيان له- من أن "عصر الجرائم بلا عقاب قد ولى إلى غير رجعة"، وشدد على أن العمليات العسكرية الإيرانية ستدخل مراحل تصعيدية أوسع بناء على ما وصفه بـ"حق الرد المشروع".
ومن أجل "استيفاء الجمهورية الإسلامية حقها المشروع بالرد على الاعتداء الإسرائيلي"، يشير الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه إلى أن الكيان الإسرائيلي يعد "طرفا معتديا" بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، مما يلزمه بتسديد تعويضات كاملة عن الأضرار وتلقّي إدانة دولية، مما يبرر لطهران التصدي لمخالفاته المتكررة.
وفي مقال نشره بصحيفة "آرمان ملي" تحت عنوان "الرد علی الاعتداء" يسلط فلاحت بيشه الضوء على مبدأ "المباغتة العسكرية" لتحقيق تفوق سريع في الحروب التي تشنها إسرائيل على محيطها العربي، بدءا من حرب عام 1967 حتى العدوان الأخير على حزب الله ، مؤكدا أنه مهما طالت فترة الحرب تتآكل فاعلية هذه المنهجية العسكرية لدى تل أبيب.
وبينما يعتقد الكاتب أن الضربات الصاروخية الإيرانية أضحت تُحدث خسائر "غير مسبوقة" في تاريخ صراعات إسرائيل الإقليمية يرى أن استمرار الحرب التصعيدية سيعزز فاعلية الردع الإيراني، وستزيد الضربات "إيلاما وحسما" مع تحول الصراع إلى معركة استنزاف طويلة المدى.
وفي السياق، تصف افتتاحية صحيفة "سياست روز" الحديث الأوروبي عن ضرورة وقف إطلاق النار عبر السبل الدبلوماسية "نفاقا" يهدف إلى شراء الوقت ومنح الجانب المعتدي فرصة لإعادة ترتيب أوراقه واستعادة قواه بعد تلقيه ردا صاعقا لم يكن في الحسبان، متسائلة عن سبب تقاعس القوى الغربية عن التحرك لوقف إطلاق النار في قطاع غزة طالما امتلكت إسرائيل اليد العليا في تلك المعركة.
وفضلا عن "الدوافع العقائدية التي تحول الصراع مع الكيان المحتل -الذي طالما تمادى في عدوانه ضد فصائل محور المقاومة- من نزاع سياسي إلى واجب ديني" تهدف طهران عبر ضرباتها الصاروخية إلى تكريس نظرية "الردع المتقابل" وتدمير صورة أسطورة "إسرائيل التي لا تُقهر" في وعي الرأي العام العالمي.
وقد لا يكون هناك مبرر لذهاب إيران إلى مفاوضات من أجل وقف إطلاق النار طالما تمكنت من إحداث تحول مفاجئ في موازين القوة العسكرية، وذلك في ظل تراجع أسهم شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية بعد إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية 4 من مقاتلات الشبح " إف-35 ".
وفي الشأن نفسه، كتبت صحيفة "سياست روز" في تقرير تحت عنوان "بيدق ملك المعركة الجوية في قبضة النمور الإيرانية" أن التصعيد الأخير كشف عن نقلة نوعية في منظومات الدفاع الجوي إيرانية الصنع، ومنها منظومة " باور-373 " التي حولت سماء الجمهورية الإسلامية إلى "ساحة صيد" للمقاتلات المتقدمة، متحدية عقودا من الهيمنة التكنولوجية الغربية.
وتشهد أسواق الذهب العالمية تراجعا ملحوظا في ظل التصعيد الإيراني الإسرائيلي، في حركة يفسرها مراقبون إيرانيون على أنها مؤشر على تحويل كبار المستثمرين أصولهم من الذهب نحو شراء النفط الخام، في استباق لموجة ارتفاع متوقعة جراء التصعيد العسكري بالشرق الأوسط قد يدفع الخام إلى مستوى 100 دولار للبرميل.
ويعتبر الناشط الاقتصادي آرش إيراني -في تحليل نشره علی قناته بمنصة تليغرام- أن بلاده تمتلك ورقة ضغط حاسمة عبر قدرتها على تعطيل إمدادات النفط العالمية جراء إطالة أمد المواجهة مع إسرائيل، مما قد يُحدث صدمة مشابهة لأزمة 2008 حين قفز الخام من 70 إلى 147 دولارا تحث بدورها القوى العالمية الكبرى على الضغط على تل أبيب من أجل منع اقتصاداتها من الإفلاس.